الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمود درويش ينهض

27 أغسطس 2009 01:58
(1) نار الفراشة الليلُ أعمىْ والصباحُ جنازةُ والموتُ معتدلٌ، هنا كالطقس والأرضُ تحتملُ احتلالاً ثانياً والِشعرُ يستوفي شروطَ عدوهِ!! هم يطلبونَ الآنَ، أن يستأثرَ الشعراءُ بالأطلال أن يشتدَّ عودُ اليأسْ؟ لا بأسْ! ستَظَلَُّ في خبزِ القصيدةِ مِلحَهُ ونظلُّ في أنشودةِ الراعي وفي أسماءِ من غابوا وما عادوا! ومن عادوا إلى ميراثهم كالقشِ يحترقونَ من عُود الثقابِ التالفِ المكسورْ! ومن أسَروا خفاَفاً نحو مقتلِهم ومن طافوا مع الأسلافِ جوّابينَ أرضَ اللهِ من ألفوا بقايا الظــنِّ محمولينَ في ليلِ الفراشةِ نحو شمعتِها ومَنْ قدْ أدركوا الأعداءَ، أيضاً، في ثياب الأهلْ! *** ستبقى هادئاً كالريحِ في الغاباتِ في ألمِ القصيدةِ ـــــــــــــ، حالما تأتي، سينحسرُ( التشاؤمُ) ذلك القديسُ مُضْطَرباً ومرتبكــاً ويتبعنا ـــــــــــــ معــاً إلى بلد سيكرَهُنــا ومن بلد ــــــــــــــ سنكَرهُه *** (2) وحطَّ الفجرُ مذعوراً بفتنتِهِ!: مرّ الفلسطينيُّ مِن تعبٍ على ميراثهِ مَّرَ القُســاةْ مرّت نقائضهمْ ومرتْ غبطَةُ المهزومْ مّر الرصاصُ على منازلِهم ومرت حَيرتي والنــاسْ. مرَّت أناةُ الظبيّ في شهواتِها فمرَّرْتَ أنتْ: ناياً يَعُّـدُ الأرضَ قاموسـاً منَ الأعراسْ. مرّت أناثي الطيرِ في شهواتِها، وتقومُ مِن عجلٍ، إلى ذَكَــرِ الحنيَن مرَّ الرنينُ ومرتِ الأشعارُ طيراً ذاهلاً وبنيتَ من طينِ الكنايةِ موطناً للأهـــلْ وتركتَ أعرافَ المجازِ لسرِّهِ وسكنتَ فيه تتلو لأنثاك الجميلة سرَّ فتنتها وتدعو القلبَ للطعناَتْ. مرَّ الغزاةْ ومررتَ أنتَ كما يكونُ السرّ ونسيتُ أنكَ لم تعدْ بعدَ القصيدةِ تلك! ونسيتَ أنتْ!!! *** مرّ الصباحُ ومرَّ آخرُ مثلما مرّت أغاني الريحْ وظللّتَ تمشي بيننا تمشي كما يمشي الهواءُ صديقُنا بين البيوتْ. لن ننسى أنكَ خلفَ ذاك التلِّ تتبعكُ الأيائلُ والبلاغـةُ جرّحتْ صدغيكْ.. لن ننسى أنكَ لم تَعُد بعد القصيدةِ تلك وتركتنـا في غَفْلةٍ ومضيتَ مبتعداً كأبعدَ ما تكونُ عن الغياب. لن ننسى أن الشعر وسّعَ شاطئيّك وخلفَ ماءَ البحرِ كان القلبُ مشتعلاً ورُوحك في يديكْ! *** أنصَتَّ للصوتِ البعيدْ وصعدتَ بالأبديّةِ الخرساءِ نحو يقينِها وغفوتْ (كنا نظنُّ بأن ذلك غفوةٌ.. لا غيْر) ومضت تهيئ نفسها الأشياء! نسري على جمرٍ هناً في الشامِ/ هلا فتّحت فخذينِ أرضُ الشامِ كي تستولد المعنى: الِشعرُ ذئبٌ نائمٌ في القيظ والِشعرُ ماءْ والِشعرُ صوتٌ صاروخ في أمة الهفواتْ والِشعرُ بوقٌ قي نفير الروحْ والِشعر روحْ والِشعرُ ريشُ في مهب الريح والِشعرُ ريحْ والِشعرُ مقتلُ شاعرٍ ملعونْ. والِشعر نونْ والِشعرُ أنثى مدنفٍ هيمـانْ والِشعرُ نشوةٌ عاشقين تبادلا شهواتِ ليلٍ يستغيث بضوئِهِ! والِشعرُ تيــه. والِشعرُ قديسانِ من ألمٍ وقديسانِ مِن آثامْ. والِشعرُ أبُ متعبٌ ببنيه والشعرُ شــام! *** لن ننسى أنكَ قد سبقتَ الخبزَ في تنورهِ رَفعتَ في الدربِ الطويلِ السُلَّم اَلحجريَّ كي ترقى إلى حيفا وتصــعدَ عــالياً حتى يراكَ الناس مبتهجاً قليلاً حطّتْ على كتفكِ أغصانٌ مِن الصُفصافِ حط الليلُ حطّتْ نجمةُ التحريضْ حط الشعـرُ: ماءُ النبعِ، ملحُ الخبزِ، قديسٌ الضغينةِ حارسُ الآثامِ حطّ الملحُ حطتْ خيبة الشعراء حطَّ الفجرُ مذعوراً بفتنتِهِ وحط القلقُ المذعورُ حكمةُ المُستاء. هاتان القصيدتان من عمل شعري سيصدر قريباً بالعنوان نفسه
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©