الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأعراس اليمنية.. مواجهة المحنة بالفرح

الأعراس اليمنية.. مواجهة المحنة بالفرح
12 مايو 2017 22:17
مهجة أحمد (عدن) مع مرور عامين من الحرب وتأثيراتها السلبية التي انعكست على جميع مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، ما زالت حفلات الأعراس في اليمن تحافظ على طقوسها التي يرجع تاريخها لآلاف السنين، مع المعاناة التي يعيشها اليمنيون، وخذلان الحياة لهم، فبارقة الأمل موجودة مع الصمود والاستمرار، وتحقيق الاستقرار والزواج. في ظل الأزمة اليمنية وتردي الأوضاع، لم تقل نسبة الزواج بقدر ما نقص حجم التحضير لمراحله واقتصارها على الحاجات الضرورية غير الكمالية، حسب رأي المتابعين، وبسبب الأحوال الاقتصادية المتدنية، كان التقليل من نفقات حفلات الأعراس أمراً لا بد منه عند كثير من الأسر اليمنية مسايرة للأوضاع القائمة. تكاليف الأفراح وكل ما يرافق الاحتفال بالزفاف من الزي وأساليب الزينة، والتقاليد في هذه المناسبة السعيدة لم تقف حائلاً دون قيام الأعراس بإطارها الضيق وفي حدود العائلة والمحيطين بها، لتعم الأجواء الاحتفالية، ويقول مدير مكتب الأوقاف والإرشاد لمدينة سيئون محافظة حضرموت، هشام خميس الحارثي: «إن تكاليف الزواج تأثرت بتأثر المرحلة السياسية والاقتصادية وارتفاعات الصرف والأزمة المالية، ولكن مع كل هذه الارتفاعات تبقى مدينة حضرموت أقل كلفة من أي محافظه أخرى في إقامة حفلات الأعراس». وأضاف: «إن عادات الزواج في حضرموت قد تختلف عن بعض المحافظات الأخرى، وربما قد تكون الأيسر مقارنة معها، فالزواج في حضرموت لا يشترط فيه أن يوفر الزوج منزلاً مستقلاً للزوجة، كما هو في بعض المحافظات الأخرى، فمن الممكن أن يتزوج الرجل ويذهب بزوجته إلى بيت العائلة، وتكون له غرفة خاصة به وعروسه دون الحاجة إلى تأجير أو شراء منزل جديد؛ أما بالنسبة للمهر فيختلف باختلاف العائلات، ففي وادي حضرموت مهما اختلف المهر فلن يصل إلى ما قد يصل إليه في بعض المحافظات الأخرى، يبدأ المهر من مائة ألف ريال إلى 400 ألف ريال، وقد يصل إلى نصف مليون ريال يمني بمختلف الطبقات الاجتماعية، ويعتبر هذا الرقم مناسباً عند بعض المحافظات الأخرى، وقد كان في مدينة سيئون وتريم وشبام وغيرها من المدن الرئيسة أقل من هذا المبلغ في السابق، ولكن ارتفع بسبب ارتفاع الأسعار والأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد؛ كما أن حفل الزواج يُقام في منزل العريس ومنزل العروس، فكلاهما يحتفل بالزواج في منزله الخاص، ولا توجد احتفالات في القاعات والأماكن المخصصة لحفلات الزفاف إلا ما نذر في الفترة الأخيرة، وهذه الاحتفالات التي تقام في المنازل دون القاعات توفر كثيراً من المال الذي تخسره بعض الأسر في قاعات حفلات الزفاف، والذي ساعد في ذلك أن منازل أهل وادي حضرموت كبيرة جداً تتسع لعدد من الضيوف أكثر من أي منطقة أخرى». وقال: «وجبات الغداء والولائم