الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخطى.. إلى بيوت الرحمن في رمضان

الخطى.. إلى بيوت الرحمن في رمضان
24 يونيو 2016 03:47
أحمد السعداوي (أبوظبي) يزداد تردد الجموع على المساجد بشكل لافت فيما يشبه هجرة جماعية إلى بيوت الله، والتي تعتبر أفضل ما يميز الشهر الكريم، لما فيها من عظيم الأجر وجزيل الثواب من رب العالمين لطول فترات البقاء والتعبد في رحابها، وهذا الأجر وتلك المثوبة هدف يشترك في السعي إليه الجميع، وإنْ اختلفت الدوافع، فهناك من يذهب إلى المسجد للاستماع إلى تلاوة خاشعة من أحد المقرئين، وآخر يذهب إليه رغبة في تعدد مواطئ سجود تشهد له يوم الحشر، وثالث يذهب إلى مسجد آخر بالقرب من بيته أو للبعد عنه رغبة في كسب أجر السعي للمساجد من مسافات بعيدة، ومن أفضل الدروس المستفادة من هذا السعي الحثيث إلى مساجد الله، أن يبقى بالهمة ذاتها بعد انقضاء أيام وليالي الشهر الكريم والعودة إلى نمط الحياة العادية، حتى تتم الإفادة المثلى من هذا شهر رمضان، ويفوز المرء بحصيلة إيمانية قوية تكون خير دافع وموجه له على مدى أيام العام. استعداد خاص ويقول يوسف الراقي، موظف بإحدى شركات القطاع الخاص، إن شهر رمضان لابد وأن يكون فيه استعداد خاص من جانب كل مسلم، من حيث قراءة القرآن والتردد على المساجد وأداء الصلوات الخمس فيها، وهو ما يحاول فعله بقدر الإمكان في رمضان من كل عام، حيث يحرص على أن يصلي في مساجد متنوعة رغبة في زيادة الأجر والثواب لكثرة السعي وعدّ الخطى إلى المساجد، فهذا فضل عظيم يمكن للمسلم أن يحصل عليه، خاصة في شهر رمضان، حين تنتشر أجواء الإيمان في كل مكان، ويبتعد الإنسان عن الكسل، وتزداد الدافعية للقرب من الله عزّ وجلّ. ولفت إلى أنه يشعر بكثير من الرضا حين يؤدي الصلاة في أكبر عدد من المساجد، مشيداً بكثرة المساجد في إمارة أبوظبي بشكل يبعث على الراحة والفخر لكل مسلم بهذا الاهتمام الكبير ببيوت الله، والحرص على توفيرها في كل أماكن الإمارة بما يشجع الجميع على تأدية الصلاة. علماء أفاضل فيما يقول حسن الحوسني، إنه يعمل على الانتفاع بالروحانيات الجميلة في شهر رمضان التي تنتشر في المساجد، خاصة التي يوجد فيها كبار الأئمة الذين تستضيفهم الدولة في رمضان من كل عام، وذلك من أجل الاستفادة بالعلم العظيم لهؤلاء العلماء الأفاضل والتبرك بالقرب منهم كونهم أهل تقوى وصلاح، وينبغي أن يتخذهم الإنسان قدوة ونموذجاً حتى يكون مسلماً صالحاً، لافتاً إلى أنه من الدواعي الأخرى لتنوع المساجد التي يذهب إليها خلال شهر رمضان، الاستمتاع بالأصوات الطيبة لقرّاء القرآن الكريم في الدولة، مشيداً بالجهود الكبيرة في فتح الباب أمام أصحاب تلك الأصوات الجميلة لإمامة الصلاة وتلاوة القرآن في المساجد المختلفة، وذلك لكون بلادنا بلاد خير وضيافة لأشقائنا المسلمين من أنحاء العالم، وهو ما نجده بوضوح حين نرى أفضل أصوات قرّاء القرآن الكريم في العالم الإسلامي يزينون بيوت الله في الإمارات خلال شهر