الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند وصفقة أميركا النووية

الهند وصفقة أميركا النووية
28 يونيو 2008 22:02
تمكنت الحكومة الهندية يوم الأربعاء الماضي من تجنب أزمة سياسية بتأجيلها النظر في صفقة نووية مهمة مع الولايات المتحدة تهدد بإسقاط الحكومة؛ ففي هذه اللحظة يخوض رئيس الوزراء الهندي ''مانهوماني سينج'' معركة شرسة مع حلفائه الشيوعيين في الحكومة الائتلافية بشأن صفقة متأخرة حول تكنولوجيا الطاقة النووية بعدما تم الاتفاق عليها مع الرئيس ''بوش'' في العام ،2005 وهكذا وفي يوم الأربعاء الفائت عقدت الحكومة الهندية بقيادة حزب المؤتمر اجتماعاً حاسماً للبت في الموضوع مع حلفائها الشيوعيين· وبعد الاجتماع خرج وزير الخارجية في الحكومة ''براناب موكيرجي'' على الصحفيين ليخبرهم أن الطرفين سيلتقيان مجدداً بعد أسبوعين، وهو ما يجعل من إمكانية تمرير الصفقة النووية مع الولايات المتحدة أمراً مستبعداً، وتكمن أهمية الاتفاق النووي الذي يمنح الهند حق الاستفادة من الوقود النووي الأميركي، رغم أنها خارج معاهدة عدم الانتشار النووي، في أنه يكرس الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين الهند وأميركا· لكن الصفة التي تسعى الحكومة إلى إقرارها، تواجه معارضة شديدة من قبل الشيوعيين لأسباب أيديولوجية أو لدواعي الاستقلالية، ويعتقد رئيس الوزراء أنه رغم صعوبة تمرير الاتفاق، إلا أنه ينطوي على أهمية كبيرة بالنسبة للهند، لا سيما أن نقص الطاقة يهدد بتحجيم النمو الاقتصادي، ويهدد الشيوعيون الذين يساندون الحكومة دون أن يكونوا جزءاً منها بسحب ثقتهم إذا ما أصر ''سينج'' على المضي قدماً في إتمام الصفقة النووية مع الولايات المتحدة، لكن ''سينج'' أقسم بأنه سيواصل جهوده لإقرار الصفقة التي يعتبرها مهمة للمصالح الهندية، حيث نشرت الصحف الهندية في الأسبوع الماضي تقارير تفيد بأن رئيس الوزراء هدد بالاستقالة في حالة الفشل· ومع ذلك اتضح في اجتماع يوم الأربعاء الماضي أن الاعتبارات السياسية للحكومة تطغى على المواقف المبدئية لرئيس الوزراء ''سينج''، رغم أن الوقت المحدد لتمرير الصفقة يمر بسرعة، فقد أعلن مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية أنه يتعين على البرلمان الهندي المصادقة على التزام الحكومة إزاء الصفقة النووية خلال هذا الشهر ليُتاح للكونجرس الأميركي تحويل الاتفاق إلى قانون قبل مغادرة ''بوش'' للبيت الأبيض، وفي هذا الإطار يقول ''ماهيش نارجرجان'' -المحلل السياسي في نيودلهي-: ''لقد اقتربت الحكومة من الحافة ثم تراجعت في آخر لحظة لتكسب بعض الوقت، لكني لا أعتقد أن الحكومة، أو الحزب الشيوعي مستعدان لتنظيم انتخابات مبكرة''، والواقع أن الحكومة متوجسة من تنظيم انتخابات مبكرة بسبب ارتفاع معدل التضخم إلى أعلى مستوى له خلال 13 سنة· ومع أن التوقيت المرتقب للانتخابات الهندية المقبلة سيكون في مايو من العام ،2009 واستبعاد عقد انتخابات مبكرة قبل نوفمبر من السنة الجارية، إلا أن الحكومة في حاجة إلى وقت من أجل السيطرة على أسعار المواد الغذائية بعد الزيادة الأخيرة التي أضرت بالشرائح الفقيرة والمتوسطة في الهند، وبالنسبة للهنود الذين يعيش أكثر من نصفهم بأقل من دولارين في اليوم يعتبر سعر الأرز أهم من الاتفاقات الدولية التي تسعى الحكومة إلى تمريرها· ويجادل بعض المحللين أن الوقت ربما يكون قد تأخر فعلا على تمرير الصفقة النووية مع الولايات المتحدة، ذلك أنه لكي يصادق الكونجرس الأميركي على الصفقة ويحولها إلى قانون لا بد أولا من ترخيص الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالإضافة إلى مجموعة الدول الموردة للطاقة النووية، ولعل هذا ما دفع السيناتور الديمقراطي ''جوزيف بايدن'' إلى التصريح بأنه من غير المرجح تمرير الصفقة خلال فترة الرئيس ''بوش''، ويتفق مع ذلك ''براهما شيلاني'' -أستاذ الدراسات الاستراتيجية في معهد الأبحاث السياسية بنيودلهي- قائلا: ''لم يبق وقت الآن، إذا أراد رئيس الوزراء المضي قدماً في الصفقة فإن الوقت ليس إلى جانبه''، ولأن توقيع المعاهدة النووية مع الولايات المتحدة سيتيح للهند الاستفادة من الوقود النووي إلى جانب التكنولوجيا المتطورة في هذا المجال، فهي تعتبر ذات فائدة كبيرة بالنسبة للهند وإنجازاً حقيقياً لحكومة ''سينج''، ومن شأن المعاهدة أيضاً أن تقرب بين ''واشنطن'' و''نيودلهي'' وتعزز المكانة الدولية للهند، في حين أن النكوص عن المعاهدة سيأتي بنتائج عكسية· ويأتي هذا الجدل الذي يحيط بالصفقة النووية، في وقت تواجه فيه الهند مصاعب اقتصادية مرتبطة بارتفاع معدل التضخم والزيادة التي شهدتها أسعار المواد الغذائية، وقد كان لافتاً إقدام البنك المركزي الهندي يوم الثلاثاء الماضي على رفع سعر الفائدة للمرة الثانية خلال أسبوعين، وفي الأسبوع الماضي سحبت إحدى الشخصيات السياسية البارزة المتحالفة مع الحكومة المعروفة باسم ''ماياواتي'' تأييدها للحكومة احتجاجاً على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والأكثر من ذلك الخسارة التي مني بها حزب المؤتمر الحاكم أمام حزب ''باهاراتيا جاناتا'' في الانتخابات المحلية بولاية ''كارناتكا'' الجنوبية، ولم تكن تلك مجرد الخسارة التاسعة لحزب المؤتمر في 11 جولة انتخابية نظمت منذ يناير ،2007 لكنها كانت أيضا المرة الأولى التي يفوز فيها الحزب الهندوسي القومي ''باهاراتيا جاناتا'' في ولاية جنوبية، رغم أنه تقليدياً محسوب على الشمال، لكن المحللين يرون بأن تأجيل التصويت على الصفقة النووية لن يخفف من وطأة الضغوط الملقاة على عاتق الحكومة، فإما أن يصر ''سينج'' على تمرير الصفقة ويخوض انتخابات مبكرة بسبب معارضة الحزب الشيوعي، أو يتخلى عن إنجازه الذي أراد أن يخلفه وراءه والمتمثل في إبرام المعاهدة النووية مع الولايات المتحدة· ميان ريدج-نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©