الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسرحية «فيلم سينما».. الكلام غير المباح صار مباحاً

مسرحية «فيلم سينما».. الكلام غير المباح صار مباحاً
27 أغسطس 2009 01:41
«مرحبا أنا حسام عبد اللطيف بدي أعمل «فيلم سينما».. يقاطعه بائع البندورة منادياً بصوت عالٍ.. يقاطعه جرس الهاتف.. تقاطعه ثرثرة زوجته.. تقاطعه أصوات الغارات الجوية والقصف والدمار، بهذا المشهد تبدأ مسرحية «فيلم سينما» التي قدمتها فرقة البيادر المسرحية في غزة أيضاً، على خشبة مسرح المسحال، لكن الثيمة التي وظفتها المسرحية تختص أكثر بالثقافة والمثقفين. تدور أحداث المسرحية وسط ديكور يشعرك للوهلة الأولى بأنك في استوديو (بضعة كراسٍ خشبية، وحبال شرائط الفيديو متراكمة بشكل عشوائي على الأرض ومعلقة على بضعة هياكل خشبية تبدو كأنها أبواب مفتوحة، وحامل كاميرا ) ثم تكتشف أنك أمام شاب يحلم، ويثرثر لزوجته العائدة إلى الوطن بعد اغتراب طويل حاملة أحلاماً وآمالاً عريضة، لكنها اصطدمت بواقع اجتماعي وثقافي مرير تكسرت على صخرته أحلامها. ورغم ذلك تجده لا زال يحلم بأن يصور فيلماً سينمائياً يتحدث عن واقع الحال وينقل تفاصيل وهموم الناس البسطاء. وتستمر اللوحات الدرامية الغنية بالدلالات والرموز والإيحاءات، لتجسد الوضع الفلسطيني وتحلم بغد مشرق يكون المثقف فيه بوصلة السياسي الحقيقية. الأحلام المنسية المسرحية تحكي عن أحلام الناس المنسية والبحر والغربة في الوطن، وقد نجحت في نقل الواقع الغزي الذي يحفل بالمضايقات والحصار وحالة الانقسام، كما نجحت في طرح تساؤلاتها السياسية والاجتماعية بشكل مباشر دون مواربة، مبرزة عبر اللوحات البصرية ضخامة المأساة التي يعيشها الفلسطينيون على كافة الصعد، وما يعانيه المثقف من تهميش واستهانة بإنجازاته. وقد لجأ المخرج لتوظيف بعض المقطوعات الموسيقية الدالة على الحروب والارتباك. كما تنقل بين ذاكرة الحلم والأمل بالعودة إلى فلسطين وذاكرة المأساة والمعاناة وتهميش المثقف وإغلاق دور السينما الأربعة في غزة. وقال الكاتب والناقد يحيى رباح عن العرض: «أنا سعيد جدا بهذا العرض الذي قدمته فرقة البيادر المسرحية. بلا شك قدمت الفرقة على مستوى الفكرة والحوار إشارات قوية حول حالتنا في غزة، وكيف اننا بحاجة فلسطينياً لأن نكسر هذا الحصار. وربما تكون فكرة إيجاد سينما ودور عرض سينمائية هاجساً واضحاً في العمل لكنها ليست الفكرة الوحيدة، فهناك معانٍ وإضاءات كثيرة حول الواقع الثقافي والاجتماعي. بالنسبة إلى الممثلين أرى أنهم قدموا أدوارهم بشكل رائع. لقد رأيتهم يؤدون أدواراً جيدة في السابق لكنهم اليوم تفوقوا على أنفسهم. علي أبو ياسين وإيناس السقا وأكرم عبيد قدموا صورة من الإبداع والحيوية، وتستحق الفنانة إيناس السقا إشادة خاصة، فقد رأيتها في مسرحية «الدب» للكاتب المسرحي تشيخوف واليوم رأيتها تؤدي شخصية أخرى مختلفة تماماً، وهذا يعكس قدرتها على التكيف وتقمص الدور. إنها حقيقية وأتمنى لها النجاح». نحو الحياة