الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسجد القرويين أول جامعة في التاريخ

مسجد القرويين أول جامعة في التاريخ
28 أغسطس 2009 00:05
يعد مسجد القرويين من أشهر مساجد المغرب، بني في رمضان من سنة 245 هجرية الموافق لعام 859 ميلادي في عهد دولة الأدارسة إحدى الدول الشهيرة التي حكمت المغرب. وقامت ببنائه الشريفة فاطمة الفهرية الملقبة بأم البنين وتشير عدة مصادر تاريخية إلى أن الفهرية التي تطوعت لبنائه وإقناع السلطان الإدريسي يحيى الأول بأهميته وهبت كل ما ورثته لبناء هذا المسجد وظلت صائمة محتبسة إلى أن انتهت أعمال البناء وصلت في المسجد شكرا لله. وحظي مسجد القرويين بشهرة عالمية لأنه يعتبر أول جامعة في العالم، فبعد انتهاء أعمال البناء به واتخذه مسجدا تقام فيه الصلاة، اختار عدد من العلماء اتخاذ المسجد مقرا لدروسهم، فأنشأوا حلقات علمية لهم في مسجد القرويين وكانوا يجتمعون من حولهم طلاب العلم رجالا ونساء طلابا وولاة وقضاة وحرفيين من أعمار مختلفة، ولم يقتصر التدريس على العلوم الدينية، بل اتسع ليشمل باقي علوم الحياة من أدب وعلم وحساب وجغرافيا وتاريخ وطب،. ومع مرور الزمن تحوّل المسجد الى جامعة علمية شاملة تخرج منها فقهاء وقضاة وعلماء جابوا الأرض بعلومهم، وبازدهار جامع القرويين ازدهرت فاس وامتد اشعاعها العلمي ليصل الى جميع أصقاع الأرض، وتحولت فاس منذ عهد الأدارسة إلى مركز علمي ينافس مراكز علمية ذائعة الصيت. واهتم حكام المغرب وولاة مدينة فاس بعمارة مسجد القرويين حيث قاموا بتوسعة المسجد وترميمه على فترات زمنية مختلفة. ففي عهد دولة المرابطين (القرن 12م) شهد المسجد توسعة كبيرة وتم بناء القباب الجبسية المنتشرة بالقاعة الرئيسية للصلاة، وقبل المرابطين قام الأمراء الزناتيون باضافة صومعة عالية وحوالي 3 آلاف متر مربع إلى المسجد عام 956م ولا تزال هذه الصومعة قائمة إلى الآن، وتعد أقدم منارة مربعة في بلاد المغرب العربي. كما عرف مسجد القرويين عدة إضافات في فترات مختلفة خاصة قاعات الدروس وخزانة الجامع، وكانت أهم اضافة تلك التي قام بها المرابطون، حيث غيّروا من شكل المسجد وأدخلوا تعديلات كثيرة في عمارته وزخرفته ولا تزال بصمات الحرفيين والمعماريين الذين تفننوا في صنع القباب ووضع الأقواس ونقش آيات القرآن والأدعية بارزة، لتشهد على تطور وازدهار المعمار والحرف في عهد المرابطين. ولم يقتصر اهتمام المرابطين بمسجد القرويين على الناحية العمرانية، بل إنهم اهتموا بما يقدم في المسجد من علوم، حيث تشير أغلب المصادر التاريخية إلى أن القرويين انتقل من مرحلة الجامع إلى مرحلة البداية الجامعية في عهد المرابطين، الذين حثوا العلماء على اتخاذ المسجد مقرا لدروسهم، وشيدوا الخزانات والقاعات العلمية لهذا الغرض. ولم يتوقف جامع القرويين عن تقديم الدروس حتى عند الأزمات الداخلية وعند ظروف الحرب، فقد كانت للمسجد موارده الخاصة من دُور الوقف المنتشرة حوله والتي وفّرت له أموال اللازمة لتسييره، كما كانت له مكانة علمية مميزة فرضت على حكام المدينة المتعاقبين الاهتمام الفائق به، فجامع القرويين سبق الزيتونة بتونس والأزهر بمصر وجامعات أوروبا في خدمة طلاب العلم وتقديم العلم لهم. وكان لجامع القرويين دوره السياسي والاقتصادي الحضاري، حيث تم اتخاذ القرارات السياسية الحاسمة داخله، وكتب عرائض ووثائق البيعة والحرب والسلم علماؤه وطلبته، وكانت أوقافه تكفي جميع المغاربة عند حصول أية أزمة اقتصادية. وفي فترة الاستعمار لعب جامع القرويين دورا حاسما في قيام ثورة ضد الاستعمار الفرنسي للمغرب، فتم حبس علماء وطلبة القرويين بسبب دورهم في المقاومة وتعبئة الفدائيين للجهاد.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©