السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهيمنات النسوية.. أو يقينياتها

مهيمنات النسوية.. أو يقينياتها
20 مارس 2013 21:15
النقد النسوي متباين، وأصله في فقه التأقلم وليس الحقيقة، ولكنه مع ذلك، يبني طرقاً مسمرة في معمعة الأطروحة اليومية للدراسات الاستفسارية، إن صحت العبارة، وهو دائما يطرح أسئلة التطور والقراءة المبدعة لأكثر من نص فوقي وسطحي وغير ذلك... ثم إنه مع أبداع القلة ومع تطور نخبوية جديدة من الكتاب و القراء والدارسين، وذلك ما يمكن أن نسمره على مرتبة الحداثة وما بعد الحداثة.. ثم إنه نهج فوقي جداً، ومعنيّ بدراسات متطورة في الأنثروبولوجي والنفسي والإنساني بشكل عام وهكذا... مما يذكر في الدراسات الثقافية الجديدة والمستحدثة، والتي تعنى بها فوقية الدراسة وليس تكرارها، بل عبادة الجديد منها، أنها لم تعد تقر بمشروعية الفكرة القائلة، إن العلم الإنساني أصبح متطوراً لدرجة أن القدرة على استيراد علم من غيره غير ممكنة، وهو ما يسمى بالتناسخ في العلوم وغيرها.. وحتى علم الفضاء أو الوجود، كما هو في محصلة المدرسة التفكيكية الجديدة بعد دريدا، ليست إلا مقاومة للتصدي لما قبل البلشفية من تطور معرفي ناقص باتجاه القيصرية أو الربوبية الكاملة للإنسان المسيطر وحذف ما هو متجذر في النفس من عبودية القلم لمخلوق واحد، وانصهار التجربة الإنسانية، فيما يعرف باللون والجنس والثراء و الرغبة و الهيمنة... وهكذا كما هو معروف في قلوب العراة من العالم. النسوي والأنثوي قبل الدخول في قراءة الدراسات النقدية النسوية من منظورين فقهي أصولي، وغربي مقنع متطور، لا بد من الإشارة إلى مسألة هامة هي: في بعض القراءات الحديثة و المتطورة يدخل في بؤر التحديث الإنساني والقراءات الأدبية لفظ النقد النسوي، أو ما يعرف بـ”نظريات الجنس من الداخل” أو المثلية في التحليل الأدبي، ويعني لغة التفاضل في الجنس؛ بمعنى كتاب تكتبه أنثى وآخر غير ذلك. ولفظ الجنس لا يرتبط إلا بتحديد التناص بين ما ينتج نسويا في العالم من الكتاب بقسميه: الأنثوي والذكوري المؤنث، كأن نقول: في كتابات أغاثا كريستي مثلاً لا توجد لغة واحدة، وإنما هناك مئة لغة بمعنى أنها ترفع الثيمة الذكورية والمؤنثة، وتعطي في كتاباتها أو روائعها الأدبية فكرة التداني بين رجل ورجل، وبين قصة وأخرى، وبين يقين فكري وآخر موضوعي متبين. من ذلك، أيضاً، القول إن فكرة الله عند أجاثا كريستي تعني الخلق؛ فهي تكره القتل والمقتول والقاتل في ثلاثية غير إنسانية، بمعنى أن قراءة أجاثا كريستي للحقيقة اليومية في رواية “القتل للقتل” ـ وهي بنية الاستمرار عند كريستي ـ تعني أبهة الحقيقة وليس غير ذلك. هناك أيضاً قراءة مارلي كينج، وهي كاتبة تهتم بالجرائم النسوية. تكتب ما تعرف من تراجع فكرة الأنثى السيئة، وظهور الأنثى الطيبة في قراءة ما يعرف بالنثر الأدبي المتطور أو المختزل إلى لغات غربية ومتطورة؛ بمعنى أنها تستفيد من المبحث الأنثوي في قراءة ما يمكن أن يعرف بالسرد المتطور و الموضوعي والإنساني الشامل، حيث لا توجد امرأة ولا رجل.. الكل يدخل في لعبة السرد. القصد من كل هذا أن النثر الأدبي والشعر والقص أو السرد تهافت مرجعي مؤطر لدراسة الأفكار النسوية، ومن هنا نعترف بقدرة الإنسان على تقصي الحقيقة في قراءة ما وراء الأفكار الجديدة والحديثة والمتطورة.. كأن أقول في السرد الراوي امرأة وهي لا تعني نسوية، وأقول في السرد الراوي رجل وهو لا يعني ذكراً أو دخول في الذكورة. المسألة تعني حقيقة الفكرة؛ فهناك كاتبة تدعى أنطوني، مثلاً، وهي امرأة، وهناك شكسبير وهو مؤلف ذكري يعتمد قضايا الحب والسياسة واللوعة والفراق والموت ونحوها.. هل نسكر بذكرى جولييت أو نعتبر أن روميو وجولييت أدب إنساني شامل. في واقع الأمر أرى أن التفرقة حديثة والكتابة النسوية تتخمر في معرفة أنثى السرد والحدث، وليس الكاتب المؤلف أو الشاعر. هناك من يكتب باسم أنثى وهناك من يتلصص على قضايا المرأة في سلم الكتابة الروائية أو الأدبية. إذاً، الحقيقة أن الدراسات الأنثوية وليست النسوية تسيطر على المكتبة أياً كان نوعها من مختلف اللهجات في أوروبا والعالم العربي وأميركا وفرنسا والغرب والشرق. وفي ألف ليلة وليلة