رمضان الكريم، من خلال أصواتهم المميزة أثناء إمامتهم المصلين. أما أحمد الظنحاني، فأوضح أن شهر رمضان أفضل مناسبة لتقوية الروابط الدينية بين أسرته وبيوت الله، حيث يحرص على اصطحاب أبنائه الثلاثة إلى أكثر من مسجد خلال شهر رمضان، حتى يعيشوا الأجواء الإيمانية للشهر الفضيل ويعرفوا أن تأدية الفرائض والنوافل خلال هذا الشهر تختلف عمّا عداه طوال العام، لما فيه من أجور مضاعفة وحسن ثواب وتدبر للقرآن، سواء عن طريق الاستماع إلى التلاوات الصحيحة الخاشعة لأئمة المساجد المختلفة، وشيوخ كُثر يحسنون تلاوة القرآن الكريم بشكل تخشع له القلوب والعقول. 700 مسجد فيما يوضح أحمد الزيودي أن الإكثار من الذهاب إلى المساجد، سواء في شهر رمضان أو على مدار العام، يحمل الخير الكثير لمن يقوم به، كون الأماكن التي يسجد فيها المسلم ستشهد له بإذن الله تعالى يوم المشهد العظيم، أنه سجد موحداً لله في هذه الأماكن، وبالتالي يأمل الزيودي أن تكون كثرة خطاه إلى المساجد والصلاة فيها من أسباب العفو والغفران عنه يوم القيامة، ونيل رضا الله سبحانه وتعالى. ومن سلطنة عُمان، يقول حمد الراشدي، إنه جاء إلى أبوظبي في زيارة برفقة أحد أقاربه في بداية رمضان، وأكثر ما لفت نظره وجود عدد كبير من المساجد في أبوظبي، منظمة على أرقى مستوى من العمارة الإسلامية، وهناك اهتمام بأدق التفاصيل فيها، بما يوفر سبل الراحة للمصلين، وهو ما يعتبره فرصة للفوز بأكبر قدر من الذهاب إلى عدد من المساجد في مكان واحد، وبالتالي الحصول على أجور وحسن جزاء من الله سبحانه وتعالى لكثرة التردد على المساجد، مشيراً إلى أن واحداً من أصدقائه، لكثرة حرصه على زيارة عدد كبير من تلك المساجد، يقوم بتدوين أسمائها وأعدادها في دفتر خاص به، وقت وصل عددها إلى نحو 700 مسجد في سلطنة عُمان وخارجها حتى الآن، ويعتبر ذلك من الأعمال المهمة التي أنجزها في حياته، ويحرص على زيادة هذا العدد مستقبلاً إن شاء الله. نفحات إيمانية من جانبه يقول دكتور عبدالله سالم آل طه، أستاذ الفقه في جامعة الإمارات، إن الحديث عن شهر رمضان مدعاة في الحقيقة للحديث عن الطاعات بأنواعها المختلفة، من صيام وصلاة وذكر وصدقة واعتكاف في المساجد وغير ذلك، من لحظات عامرة بالإيمان والروحانية منقطعة النظير التي يتعرض لها ويشعر بها كل أحد من المسلمين، حتى ذلك الذي أهمل نفسه ولم يلتفت لها إلا في رمضان ليجد تلك الرغبة في داخله للإقبال على الطاعة والسعي إليها، فيا لها من أسرار وبركات اكتنفت هذا الشهر العظيم، جعلت له تلك المكانة الخاصة في القلوب. ولعل من أبرز معالم هذا الشهر هو ما نشهده من إعمار للمساجد بالمصلين والذاكرين الله، ومن ازدحام وإقبال قلما تجد مثله إلا في رمضان، وهذا إنْ دل على شيء فإنما يدل على تلك الطمأنينة التي تبثها المساجد في القلوب، حيث تجمع شتات المسلم المقبل على ربه، فتجده فيها ما بين ركوع وسجود أو قراءة للقرآن أو انشغال بذكر لله عز وجل، وهو في كل ذلك، لا يخشى من طول المكوث