الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«زاوية العميان» .. رواية البسطاء والمنسيّين والدروب الضيقة

«زاوية العميان» .. رواية البسطاء والمنسيّين والدروب الضيقة
27 أغسطس 2009 01:54
بعد مجموعته القصصية «حجر دافئ» التي توجت بجائزة الشارقة للإبداع العربي في دورة 2007، وبعد روايته «أرواق عبرية» التي فازت بجائزة اتحاد كتاب المغرب. يطل علينا الروائي والقاص المغربي الشاب حسن رياض بروايته الجديدة التي سماها «زاوية العميان» وذلك ضمن سلسلة «إبداع» التي تصدرها وزارة الثقافة. جاءت هذه الرواية في 145 صفحة من الحجم المتوسط بغلاف معبّر يمثل أحد الأبواب القديمة لبيت من بيوت مدينة آسفي مسقط رأس الكاتب والفضاء الذي تجري فيه أحداث الرواية. بين الأزقة حسن رياض في روايته هذه يحاول التوغل بعمق في حياة أبطال روايته، ساردا التفاصيل الدقيقة لحياتهم اليومية البسيطة في أزقة ودروب ضيقة من مدينة آسفي التي يفوح منها عبق البحر والتاريخ، كما يسعى الى القبض على لحظات ومواقف عاشها الكاتب كما عاشها أبطال روايته. شخصيات روايته أغلبها من المتشردين والبحارة والفقراء والشيوخ وأصحاب الحوانيت الصغيرة في الدروب الضيقة، والعاطلين عن العمل، والفقهاء والخزافين، والحكواتيين، والمتقاعدين والمومسات وأصحاب الحانات وغير هؤلاء. قارئ الرواية سيتجول في حارات وأزقة مدينة آسفي الضيقة، وسيجالس أناسها البسطاء، وقد برع الكاتب ليخلق التلاحم الجميل بين الزمان والمكان وهو ما منح للرواية طعمها الخاص وقيمتها الأدبية الرفيعة، كما أن بساطتها السردية تجعلها تقترب من قلب القارئ وتشده إليها بقوة من أول الصفحات حتى آخر مشهد. بعيداً عن النخبوية عمل الروائي بفنية واحترافية عالية ليحول الكلام العادي بين أبطال روايته الى محكي سلس بلغة سهلة تنفذ الى قلب القارئ وهذا يمنح للرواية قيمتها التوثيقية. ونصه هذا يقترب من القارئ العادي بقدر ما يبتعد من القارئ «النخبوي». ونلاحظ في رواية «زاوية العميان» تداخل السِّيري بالروائي وفق قوالب فنية دقيقة اكتسبها حسن رياض بعد سنوات من الحفر في جسد الرواية، كما أن هذه الرواية طبخت على نار هادئة لمدة تزيد عن أربع سنوات من 2002 الى 2006. يقول حسن رياض في فصل من فصول هذه الرواية: «لو تأمل حسن الشحاذ مليا الزقاق القصير، لظن أن حليمة قد رحلت الى الأبد، لكنه ما كاد يقترب من زاوية العميان القديمة حتى ضاعف من خطواته وهو يحدق في الزقاق بجانب عينيه، قبل أن تأخذه الطريق، آه لو رآها هذه المرة لنسي حكاية قدمه ولذاب وجده في عشق لا أمل منه، ولكن لم يعد لحسن الشحاذ حتى حق التحية العابرة، حتى وهو في بيته كان يشعر بالخجل كلما تفجرت ينابيع الذكريات ورآها. وهي تخرج من خيمة الشيخ عبد القادر صباح ذلك اليوم وتمرق من أمامه بكل سحرها الذي خبأته تحت بطانية سوداء خشنة. أحيانا كان يبدي بعض العناد ويخرج ليراقبها من بعيد بعد أن حشر نفسه في إحدى الزوايا المظلمة، حيث بقايا الأقواس الحجرية القديمة، ولم يفاجأ الشارجان بذلك. لأنه هو الذي أحيا فيه مرارة ذلك السحر، حين أخبره بأن حليمة تتردد على بيتها برفقة غرباء. عبد الله الفار لم ير حليمة قط، كان كلما تذكرها إلا وتساءل عن سر غيابها دون أن يهتدي الى فكرة معينة. صحيح أنه كان يشعر بأن ثمة حركة في بيتها، جلبة ما، أصواتا خافتة، لكن قدميه كانتا تخوناه كلما اقترب من البيت. وكان حسن الشحاذ يقول للشارجان بعد أن يهده طول الانتظار والمراقبة. إنها امرأة ساحرة، لكنها صعبة الترويض». رواية «زاوية العميان» هرم معماري روائي صيغ من طينة المكان والمتخيل الجمعي والمحكي الشفهي. رواية تعج بأناس وبأمكنة تقاوم أخطار المحو والاندثار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©