الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«قمة الظهران».. مهمة شاقة لمداواة جروح المنطقة العربية

14 ابريل 2018 00:44
أحمد مراد (القاهرة) توقع خبراء ومحللون سياسيون في القاهرة أن تخرج القمة العربية الـ29 المقررة أن تنعقد غدا الأحد في الظهران بالسعودية بقرارات وإجراءات مهمة من شأنها أن تضع النقاط فوق الحروف فيما يتعلق ببعض القضايا والأزمات العربية القائمة الآن، والحد من التدخلات المرفوضة في شؤون دول المنطقة العربية من قبل بعض الأطراف الإقليمية لاسيما إيران التي تعمل وفق سيناريوهات مشبوهة، تعمل على زعزعة أمن واستقرار العالم العربي. وأشادوا بالجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية لإنجاح القمة، وتوقعوا مشاركة واسعة من جانب الملوك والقادة والرؤساء العرب. حلول واقعية لا مثالية وشدد المحلل والباحث السياسي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية د. مختار محمد غباشي، على أهمية القمة العربية وأنها تأتي في وقت مهم وحرج للغاية؛ نظرا لتعدد الملفات الشائكة المطروحة الآن على الساحة العربية، وهو الأمر الذي يضعها أمام تحديات جسيمة تهدد الأمن القومي بشكل خطير للغاية، وتتطلب موقفا حازما وحاسما، وتوقع أن يصدر عن القمة قرارات وإجراءات مهمة من شأنها أن تضع النقاط فوق الحروف فيما يتعلق ببعض القضايا والأزمات القائمة، في مقدمها القضية الفلسطينية، والتدخلات المرفوضة في شؤون دول المنطقة العربية من قبل بعض الأطراف الإقليمية المتربصة بالعرب، فضلا عن ملفات أخرى من المتوقع أن تكون حاضرة بقوة سواء خلال أعمال وفاعليات القمة أو خلال البيان الختامي، ومنها ملفات سوريا واليمن وليبيا. وقال غباشي: في ضوء المحاولات الإجرامية الأخيرة التي شنتها حركة الحوثي ضد المناطق الحدودية السعودية عبر إطلاق صواريخ بالستية إيرانية الصنع، من المتوقع أن تتضمن نتائج وقرارات القمة إجراءات من شأنها تمثل ردعا للهجمات الحوثية، وتضامنا عربيا مع السعودية ضد الاستفزازات الإيرانية. وأضاف: «ومن منطلق التحديات الجسيمة التي تفرضها الأحداث العربية الراهنة أمام القمة، من المتوقع أن تشهد هذه القمة مشاركة واسعة من جانب الملوك والرؤساء والقادة العرب، لاسيما وأنها تعقد في السعودية، وهي دولة ذات ثقل كبير في منظومة العمل العربي المشترك، وهناك حرص كبير من الجانب السعودي على إنجاح القمة». وتابع غباشي: «بعيدا عن التوقعات المرتقبة حول النتائج والقرارات التي سوف تخرج بها قمة الظهران، تبقى الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج تنظر إلى هذه القمة بشيء من الأمل، وتتمنى أن تخرج بجديد يميزها عن القمم العربية السابقة، فالأمر المؤكد والذي يراه الجميع أن هناك العديد من الأزمات التي تعاني منها الكثير من دول المنطقة العربية، وتستطيع القمة أن تتعامل على الأقل مع جزء من هذه الأزمات بشكل أكثر جدية، وتضع لها حداً نهائيا، وذلك من خلال اتخاذ موقف موحد قوي تجاه هذه الأزمات، لاسيما المتعلقة بالملف السوري أو الليبي أو اليمني، إلى جانب القضية الفلسطينية، والعلاقات العربية العربية، والعلاقات العربية مع القوى الإقليمية والدولية، لافتا إلى أنه من الضروري