الخاصة بالزواج، الشيء الوحيد الذي فيه الزيادة والتكلفة، فأعداد الضيوف في الزواج كبيرة مما يكلف أهل الزوج مبالغ مالية في إقامة مثل هذه الولائم، وأما بالنسبة لتجهيز الزوجة، فتجهز حسب مقدرة أهلها من ملابس وغيرها، وكذلك شراء الذهب، وهذا أيضاً يشكل عبئاً على والد العروس، حيث إن البعض يستدين لشراء الذهب وتغطية مصاريف الزواج. «تنوع الموروث» رغم تقارب العادات والتقاليد ومواسم الأفراح في أغلب المناطق والمدن اليمنية، فإن كل منطقة منها تكاد تختص بميزات ومراسم وصفات مميزة، فالأعراس في مدن المرتفعات الجبلية كشمال وغرب اليمن، مناسبة متجددة للاحتفال المبهج للجميع، وتبين موظفة مكتب التأمينات من محافظة ذمار سماح المعمري أن طقوس العرس في مدينتها وبعض المناطق المجاورة لها كصنعاء وعمران تستمر لمدة أسبوع كامل، في كل ليلة سهرة وسمرة تختلف عن الأخرى سهرة الرجال يكون بالعود وللنساء مغنية وليلة الزفاف «الجلوة»، كما يطلق عليها أهل ذمار تكون آخر ليلة من مراسيم الزواج، وأضافت: تحضر نساء الحارة كل ليلة قبل موعد الزفاف لمدة أسبوع، من بعد المغرب يتسامرن وتقدم لهن القهوة والكعك، وتبدأ الفتيات بالرقص والأغاني، ويطلق عليها «الذبايل» تلبس العروس قميصاً من قماش ثقيل وذا أكمام طويلة، وطبعاً تكون العروس ملثمة، بحيث لا يراها أحد طوال سبعة أيام، ويتخلل هذه الأيام يوم نسميه يوم الحناء، حيث تلبس العروس زياً عادياً ويتم فيه مراسم الحناء، ويتم عمل غداء لأهل العريس قبل يوم الزفاف الذي نسميه ليلة «الجلوة»، أي الدخلة، ويوم الصباح يأتي أهل العروس ليسلموا عليها ويعطوها المال، وفي اليوم الثاني يتم عمل غداء لهم، وهي تزور بيت أهلها وتسلم عليهم وترجع بيت زوجها قبل المغرب، أما بالنسبة للعريس فيجتمع الأقارب والأصدقاء في جلسات تعرف بجلسات المقيل، حيث يتم توزيع المأكولات والمشروبات على الحاضرين، والاستماع إلى الوصلات الإنشادية، والغنائية لإضافة السرور والفرحة وتبادل التبريكات والتهاني، مشيرة إلى أنه مع الأحوال الاقتصادية قلت مصاريف إقامة الأعراس وصارت محصورة في الأساسيات ومعظم العوائل صارت تقتصر في عقد الزواج والدخلة على يوم أو يومين فقط للتقليل من النفقات. «الجانب الاقتصادي» يطمح الشباب اليمني إلى الاستقرار والزواج كغيره، خاصة أن الحرب تركت أضراراً عديدة، كان تأثيرها على الشباب بالغاً، ويقول الشاب محمد نصر من سكان مدينة جحاف محافظة الضالع: «أنهيت دراستي الجامعية، وأعمل الآن مندوب مبيعات في إحدى الشركات التجارية الخاصة بمدينة عدن، أرغب في الزواج والاستقرار، إلا أن الأحوال الحالية تجعله يفكر كثيراً قبل أن يقدم على هذه الخطوة، هو يدرك جيداً أن تكاليف الزواج باهظة جداً، ولا يقدر عليها، وهو ما دفعه إلى البحث عن عملٍ آخر إلى جانب عمله، وتأجيل موعد زواجه من إحدى قريباته أكثر من مرة، رغم عقد قرانه مضى عليه ثلاثة أعوام». وأضاف: «الشباب اليمني يحاول التأقلم مع تقلبات الحياة والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية القائمة، وعن طقوس الزواج بمحافظة الضالع»، وقال محمد: «في مديرية الضالع التي تشهد اختلافاً كبيراً عن بقية مديريات المحافظة، خاصة أن الكثير من الشباب عند إقدامهم على الزواج يتجاوزون تلك الحفلات ويقومون بزفة العروس من دون إشهار حفل الزواج، وقد يكون هذا لأسباب عدة، إما لتخفيف التكاليف نتيجة لظروف مادية تعانيها الأسرة أو بسبب عدم قدرة الأسرة على تحمل ما يسميه الأهالي (الجعثة)، ويقوم أهالي العريس أو العروس بإعطاء مبلغ مالي للعريس أو عروسه عوضاً عن الحفل، وهذا منتشر في أغلب مناطق المديرية». طرائف العادات وقد توجد بعض التقاليد الغريبة التي تحافظ عليها بعض العوائل اليمنية كتراث اجتماعي وثقافي أصيل، فمثلاً يتفرد أهل حضرموت من البادية للحضر بعقائدهم الخاصة في إتمام مراسم الزواج من دون تكلفه، كما يشير مدير إدارة البرامج بإذاعة سيئون في وادي حضرموت سليمان مطران إلى عدم وجود مجالس المقيل كبقية المحافظات مثل صنعاء وعدن وأبين والضالع وغيرها من المحافظات الأخرى، فهذه ميزة في حفلات حضرموت، وتبقى الشروط الأخرى المهر وتجهيز العروس في ارتفاع بسيط بسبب الظروف الاقتصادية وأثرها بنسبة بسيطة جداً على الزواج، ولكن لا يزال الإقبال على الزواج موجوداً في مدن حضرموت عامة، وعما يشاع من طقوس الزواج غير المألوفة بالمدن اليمنية في مدن الوادي والسهل والساحل الحضرمي يوضح مطران بأن عادة لا تزال قائمة عند كثير من الأسر التقليدية الحضرمية، حيث لا تعلم الفتاة المراد تزويجها بترتيبات الزواج، وتُحذر الأم كل من في البيت من إفشاء سر الزواج، خاصة للعروس إلا في ليلة القبضة، حيث يتم القبض على الفتاة من نساء الأهل أو الأقارب بوساطة شرشف وتتم تغطيتها وإخبارها بأن فلاناً ابن فلان سيتزوجها، من هنا تبدأ مراسيم الزواج، ثم تُغسل وتلقى من العناية والاهتمام ما لم تجده من قبل، تجلس على فرش مصنوع من القطن، وتوضع تحت أرجلها المساند المطرزة ببعض عبارات المحبة والتهاني، وبجانبها النساء المخصصات «المحنيات» للبدء بتزيين يدي ورجلي العروس بالحناء والرسومات والنقش الجميل، أما في بيت العريس، فقد تم الترتيب لسهرة الحناء «الدهنية» وتُعد أول مراسيم الزواج، مثلها مثل القبضة وتختلف مسميات تلك الليلة، فكل مدينة أو منطقة لها تسمية، فمنهم من يطلق عليها «مخدرة، دهينة، بطيق»، وتسبقها وجبة عشاء للرجال والنساء غير مختلطين تسمى «عشاء غسة» تقام في مكان يتسع لأكبر عدد وأمام بيت أهل العريس، ويستمر السُمّار والراقصون «الزفانين» منذ التاسعة والنصف أو العاشرة إلى ما بعد الثانية صباحاً، وهناك صوت «العريس» أو أغنية خاصة يسمح فيها له بـ«الزفين» مع الأهل والأقارب والأصدقاء ويستمر في تلقي التهاني والتبريكات إلى أن يأتي «مرسول» من قبل أهل العروس أو اتصال يخبرون أهله بأن العروس جاهزة للزفاف فيذهب إليها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©