الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الحب الكبير

23 مارس 2011 21:12
كما تعتلي الابتسامة الشفاه الحائرة، تولد القمة الكروية المغاربية والعربية بين الجزائر والمغرب مرتعشة على أخاديد الزمن العربي، وهو يعيش مخاضاً عسيراً من المحيط إلى الخليج، بينما الناس، بما يتغير نمطياً في تضاريس الوطن العربي، منشغلون، تطل القمة الكروية بين محاربي الصحراء وأسود الأطلس كلحظة قوية لا يمكن فصلها عما سبقها من لحظات، وإن كان ما يتفجر من أحداث يعتم الصورة ويظلل المشهد، بل ويضيق الخناق على واحدة من أقوى النزالات الكروية عربياً. هناك من سيقول رب ضارة نافعة، فما عاد الجسد العربي يحتمل احتقانات وتفجرات وتقيحات أكبر للجرح، ولكن من قال إن مباراة الجزائر والمغرب يمكن أن تكون امتداداً للوجع، وحفرة جديدة من حفر الغضب، ومأتماً آخر نلطم فيه على الخدود؟. أصبحت مباراة مصر والجزائر بأم درمان السودانية مرجعاً قوياً لكل الذين يظهرون تشاؤماً عند كل مباراة رياضية يكون منتخبان عربيان من أطرافها، وقد بادر هؤلاء إلى استحضار ما كان، بين الأشقاء في الجزائر وفي مصر، من ردح وتراشق وذم وتسفيه للقيم وللموروث وللمشتركات الكبيرة، عشية مواجهة منتخب الجزائر لمنتخب المغرب بعنابة يوم الأحد عن ثالث جولات تصفيات كأس أفريقيا للأمم 2012، للقول إن هذه المباراة تقف هي الأخرى على فوهة بركان، وحجتهم أن العرب عندما يلتقون على ملعب الكرة أو على أي فضاء تنافسي رياضي يظهرون أن لا مناعة لديهم ضد تهيج الأنفس وضد خروج العقل عن النص الأخلاقي. ولكنني وأنا الشاهد على عصور كروية كثيرة في تعاقبها وتسلسلها أجزم بأن ما كان منذ نصف قرن، وإلى اليوم من مواجهات كروية بين المغرب والجزائر، لم يشهد ذرة توتر واحدة، لا أنفي أنه كانت هناك أحداث عنف وشغب ولكنها كانت أحداثاً معزولة تمثل استثناءات صغيرة لا يقوم عليها أي قياس. وأستدل هنا على مباراتين، الأولى جمعت المنتخبين المغربي والجزائري في عام 1979 في ذروة الخلاف السياسي عن تصفيات الألعاب الأولمبية لعام 1980، وشهدت فوزاً كاسحاً لمنتخب الجزائر بالدار البيضاء بحصة 5 - 1، وسجل التاريخ للجماهير المغربية سماحتها وروحها الرياضية العالية، وهي تهنئ بطريقتها لاعبي الجزائر على استعراضهم الكروي الرائع، والثانية جمعت المنتخبين في 2001 بالجزائر عن تصفيات كأس العالم 2002، وعاد الفوز بعلامة الاستحقاق الكاملة للمنتخب المغربي الذي غادر لاعبوه أرضية الملعب وسط الهتاف والعناق. قطعاً لم تأت الجماهير المغربية والجزائرية إلا بما هو من صلب مشتركاتها، فما بين المغاربة والجزائريين بكل أطيافهم عرى وطيدة تاريخية متأصلة ومتجذرة لا تستطيع كل الخلافات والتوترات والتقاطعات السياسية مهما بلغت حدتها أن تنال منها، وهذا المشترك القوي الذي لم يتزعزع ولم ينفصم هو ما أرخى بظلاله على كل المواجهات الكروية بين الجزائر والمغرب فحفظها من قيظ القبلية وحر النرجسية. هذا المشترك هو ما نلمسه اليوم من تناظر عاقل وراقٍ بين المغاربة والجزائريين على صفحات الـ”فيس بوك”، وهو ما سيجعل بكل تأكيد موقعة عنابة امتداداً طبيعياً للحب الكبير. آمل ألا يخيب رجاؤنا. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©