جداً أن تخرج القمة بموقف واحد يشكل اللبنة الأولى في عملية وضع حلول جذرية لهذه الأزمات المستمرة منذ أكثر من 7 أعوام، مع العلم أن هذه الحلول لابد أن تتسم بالواقعية، فلا مجال ولا وقت هنا للحلول المثالية البعيدة عن التنفيذ. ومشددا على ضرورة أن تعمل القمة على النهوض والارتقاء بآليات العمل العربي المشترك بشكل يتناسب مع مستوى التحديات المصيرية التي تتربص بالدول العربية، والتي تنذر بهدم مقدرات هذه الأمة واستنزاف مواردها. خطوط فاصلة وأوضح المحلل الصحفي المتخصص في الشؤون العربية، أشرف العشري، أن قمة الظهران تأتي في وقت تتزاحم فيه القضايا والأزمات العربية، وصار المتربصون بالدول العربية أكثر شراسة وتغولا، وبالتالي باتت الرهانات عالية، وسقف الطموحات مرتفعا لأسباب عدة أبرزها أن الحضور للقادة في هذه القمة سيكون كبيرا وطاغيا خاصة أن المملكة العربية السعودية هي التي ستستضيف هذه القمة، وبالتالي سيكون لزاما على قادة أكثر عدم التخلف عن الركب والحضور. وقال: «الطموحات والتوقعات المرتقبة حول نتائج قمة الظهران عديدة ومتنوعة، يأتي في مقدمتها البحث عن قواسم مشتركة وعاجلة لقضيتين أساسيتين، تتمثل الأولى في وضع خريطة طريق على المدى العاجل والقريب لإطفاء كثير من النيران المشتعلة والمضرمة في بعض الدول العربية بفعل مكائد القوى الإقليمية المتربصة بالعرب ودولهم، وتتمثل الثانية في إنقاذ الجامعة العربية وإخراجها من حاضنات الإنعاش الصناعي، ووضعها على أجهزة التنفس الطبيعي. علما بأنه من الصعب إحياء أو تعزيز دور الجامعة العربية وحضورها في المشهد الإقليمي أو العالمي أو توفير حاضنة سياسية عربية بين دول العالم ومنظماته الدولية والإقليمية لقضايا العرب إلا إذا كانت هناك إرادة عربية قوية على النهوض بالجامعة العربية ووضعها في مسارها الصحيح. وأضاف العشري: «الوضع العربي الآن أمام لحظة فارقة، ونحن نعول كثيرا على قمة الظهران، ووجود قوى ودول كبرى مثل مصر والسعودية والإمارات للتعاطي بقوة واحترافية غير معهودة لتجاوز تلك الصعاب، وفي تقديري أنه على الرغم من قتامة المشهد وصعوبة الحال سواء للدول العربية أو الجامعة العربية إلا أنه يحدوني أمل ورغبة ملحة بإمكانية نجاح العرب في قمة الظهران في إنقاذ الأوضاع ورسم خطوط فاصلة وحاسمة لمصيرهم وأوطانهم، فالقادة والأوطان العربية والجامعة العربية يستطيعون تحقيق ذلك على أرض الواقع». آلية جديدة للمبادرة العربية أما الخبير الأمني والاستراتيجي، اللواء محمد إبراهيم، فقال:«القمة العربية التي تشهدها الظهران مطالبة بأن تكون لها مواقف واضحة في العديد من القضايا المهمة التي تواجهها المنطقة، ولا شك في أن القضية الفلسطينية تظل بمثابة القضية المحورية التي لابد وأن يكون لها مكان مميز في الاهتمام والمعالجة في ظل ما تشهده القضية من تطورات في المرحلة الأخيرة تفرض على قمة الظهران التعامل معها برؤية جديدة، لاسيما أن عامل الوقت لم يعد في مصلحة الموقفين العربي والفلسطيني في ظل الإجراءات الإسرائيلية والقرارات الأميركية التي تزيد فرص التسوية السياسية تعقيدا. وطرح الخبير الأمني بعض المقترحات التي يمكن أن تساعد في بلورة الرؤية العربية تجاه القضية الفلسطينية