إلا إذا ألحت عليه حاجة من حوائج الدنيا. الإقبال على المساجد وأضاف «ما يشد الانتباه إلى مساجدنا في مثل هذه الأيام المباركة، كثرة ما يحصل من الإقبال عليها، وبالأخص في صلاة التراويح وقيام الليل في رمضان، فتجد المسلمين يتوزعون فيها ولهم في ذلك مقاصد شتى، فمنهم من يقصد ذلك المسجد لأن الإمام يخفف في الصلاة ولا يطيل فيها، ومنهم من يطلب جمال الصوت وحسن التلاوة من إمام معين، فيذهب للصلاة خلفه حتى لو كان ذلك المسجد بعيداً جداً عن بيته، ومنهم من يسعى إلى الصلاة خلف من يحرص على ختم القرآن في صلاة التراويح حتى ولو أطال في الصلاة، ومنهم من يحرص على الصلاة في مسجد الحيّ لقربه من بيته أو لحرصه مثلاً على لقاء جيرانه، وفي كل تلك الدواعي والأسباب خير إن شاء الله تعالى.. ولكن ينبغي على المسلم أن يحمل نفسه على التفكر في آيات الله وعظمتها بغض النظر عن جمال صوت الإمام أو حسن تلاوته، فقد لا يتيسر له أن يصلي مع إمام حَسَنِ الصوت والتلاوة، فحينها لا بد أن يوطن المسلم نفسه على الأنس بكتاب الله وتدبر آياته، وأن يعود نفسه على ذلك مهما كانت الظروف التي يستمع فيها، وبغض النظر عن الإمام الذي يصلي خلفه». آداب المساجد ? ينبغي على المسلم أن يهتم بها في كل وقت، خاصة أن الذهاب إلى المسجد يدخل ضمن برنامجه اليومي، بل ويتأكد هذا البرنامج عند كثير من المسلمين في شهر رمضان، ومن تلك الآداب: ? الاهتمام بنظافة البدن ولبس أحسن الثياب إن تيسر له، مستشعراً وقوفه بين يدي الله عز وجل. ? يستحب له التبكير في الذهاب إلى المسجد في أول الوقت لكي يتسنى له صلاة تحية المسجد، وقراءة ما تيسر من القرآن وهو في كل ذلك منتظرًا إقامة الصلاة، فيُقبِل عليها إذا ما أقيمت وهو في طمأنينة وهدوء، بخلاف من يأتي على عجل فلا يدرك الصلاة في أولها، بل قد يؤدي تأخره وحرصه على إدراك الصلاة أن يقوم مثلا بإيقاف سيارته في غير المواقف المخصصة كما نرى من البعض فيتسبب بإعاقة الطريق والحركة، وهذا لا يليق بالمسلم الذي يدعوه دينه إلى النظام ونبذ الفوضى. روابط الإيمان ? مشهد السعي إلى بيوت الله عز وجل لأجل الاجتماع على طاعته، لمنظرٌ يثلج الصدر ويشرح الخاطر، ويؤكد على وجود الخير في كوامن النفس البشرية، حتى ولو بدر منها التقصير والغفلة عن طاعة الله سابقاً. ? الإقبال والحرص على ارتياد المساجد والسعي لها، هو بمثابة العودة إلى الله عزّ وجل، والإنابة إليه والفرح بلقائه، فلا يحق لأحد أن يتسخط على حال المسلمين الذين لا يُرون في المساجد إلا في رمضان، حتى ولو صدر ذلك على سبيل الوعظ والتذكير كما نسمع من بعض الدعاة والوعاظ، فالله وحده من يحاسب عباده، وهو وحده من يغفر ويسامح، ولهو أشد فرحاً بعودة عبده إليه، حتى لو كان ذلك في رمضان فحسب. ? لعل الذي أقبل على المساجد وأَنِس بها في رمضان استفاد فعلاً من هذه المدرسة، لتقوى بذلك الرابطة الإيمانية بينه وبين الله عز وجل طوال أيام السنة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©