الفنان المسرحي علي أبو ياسين قال: «حاولت أن أعبر عن طموح وأمال شعبنا نحو بناء مجتمع مفعم بالحياة. ومسرحية «فيلم سينما» تتحدث عن الحلم والهم الفلسطيني، وعن مخرج يحاول أن يصنع فيلماً سينمائياً في غزة رغم كل المعيقات الاجتماعية والسياسية ويظل مصراً على إخراج هذا الفيلم ليرى النور، وعن العلاقات الإنسانية وما يعجز الكثيرون عن البوح به. وأشار إلى أن الإعداد لهذا العرض استغرق أربع سنوات بالتعاون مع خليل مزين، وشكر مؤسسة «المسحال للثقافة والعلوم» على دورها في دعم المسرحيين. أما الفنانة إيناس السقا فأكدت أن ما شجعها على المشاركة في هذا العمل أنه «نابع من قاع المجتمع الغزي»، مضيفة أن «كل فنان يحترم ذاته سيعمل على دعم الثقافة في قطاع غزة لتكون بوصلة للسياسيين لأن المثقف هو الأساس». ولفتت إلى أن «خوض غمار التجارب التي لها علاقة بالهم الفلسطيني بحد ذاته أمر له خصوصية. وإذا تحدثنا على المستوى التقني فإن المسرحية بادرت لطرح قضايا تمس الحياة الاجتماعية للمواطن عبر توظيف جميل وموقف إنساني رائع». جدير بالذكر أن حسين الأسمر واحد من أهم المسرحيين الفلسطينيين، وهو صاحب تجربة مسرحية ممتدة تربو على 47 عاماً. نمت براعمها الأولى منذ كان طالباً في المرحلة الابتدائية في مخيم النصيرات وسط غزة، واشتد عودها بتخرجه من قسم التمثيل والإخراج بأكاديمية الفنون بالقاهرة عام 1971 لتثمر عدداً كبيراً من المسرحيات المحلية والعربية والعالمية في محطات اللجوء في كل من القاهرة و دمشق و صنعاء، قبل أن يحط رحاله في غزة مع عودة السلطة الفلسطينية. وهو عدا عن ذلك دارس متخصص نال درجة الدكتوراه في شؤون المسرح وساهم في بناء العديد من الفرق المسرحية العربية والفلسطينية وشغل عدة مناصب منذ تخرجه، حيث عمل مسؤولاً للمسرح الوطني الفلسطيني بدمشق قبل أن ينتدب للعمل كخبير مسرحي في وزارة الثقافة والإعلام اليمنية بصنعاء عام 1976، والتي أخرج لها العديد من المسرحيات وأسس لها فرقة الجديدة المسرحية. عام 1984 غادر اليمن إلى تونس وهناك انتخب أميناً عاماً مساعداً للاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين التعبيريين ثم رئيساً للمجلس الإداري ومازال، وفي عام 1994 عاد إلى صنعاء مرة أخرى وأسس فيها جماعة المسرح العربي وانتخب رئيساً لها وشارك في تأسيس الاتحاد العام للفنانين العرب بالقاهرة والاتحاد العام للمسرحيين العرب ببغداد إلى جانب مشاركته في العديد من المهرجانات المسرحية العربية بصفته مخرج أو ممثل أو ناقد مسرحي. «فيلم سينما» من إخراج د. حسين الأسمر وأداء وتمثيل علي أبو ياسين وإيناس السقا، وأكرم عبيد، فكرة خليل المزين وهو الذي أعد الديكور الخاص بها، وأعد لها المعالجة الدرامية د.عاطف أبو سيف، وقام بإعداد النص علي أبو ياسين، وأشرف على الإضاءة وائل المسحال، وقام بتنفيذ الموسيقى والمؤثرات الصوتية فادي أبو ياسين، وأخيراً البوسترات تصميم عماد بدوان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©