الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاولة «ديترويت»... وإدارة قوائم «المراقَبين»!

2 يناير 2010 01:32
جبريال شوينفيلد كاتب ومحلل سياسي أميركي لقد وصفت محاولة الشاب النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب تفجير إحدى الطائرات التابعة لشركة "نورث ويست" أثناء هبوطها في مطار ديترويت في مناسبة أعياد الميلاد بأنها فشل استخباري خطير جداً. وتشير المعلومات المتوفرة حتى الآن عن تلك المحاولة، إلى احتمال قصور إدارة الحكومة لقوائم مراقبة الإرهابيين المحتملين عن مواجهة تحديات من هذا النوع. وإذا كان الأمر كذلك، فإن المسؤولية عن هذا التخلف لا تقع على الوكالات الحكومية المكلفة بالإشراف على تلك القوائم وحدها، وإنما يقع جزء من هذه المسؤولية أيضاً على منظمات الحريات المدنية المتطرفة التي طالما غالت في انتقاداتها لنظام حظر سفر الأفراد بمجمله. والحقيقة أن الإشراف على قائمة بأسماء الإرهابيين المحتملين يعتبر مهمة بالغة الصعوبة. ولا تقتصر المشكلة المحيطة بهذه المهمة على إعداد قائمة بأسماء الإرهابيين المحتملين فحسب، وإنما تشمل توزيع تلك القائمة على مكاتب القنصليات ونقاط التفتيش الحدودي، ومنشآت الشحن وغيرها في الوقت المناسب أيضاً. وتعد الكتابة الصحيحة للأسماء الأجنبية، مع الأخذ في الاعتبار بكل التغييرات التي تحدثها عملية الترجمة لتلك الأسماء، جهداً كبيراً وشاقاً بحد ذاته. ويتطلب الأمر كذلك وضع المعايير التي يتم بها إدراج اسم من الأسماء على قائمة الإرهابيين المحتملين. ثم تأتي بعد ذلك صعوبات تدريب العملاء الاستخباريين الذين لا يلمُّ كثير منهم بما يكفي عن دول أجنبية مثل نيجيريا واليمن لتشغيل هذا النظام الاستخباري. وتشير المعلومات الإخبارية إلى إدراج اسم عبدالمطلب على قائمة حكومية بأسماء أشخاص يشتبه في ارتباطهم بالجماعات الإرهابية في شهر نوفمبر المنصرم، بعد أن حذر والده مسؤولي السفارة الأميركية في لاجوس من أن ابنه قد انضم لتيار الإسلاميين المتشددين. غير أن اسم عبدالمطلب لم يدرج في قائمة المحظورين من السفر التي يتولى الإشراف عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي. وهذا ما سهل عليه استقلال طائرة "نورث ويست إيرلاينز" المتجهة إلى ديترويت. وحسب الإفادة التي قدمها تيموثي جي. هارلي، مدير مركز تفتيش الإرهاب التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ في شهر ديسمبر المنصرم، فإن لدى المركز قائمة موحدة تتألف من 400 ألف شخص، لم تدرج منها سوى أسماء 3400 شخص فحسب حظروا من السفر. وهذا يعني بلغة الأرقام نفسها السماح لـ396600 شخص من المشتبه بأن تكون لهم علاقة بالإرهاب بالسفر. وقد توصلت مراجعة أجرتها وزارة العدل في موسم الربيع الماضي إلى وجود ثغرات عديدة في نظام مراقبة الإرهابيين المحتملين. والمفترض أن يسارع مكتب التحقيقات الفيدرالي بتحديث القوائم كلما تدفقت معلومات إضافية جديدة لها صلة بقوائم المراقبة هذه. وبسبب الصعوبة الكبيرة التي تحيط بنظام قوائم الرقابة هذه، فلا مناص من وقوع الكثير من الأخطاء. فهناك أفراد أبرياء تدرج أسماؤهم في هذه القوائم. وقد بلغت هذه الأخطاء في بعض الأحيان حداً لا يتصور، خاصة عندما أدرجت قوائم طيارين عسكريين فيدراليين برتبة "مارشال" في قوائم المحظورين من السفر. ومن الجانب الآخر هناك أفراد أدرجت أسماؤهم في قوائم المشتبه بهم، وهم على درجة من الخطورة من أمثال عبدالمطلب، ومع ذلك نراهم يحلقون بين الدول والمطارات دون أن يحظر سفرهم أحد! وعليه فإنه لابد من الحد من كلا هذين النوعين من الخطأ. والمرجح الآن أن تتجه السياسات الخاصة بإدارة هذه القوائم إلى إطالة قوائم الممنوعين من السفر. وهنا تنشأ صعوبة وتحديات الدور السياسي في اتخاذ مثل هذه الإجراءات. يذكر أن إدارة بوش قد تعرضت لحملة انتقادات لاذعة بسبب طريقة إدارة قوائم المحظورين من السفر هذه. فمن جانبه وضع "اتحاد الحريات المدنية" تلك القوائم نفسها بين ما وصفه بـ"أعلى 10 انتهاكات للسلطة" منذ 11 سبتمبر 2001. وقال الاتحاد إن إدارة بوش حولت تلك القائمة القصيرة المؤلفة من شخصيات إرهابية لا جدال حول أنها كذلك مثل أسامة بن لادن وقلة من كبار قادة تنظيم القاعدة إلى "بعبع" أو أخطبوط إرهابي. وبين عدد من الدعاوى القضائية التي رفعها الاتحاد -بما فيها تلك المرفوعة ضد قوائم مراقبة الإرهابيين والمحظورين من السفر- قال الاتحاد إن هذه الإجراءات تنتهك الحقوق الدستورية للركاب بتعريضهم لتفتيش استثنائي لا ضرورة له أو للتوقيف في بعض الأحيان، بما يتنافى والإجراءات القانونية. وكان باتريك لي -رئيس اللجنة القضائية لمجلس الشيوخ- من بين أقوى المنتقدين لإدارة بوش السابقة بسبب توسيعها لقوائم الرقابة المذكورة، التي شملت حتى الأطفال والراهبات المسيحيات وحتى بعض أعضاء الكونجرس. وبلغ الحد بالكاتبة والمعلقة السياسية نعومي وولف إلى وصف القيود المفروضة على السفر، بما فيها قوائم المحظورين، بأنها جزء من تلك اللعبة الفاشية القديمة المعروفة، لكونها تشبه كثيراً المصير المجهول الذي عادة ما يواجهه الفارون من جحيم النازية الألمانية لدى وصولهم إلى حدود دولة ما. والملاحظ أن إدارة أوباما الحالية لم تحدث تغييراً يذكر على تراث الهستيريا الذي خلفته سياسات إدارة بوش الخاصة بمكافحة الإرهاب. ولا نزال نجهل ما إذا كان لذلك النقد اليساري العنيف الموجه لسياسات مكافحة الإرهاب أي تأثير مباشر على محاولة عبدالمطلب الأخيرة هذه. غير أن الذي نعلمه جيداً هو أهمية توفر البيئة السياسية الملائمة التي تمكننا من المضي قدماً في الحد من مثل هذه المحاولات. ويخشى المسؤولون المكلفون بالإشراف على قوائم المشتبه بهم والمحظورين من السفر عاقبة الوقوف أمام لجنة تابعة للكونجرس لمحاسبتهم بسبب حرمانهم أفراداً أبرياء من السفر. غير أنهم يدركون جيداً في ذات الوقت عواقب سماحهم لأشخاص بخطورة عبدالمطلب بالسفر واستقلال الطائرات وتعريض حياة الآمنين للخطر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©