الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عميد المطربين العرب يضيء «أنغام من الشرق» في ليلة من ألف ليلة

عميد المطربين العرب يضيء «أنغام من الشرق» في ليلة من ألف ليلة
13 مايو 2010 19:56
أعاد الفنان الكبير صباح فخري عقارب الساعة كثيراً إلى الوراء، وعاد بجمهور الأغنية كثيراً إلى زمن الفن الجميل والطرب الأصيل في حضور فاعل وملفت، وكأنه توقف مع “روزنامة” الأيام إلى ما قبل ثلاثة أو أربعة عقود مضت، في أمسية غنائية رائعة، وذات مذاق خاص ضمن فعاليات مهرجان “أنغام من الشرق” الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، أمس الأول على المسرح الكبير بقصر الإمارات، بحضور الشيخ محمد بن نهيان بن مبارك آل نهيان والشيخ حمدان بن سعيد بن طحنون آل نهيان وحشد كبير من السفراء والدبلوماسيين المعتمدين لدى الدولة وحشد كبير من الإعلاميين والجمهور من محبي الفنان العربي الكبير. ووسط حشد جماهيري كبير اكتظت به قاعة المسرح عن آخرها، لم يتوقف الجمهور طيلة الساعتين ونصف الساعة عن الغناء والرقص وترديد كلمات الأغاني التي فاق عددها 20 أغنية وموال من أروع باقات الطرب الغنائي الأصيل الذي يشتهر به الفنان الكبير صباح فخري، ويتجاوز الوقت المحدد لحفلته أكثر من ساعة كاملة، لم يبد فيها الفنان الكبير أي تأثر أو تراجع أو اختلاف في “رتم” الأداء المعروف عنه بفعل تقدم السن، ولِمَ لا؟ وهو الفنان الوحيد الذي دوّن اسمه في موسوعة “جينيس” العالمية في بقائه على المسرح في حفل واحد أكثر من عشر ساعات غنائية متصلة وعمره 66 عاماً في حفل بمدينة كراكاس الفنزويلية. المطرب الناشئ في تمام الساعة الثامنة والنصف مساء امتلأت مقاعد المسرح وخففت الإضاءة وتحركت ستارة المسرح عن الفرقة الموسيقية المصاحبة للفنان صباح فخري، ودلف إلى مكانه أمام الميكروفون في خطوات هادئة متئدة - أشفقت فيها عليه من بصمات الزمن وهو في العقد الثامن من عمره - وسط عاصفة مدوية من التصفيق وقوفاً الذي هزت أرجاء المكان تحية لشيخ المطربين العرب وقامتهم الصامدة طيلة أكثر من نصف قرن. لم أستطع السيطرة ولا الإمساك بدموعي احتراماً.. وتحية وشوقاً لفناننا «الكبير». في انحناءة معهودة.. انحنى شيخ الأغنية - وعلى طريقته الخاصة - لرد تحية الجمهور وقال في تأثر بالغ: “الحمد لله.. شعبنا العربي بخير.. وأمتنا العربية بخير.. وأظن أن هذا الجمع الذي حضر وأشاهده الآن جاء لأنه محب للتراث والطرب العربي الأصيل.. أشكركم.. ولنكن معاً يداً بيد لنقضي أمسية سعيدة مع “المطرب الناشئ” وتعالت ضحكات الجمهور تجاوباً مع “قفشة” صباح فخري الذي بان وكأنه يتحدى الزمن وسنوات العمر. ثم استمر صباح فخري في حضوره وطريقته في الإمساك بزمام الأمسية - كما يريد هو - ووجه نداءً ضاحكاً إلى الفني المسؤول عن الإضاءة في القاعة وقال: “ياريت نخلي الإضاءة حتى أرى عيون وفرحة الناس”، دون أن ينسى أن يوجه شكره وتقديره لحسن الاستقبال والحفاوة والتنظيم وقال: “إن تنظيم هذا