الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحكومة الباكستانية... طريق العودة إلى الانتخابات

19 مارس 2013 23:42
ريبيكا سانتانا محللة سياسية أميركية تجاوزت الحكومة الباكستانية منعطفاً مهماً السبت الماضي، بعد أن قدمت استقالتها للبرلمان لتصبح أول وزارة منتخبة ديمقراطية تقوم بإنهاء ولايتها في بلد واجه من قبل ثلاثة انقلابات عسكرية، وقلاقل سياسية مستمرة. ولكن بعد سنوات من هجمات الجماعات المسلحة، وانقطاعات التيار الكهربائي المستمرة، والنمو الاقتصادي المتعثر، قد يجد الحزب السياسي الذي تولى الحكم منذ خمس سنوات عقب موجة من التعاطف الشعبي التي نشأت عن اغتيال زعيمته «بينظير بوتو» أن فرصته في كسب المزيد من أصوات الناخبين لصفه ربما تكون أصعب هذه المرة مقارنة بالمرة السابقة. وفي مؤشر على الانقسامات التي تمزق صفوفهم، فشل الساسة الباكستانيون في التوصل لاتفاق على تشكيل حكومة تسيير أعمال تزامناً مع الجلسة الختامية للبرلمان التي تسبق إجراء انتخابات جديدة. وعلى رغم أن الدستور الباكستاني ينص على إجراء انتخابات جديدة خلال 60 يوماً من تاريخ آخر جلسة برلمانية، فإنه لم يتم تحديد موعد لتلك الانتخابات حتى الآن. وأثنى رئيس الوزراء «راجا برويز أشرف»- الذي سيحافظ على منصبه- على الانتقال السلمي، ووصفه بأنه يمثل انتصاراً لحزب «الشعب» الباكستاني، الذي ينتمي إليه. وقال «أشرف» في خطاب متلفز للأمة استغرق ساعة تقريباً:«لقد رسخنا دعائم الديمقراطية إلى حد أنه لن يكون بمقدور أحد إلحاق الأذى بها مستقبلا». وصور «أشرف» المشكلات التي تعاني منها البلاد بأنها شيء موروث من نظام «مشرف». من الإنجازات الرئيسية للحزب الحاكم، قدرته على البقاء في السلطة، وهو ليس بالشيء الهين في بلد تعرض لثلاثة انقلابات عسكرية ناجحة، وأخرى فاشلة عديدة. وقد أظهر «زرداري» مقدرة لافتة على المحافظة على تماسك حكومة ائتلافية متنازعة يهدد أعضاءها كل عدة أشهر أو نحو ذلك بالخروج منها، كما نجح في تحقيق التوازن بين الاحتياج للمعونة العسكرية الأميركية من ناحية، وبين العلاقة المتدهورة بين البلدين، والمشاعر المتصاعدة المناوئة لكل ما هو أميركي، السائدة في باكستان على نطاق واسع. من المعروف أن الولايات المتحدة تحتاج لباكستان في محاربة « القاعدة»، وتحقيق استقرار أفغانستان المجاورة، لكن وقوع سلسلة من الفضائح المتلاحقة أضر بالعلاقة بين البلدين، منها قيام «رايموند ديفيز» المتعهد التابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بإطلاق النار على رجلين باكستانيين في لاهور، وقتلهما، وقيام الولايات المتحدة بمفردها بشن عملية على المجمع السكني الذي كان يختبئ فيه بن لادن في مدينة «أبوت آباد» والقضاء عليه، وقيام القوات الأميركية بقتل 24 جندياً باكستانياً على الحدود مع أفغانستان من غير قصد في حادث أثار غضباً شعبياً عارماً. «كون الحكومة نجحت في البقاء خمس سنوات، على الرغم من الإشاعات التي كانت تتداول كل ثلاثة أشهر عن رحيلها أمر يجب النظر إليه كإنجاز كبير»، هذا ما قاله المحلل السياسي المستقل حسن عسكري رضوي. و«زرداري» وحزبه الحاكم يستحقان نصيبهما من الثناء على ذلك: فالجيش المتلهف تقليدياً على التدخل عندما يرى أن باكستان في أزمة من وجهة نظره، أظهر حرصاً تحت قيادة «برويز كياني» على عدم التدخل في الشؤون السياسية- علناً على الأقل. الإنجاز الأكثر بروزاً الذي حققته الحكومة الباكستانية خلال السنوات الخمس المنقضية، تمثل في تغيير بنية السلطة، وليس في التعامل مع المشكلات الأساسية التي تواجه الباكستانيين العاديين. فمن خلال تعديل دستوري تم تمريره عام 2010 تحت ضغط من المعارضة، حقق الرئيس الباكستاني وعوداً كان قد قطعها على نفسه بحرمان منصب الرئيس من العديد من الصلاحيات التي كان قد اكتسبها خلال فترة حكم «مُشرف». تضمنت التعديلات الدستورية كذلك عدم أحقية الرئيس بمفرده في حل البرلمان، ومنح رئيس الوزراء سلطة كبيرة في تعيين قادة القوات المسلحة، وتحويل قدر كبير من صلاحيات الحكومة المركزية لحكومات الولايات. ولكن من المشكوك فيه أن تؤدي تلك الخطوات إلى كسب أصوات عديدة، ذلك أن الحقيقة أن الاقتصاد هو الذي سيشغل بال الغالبية العظمى من الناخبين خلال الانتخابات المقبلة. «لم يكن الاقتصاد أبداً على شاشة رادار الحكومة بل كان في الحقيقة المنطقة الأكثر إهمالا»، هذا ما قاله «إشفاق حسان خان»، عميد مدرسة إدارة الأعمال بالجامعة الوطنية للعلوم، الذي انتقد عملية التبديل المستمر للوزراء والمسؤولين في الأجهزة والمؤسسات الحكومية ذات الارتباط بالاقتصاد. ولكن عديدين في الحكومة يقولون إن الأداء الاقتصادي لم يكن سيئاً على النحو الذي يتم تصويره به خصوصاً لو تم الأخذ في الاعتبار الفيضانات الكارثية التي ضربت البلاد عام 2010 ، والمشكلات الأمنية التي تساهم في تنفير المستثمرين الأجانب، بالإضافة إلى الانكماش الاقتصادي العالمي. لكن المنتقدين يناقضون ذلك ويقولون إن الحكومة قد فشلت في معالجة المشكلات الرئيسية مثل مشكلة إعادة هيكلة الشركات الكبرى التابعة للدولة، والقضاء على ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي. بالإضافة إلى ذلك كافح «زرداري» وحزب الشعب الباكستاني طويلا فكرة سائدة داخلياً تصورهم بأنهم صنائع لأميركا، وهي فكرة غير مرغوبة في بلد تنتشر فيها المشاعر المناوئة لواشنطن على نطاق واسع، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©