السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف تجعل فصول حياتك «المتشائمة» ربيعاً بالبعد عن المبالغة بالتخطيط

كيف تجعل فصول حياتك «المتشائمة» ربيعاً بالبعد عن المبالغة بالتخطيط
20 مارس 2012
لكل منا أهداف وغايات عمرية أو عقدية أو سنوية أو شهرية، أو حتى يومية. فكل شخص يعد نفسه بأنه سوف يحقق كذا وكذا، ويواجه هذا التحدي وذاك لتحقيق أمنيته وحلمه، أملاً في النهاية في أن يكون شخصاً أفضل وأسعد. لكن ماذا إذا سئم الشخص من التخطيط ووضع الأهداف، وقرر ألا يخطط شيئاً، بل يعيش أيامه لحظةً بلحظة؟! قد يبدو هذا المنحى الفكري غريباً أو فلسفة حياتيةً مستهجنةً، لكنها يمكن أن تنفع أولئك الذين ينهالون على أنفسهم جلداً وسوطاً وتأنيباً كل مرة لا يحققون فيها ما خططوا له، علماً أنه من الطبيعي جداً ألا يحقق الشخص أهدافه كاملةً، ويُفلح حتى عند بذل كل جهده في تحقيق بعضها والتخلي عن بعضها الآخر أو تأجيلها، أو إنجازه على نحو منقوص في أحسن الأحوال. التفاؤل بالحياة العيش إذن دون الصداع الذي تسببه محاسبة النفس جراء الإخفاق في تحقيق كل الأهداف هو مذهب البعض. وهذا البعض ليس عبثياً أو عدمياً، بل يمتلك كل عناصر الإيجابية والتفاؤل بالحياة. فالأهداف بالنسبة له مجرد أفكار وأحكام، أو توقعات نضعها لذواتنا، ونمني أنفسنا بها، متجاهلين أن طبيعة الأشياء تقول إن التوقعات غير الواقعية تغزو أذهان الكثير منا وتعشش فيها، فلا تُسبب لها غير الإمعان في التعذيب وتأنيب الضمير، وسيل من المشاعر السلبية يجرف معه كل ما جمعناه من مشاعر إيجابية نتيجة تحقيق إنجازات أخرى. فما الهدف من أن أضع هدفاً لنفسي وأنا أعلم في قرارة نفسي أنه غير واقعي بالنظر إلى إمكاناتي أو ظروفي أو الجهد الذي أبذله فيه؟ صحيح أن أكثر الناس نجاحاً هم الذين يضعون غايات عاليةً وأهدافاً ساميةً سمو السماء وشموخ الجبال ثم يمضون نحوها بكل ما أوتوا من عزيمة وإرادة وقوة، لكن صحيح أيضاً أن هذه الأهداف تبقى واقعيةً على الرغم من صعوبتها. وشتان ما بين الهدف الصعب والهدف اللاواقعي. ومن جهة أخرى، عندما لا أضع لنفسي هدفاً أجري وراء تحقيقه كل يوم، فإنني أترك مجال توقعاتي مفتوحاً وحراً، فأنجح في تفكيك تلك الطاقة السلبية التي عادةً ما تتبع هذه الأهداف. فيكفي أن أرغب في شيء أو الاستمتاع بالقيام به. فالرغبة لها سمات لا تختلف كثيراً عن الأهداف والغايات المسطرة في جدول الأعمال أو قائمة المهام اليومية أو غيرها، لكن بعدسات أكبر وأوسع، ونظارات أعمق. فالأمر يتعلق في النهاية بالعيش بكينونتنا أكثر من عيشنا بأعمالنا. ولذلك فإن عيش كل يوم برغبة في الحياة يعني الإقبال على كل يوم جديد بصدر منشرح وذهن خال من ترسبات واجب القيام بما يتعين عليه القيام به دوماً! فأن تكون لك نظرة واضحة، وذهن صاف نقي يُقبل على اليوم الجديد بإيجابية أكثر بكل كينونته ومشاعره، قبل أن يُفكر فيه، ويتصرف بشأنه، ويؤمن بأنه هكذا ينبغي أن يكون، أو حتى كيف يمكن جعله أفضل. وعلينا ألا ننسى أبداً أن عقلنا يُصدق حرفياً كل ما نُخبره به! فدعنا إذن نخبره أخباراً طيبةً سعيدةً حتى يُكافئنا ويمطر كياننا بشآبيب المشاعر الإيجابية المتدفقة القادرة على جعل جوارحنا كلها تتفجر طاقات لامحدودة. الترجمة العملية ماذا يعني كل هذا على المستوى العملي؟ لا شك أن أي شخص يشعر في لحظة ما كل صباح بسلام روحه وهدأة نفسه في مكان ما وفي وقت ما، ربما قبل أن يستيقظ أي شخص آخر بالبيت، أو في أثناء أخذه حماماً صباحياً منعشاً. فهلا سألت نفسك في لحظة كهاته عن “رغبتي ونيتي لهذا اليوم”؟ فقد تكون التحلي بحلم أكبر وغضب أقل، وهكذا تجد نفسك وقد اخترت التصرف والتحرك والتحدث بطريقة أكثر لطفاً، وأقل دفاعيةً، ويغدو أخذ نَفَس عميق أحب ما يهوى قلبك فعله كلما ضاقت نفسك. أو ربما تُملي عليك رغبتك أن تُنصت أكثر إلى صوتك الداخلي وتقول “لا” عندما تأبى فعل شيء، و”نعم” حين ترغب حقاً في فعله. وقد تكون رغبتك هي أن تُخبر نفسك بأنك شخص جيد، تبذل أقصى ما تستطيع بصرف النظر عن محاولة الآخرين جعلك تشعر بعكس ذلك. وقد تحتاج في هذه الحال إلى إخبار نفسك بهذا الأمر مراراً وتكراراً طوال اليوم. كما قد تكون رغبتك بكل بساطة هي أن تجد الفرحة أو الامتنان في شيء ما هذا اليوم. وإذا ما جربت فعل ذلك، فقد تجد نياتك ورغباتك تُناسب مقاس يومك وتليق به. وعندما نفكر في رغبة ما، فإننا نُوجد لها قنوات ومسارات في شعاب عقلنا وشغاف قلبنا، فتترسبل فيها أفكار وتتجدول فيها أنهار، وتنأى كل النأي عن أي نقاط سلبية، وتُقبل على الفضاءات الرحبة الإيجابية حيث تسكن الذات ويرتاح البال وتقبع الغاية. فوداعاً لكل يوم مضى، ومرحى ألف مرحى بإشراقة صباح كل يوم جديد، وإطراقة مساء كل يوم جديد، مرحباً بطاقة جديدة، وقوة جديدة، وثقة جديدة، وعقل متفتح جديد، وقلب شغوف بالحياة، ونفس مبتهجة ومستعدة لمقارعة الشرارات المنبعثة من كل التحديات. عن موقع “mayoclinic.com”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©