المهرجان أكبر دليل على وعي وقناعة هيئة أبوظبي للثقافة والفنون بقيمة ومكانة التراث والفن والطرب العربي الأصيل، وهو ما نشاهده بصفة سنوية، ونتمنى للمهرجان المزيد من النجاح”. على قطوف الكرم قدم الفنان الكبير صباح فخري على امتداد ساعتين ونصف باقات غنائية وموسيقية متنوعة من روائع الطرب والغناء العربي الأصيل من أجمل أغانيه ما بين الموال والموشحات الأندلسية والطقطوقة والأغنية التقليدية. وفي البداية قدمت الفرقة الموسيقية المصاحبة معزوفة موسيقية من روائع اللحن الشرقي.. ثم بدأ صباح فخري بموشح “على قطوف الكرم” ثم موشح “أنت سلطان البلاد يا ملك.. أنت ملك” وبعده موشح “نسيم الروح على الناس الطرب”. بعد ذلك توالت الأغاني التي بدأها بأغنية “وحياة عينيه مانمت الليل.. الشوق عليه.. ليله الدلال.. قالوا لي عنك ابن حلال”.. ثم غنى “على الروزنّة.. على الروزَنَة.. كل الهنا فيها.. ايش عملت الروزَنَة.. الله يجازيها.. يا رايحين لحلب”، وهنا دوت عاصفة من التصفيق والتشجيع ولاسيما من قبل الأشقاء السوريين الموجودين. ثم بدأ الفنان صباح فخري من التمايل والحركة والرقص على المسرح بطريقته المعروفة المحبوبة في رقصة «السماح» الحلبية التي تلهب حماس الجمهور الذواق لفنه وطربه الأصيل مع كلمات أغنية “على لا لا.. ولا لا.. ولا لا ليش الزعل يا خالة؟” وأخذ في المشي رقصاً وطرباً على جنبات المسرح ليرقص معه الجمهور وقوفاً في أماكنهم، ليتفاعل من جديد، وأخذ يبدل بيديه وساقيه وكأنه يقود دراجة يدوية وهو في مكانه وبحركات خفيفة ورشيقة هنا وهناك.. يميناً ويساراً.. ليلهب حماس الجمهور من جديد مع كلمات رائعته الأشهر “فوق النخل”، بعدها يعود إلى إيقاع آخر من الأداء المتميز مع أغنية “اللؤلؤ المنضود” وهو يقول: “اللؤلؤ المنضود.. في فمك الجميل.. فيه سعادة للشقي وللعليل”، ويكمل: “فإذا تفتحت الشفاه ثوانياً.. اقتيل حبك؟”، عندها اشتعلت القاعة بالتصفيق والآهات وكأنه جمهور كرة القدم يتفاعل مع هدف تاريخي في مباراة مصيرية في أكبر استاد لكرة القدم. في أغنيته التاسعة، صدح صوت شيخ المطربين في أغنية “قدك المياس يا عمري.. أنت أحلى الناس في نظري جلّ من سواك ياعمري” وهو يرقص ويتمايل على المسرح ويكرر: “أنا وحبيبي في جنينه.. أنا.. أنا” أكثر من 20 مرة بينما استمر الجمهور في تفاعله بالرقص. بعد ذلك أطرب الحضور بأغنية “بيني وبينك عوازل.. حالي.. حالي.. حال، مالي.. مالي.. مال” وهي طقطوقة شهيرة تلقى إعجاباً وتفاعلاً كبيرين لدى محبي الطرب الشامي، اتبعها بموال آخر “يا شاديَّ الألحان اسمعنا رنة العيدان”، ثم فاصل منفرد على الناس، ليتحف صباح فخري الحضور بموال “ياليل.. ياليل.. لولا الهوا ما رأيت دمعة على قلم”. بعدها يغني “والنبي يامّه تعالي زوريني.. مالك يا حلوه مالك” هوّا الهوا غيّر حالك؟ فتنوا عليكي عزّا لك لما رأوكِ بجمالك” ليعرج إلى أغنيته الشهيرة: “يا طيره طيري” “صيد العصاري.. ياسمك يابني” صيادك ماهر.. بياعك شاطر.. وجودك نادر محلاك يابني.. آه ياسمك بني يا طيره طيري.. يا حمام.. لتشتعل القاعة من جديد. ويستمر تفاعل صباح فخري مع الجمهور ويقدم موال “يا راكب الحمرا طير وسلم على أحبابي” ليمهد لأغنيته الشهيرة التي تلقى إقبالاً وتجاوباً كبيرين جداً، وهي: “يامال الشمال.. يالا يا مالي طال المطال ياحلوه تعالي” ليتخلى الجمهور عن مقاعده ويتراقص طرباً ورقصاً مع كلمات الأغنية: أشتاق لك يا نور عيوني حتى نعيد الزمن الأول لو المطال طال وطول ما بأتغير ولا بأتحول مشتق لك يانور عيوني يالا تعالى.. كفاكي.. تعالي خمرة الحب هنا.. بدأ الجمهور هادئاً مع إيقاع الموسيقى الهادئة وكأنه على موعد مع شيء ينتظره.. حتى تعالت الأصوات مع أنغام الموسيقى ليصدح شيخ المطربين بأغنيته المعروفة التي تحظى بانتشار واسع بين محبي وعشاق الطرب الأصيل: “خمرة الحب.. اسقينها” ليرقص ويغني معه الجمهور: صليني.. ياروحي.. ياعيني إن تجودي.. فصليني.. أسوة بالعاشقين.. في ظلال الياسمين. ليخرج الجمهور عن وقاره ويهتف: “بص.. شوف.. صباح بيعمل إيه؟”. ويطلب الجمهور منه موالاً لحلب، ليغني: “أنا شفته مرة في داره.. في قلبي حسرة.. ونظرة.. شفته في يوم الجمعة”.. ثم يغني: “سلامة قلبك ياغزال”، ليعرج بعد ذلك، بعد أن استنفذ الوقت المخصص للغناء ساعة كاملة مع أغنية “على دا العلا.. على دا العلا” ويغنيها معه الجمهور وقوفاً.. ليختتم الحفل بالأغنية الدينية الشهيرة: “طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا مادعى لله داع أيها المبعوث فينا.. جئت بالأمر المطاع جئت شرفت المدينة.. مرحباً يا خير داع” ثم يغادر القاعة بخفة مسرعاً حتى يتجنب إلحاح الجماهير بالغناء، أو أن يعيدوه مرة أخرى إلى المسرح.. وقد أعاد الزمن بعشاق الطرب الأصيل إلى ما قبل نصف قرن مضى، في ليلة فنية ذات مذاق خاص. إقبال جماهيري كبير غادر الموظفون المخصصون لبيع تذاكر حفل الفنان الكبير صباح فخري أماكنهم قبل موعد بدء الحفل بأكثر من ساعتين كاملتين تقريباً، وبسؤال أحدهم أشار إلى أن جميع البطاقات المخصصة للبيع قد نفدت كاملة منذ 24 ساعة مضت، ولوحظ توافد وتدفق الجماهير على البوابات المخصصة لدخول المسرح منذ وقت مبكر، كما ظلت أعداد كبيرة من الجمهور متواجدة بعد انتهاء الحفل بالقرب من كواليس المسرح لتحية الفنان العربي الكبير والتقاط الصور التذكارية معه. تواصل الأجيال رغم أن معظم عشاق الفنان الكبير صباح فخري من كبار السن، وجيل الآباء والأمهات الذين ينتمون إلى زمن الفن الجميل، إلا أن هناك أعدادا غير قليلة من الشباب والفتيات حرصوا على حضور الحفل، وبينما حظيت أغاني شيخ الطرب العربي بتشجيع وإعجاب كبار السن الذين تفاعلوا مع كل الأغاني تصفيقاً وطرباً، كان الشباب أكثر حماساً، وفرضوا وجودهم داخل جنبات المسرح تمايلاً ورقصاً وغناءً مع كل أغنية وموال ورددوا كلماتها مع الفنان صباح فخري، في إشارة إلى تواصل الجيل الجديد مع زمن الفن الجميل.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©