خلال قمة الظهران سواء تم تضمينها في البيان الختامي أو كما يرغب القائمون على أمر القمة، وتتمثل هذه المقترحات في عدة أمور، أولا: اعتماد مبادرة السلام العربية المطروحة في قمة بيروت دون أي تعديلات مع الأخذ في الاعتبار أن إسرائيل تضغط من أجل إدخال تعديلات جوهرية على المبادرة، أهمها أن يسبق التطبيع مع العرب الانسحاب من الأراضي المحتلة، وثانيا:اعتماد خطة السلام التي طرحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام مجلس الأمن في فبراير الماضي فهي خطة متكاملة اشتملت على مبادئ وثوابت ومرونات ومقترحات وقبول باستئناف المفاوضات على أن يتم تحقيق قدر من التكامل بين المبادرة العربية وخطة عباس، وثالثا: الابتعاد تماما عن التعرض لما يطلق عليه صفقة القرن حتى لا نعطي هذا التعبير أي شرعية مع الاكتفاء بالتأكيد القاطع على عدم قبول الجانب العربي أي خطط سلام مطروحة من أي طرف لا تتماشى مع المطالب العربية والثوابت الفلسطينية، ورابعا: إعلان الاستعداد للبدء فورا في مفاوضات سلام إسرائيلية فلسطينية مباشرة من دون شروط مسبقة على أن تتم هذه المفاوضات في إطار آلية مقبولة تؤدي في النهاية إلى تطبيق حل الدولتين. وأشار إلى أن قمة الظهران عليها ألا تعيد طرح مبادرة السلام العربية فقط، وإنما يجب عليها تشكيل لجنة عربية مصغرة تكون مهمتها ترجمة المبادرة إلى آليات واقعية قابلة للتنفيذ في كل البنود التي تضمنتها، على أن تقدم اللجنة مقترحاتها خلال أسبوعين من موعد انتهاء القمة، ثم يلي ذلك تنفيذ الخطوة التالية وهي التحرك الخارجي لتسويق المبادرة وآلياتها في فترة لا تتجاوز شهرا من الموافقة على آليات التنفيذ، وعقب انتهاء هذه التحركات تتم دراسة نتائجها وتقييمها بهدف تحديد مسار الخطوات المقبلة. علما بأن الهدف الرئيسي من تفعيل المبادرة العربية بهذا الشكل يتمثل في أن يعي المجتمع الدولي أن العرب يمتلكون رؤية شاملة للسلام وأنهم على استعداد لتنفيذها من خلال مفاوضات حقيقية، وهو أمر بات مطلوبا بقوة أكثر من أي وقت مضى حتى لا تصبح الساحة السياسية خالية ترتع فيها إسرائيل كما تشاء، وتصبح الفرصة سانحة أمام أطراف أخرى لطرح خطط سلام لا تلبي الحد الأدنى من المطالب العربية والفلسطينية. وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، د. أيمن الرقب، على ضرورة أن يكون البيان الختامي لقمة الظهران ونتائجها وقراراتها «فاصلة» فيما يتعلق بالعديد من القضايا والأحداث العربية الجارية الآن، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الاتفاق على خطوات تنفيذية لما يصدر عن القمة من قرارات أو توصيات، فلم تعد الأمور تتحمل مناقشة قضايا وأزمات، وصدور قرارات وتوصيات دون أن ترافقها مواقف صارمة تعمل على تنفيذها على أرض الواقع. وتوقع الرقب أن تأتي القضية الفلسطينية في مقدمة أولويات قمة الظهران، خاصة أن هناك إرهاصات كبيرة بين القمة السابقة في عمان، والقمة الحالية في الظهران، وفي ضوء ما أثير حول صفقة القرن، لن يخرج الموقف العربي عن التأكيد على التمسك بالمبادرة العربية للسلام، باعتبارها المنطلق الأساسي لكل التحركات العربية المتعلقة بعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©