مثال آخر يمكن الاستدلال به، فهذه الرواية رغم حداثة سردها و تطورها وفنونها الذكية، و رواية شهرزاد لقصصها وتضمينها المخالفات البشرية هي ليست نسوية، ولم تقرأ أبداً من منظور إنساني نسوي. إن الكتابة من تأسيس إنساني أو أنثوي لا تعتبر قراءة حقيقية لمشاكل النساء؛ فالثيمة المسيطرة على أدب مثل أدب الراحل البروفيسور هيستون لا تفسر نسبية القراءة، وإنما تصب في متاعب التفسير التطوري للنص، كأن نقول: يستمر الكاتب أو الكاتبة في التداخل مع حرفية المهنة المتطورة للكتابة فينقل الحديث، ويستمر السرد في صياغة أنثوية متطورة ملتوية حلزونية حتى ينفصل الحدث عن المكان، ونقرأ ثيمة مثل الهجر الخ، وهكذا... يمكن القول إن هناك تفاضلاً في ترشيح القراءة النسوية. إن سلبية العلم النسوي هي امتثال وتطور للمرشحات في الحقل الكتابي، وهن ممتنات لأحداث القرن الحادي والعشرين ومن قبله القرن العشرين، ومنهن يمكن التماس شروط الكتابة النسوية وقدسية السرد الإنساني القائم على حدوتة تقودها امرأة، كأن أقول في السرد: حدث البارحة أمر مهم وهو موت صديقتي أو هكذا. وعليه، فإن نسبة الحدث ليست في الصمت النسائي، ولكن في خطاب الهشاشة والضعف الذي تقوده أنثى قوية أو ليست قوية وهكذا... إن الفكرة النسوية في الكتابة هي حصيلة تآمر نفسي وصادق يقيني بين حوارية الذكورة والأنوثة؛ فعلى سبيل المثال: في بغداد تقتل المرأة وتكتب عنها امرأة وهكذا... كيف بزغ هذا العلم؟ أمثلة كثيرة تذكر، وعلى رأسها الكاتبة الهندية الأصل وتعرف في بريطانيا أو غيرها باسم مواي توريل، وهي كاتبة نسبية الطرح، بمعنى أنها تقود إلى الفكرة النسوية باتجاه الخلاص دائماً. أي أن ما يعني المرأة يجب أن يدور في محاور ثلاثة هي: الأفق الرجعي أو المتراجع، كالزواج المعنف، ومنه تخرج إلى ثنائية الفضح ثم الإشهار، وهي بنية الخلاص الأولى أو العلاج، وبعدها تدخل في ثيمة الموت/ الراحة الأبدية للمرأة أو الخلاص الفوقي من الرب أي الإنصاف والعدالة، وهي غالبا ما تحدث في الشرق وتغيب في الرواية الغربية، حيث الخلاص يدخل في ثيمة الجدوى الوجدانية والراحة في الغياب، وهكذا دائماً تسدل الستائر في بعض مشاهد الفرح وتفتح في مشاهد الفوضى وليس الحزن. نقرأ أيضا في فرجة التركيب الأنثوي عن علاقات الإنسان بمكونات الحدوتة الإنسانية وهي: (الرب، الإنسان، السقوط، الموت). الحكاية تتطور، ومن يدرك أن الفوضى في الخلق هي فوضى الإنسان، يدرك أيضا أن البناء الكامل للسرد يتطور في افق نسوي، كالزواج، أو حريق المنزل بالجدة، أو لعبة الحب، أو تزاوج الطفولة مع السرد، او غياب عاهل البيت، أو تداعي امرأة في مغبة الفساد، كالكحول والشراب والجنس و نحوه. لست بصدد التعداد، ولكن أرى أن مقولة مواي توريل لا تدخل إلا في حلول ملتبسة وغير حقيقية في نسوية الطرح، ولكن في معمعة القص تتطور المرأة حتى الانحناء؛ فمرادف مواي هي المرأة المشوقة والقارئة المتطورة. نقرأ أيضا في نسوية القرن العشرين الفرنسية التشوبل، وهي امرأة تقرأ الدرس بعكس نظرية فرويد وحتى لا كان، وتدرك أن التنفس الأنثوي لا يقوم على الذكورة، وإنما على تطور مناهج علم الاجتماع والنفس الحديثة. و هي تقرأ ما يكثبه كلٌّ من تواتر الحداثة اللغوية واللسانيات وتدعو إلى تدمير أسس التراجع في السيطرة القضيبية في المنحنى النفسي لفرويد على مجمل الحدث الروائي والسردي؛ فما يقال عن فرويد و فراءاته النفسية القديمة وحتى لاكان لا ينبىئ بمنحنى أو فحوى نفسي للسرد النسوي، وإنما هو ذكوري، وغير متقن ومعلن ومتمكن، في قراءة أدبيات المرأة المعاصرة، كما هي عند تاينجا أو حتى كتابات المتهورة مورفي باو (كلتاهما أسماء ترد في مؤلفاتها). لا يمكن من هذا المنطق تدارك المعرفة النسوية و أدبياتها إلا من منطلق التصور الواضح لمفاهيم واردة عند المدرستين الأوروبية الحديثة وتقودها، في رأيي توريل، وليست الفرنسية التشوبل. النظرية في الفقه النقدي النسوي، إذن، تتمثل في الهجوم على مفاهيم التناسب، وليس المطلق المعنون بأدب الذكور أو الكتاب المعروفين. وإذ نبحث أو نتهجى ثلاثة فصول من كتب أو كتاب مواي الشهير المعنون عربياً باسم “في داخل الذات” أو “في الداخل” وهي: (الأجناس الأحادية) (الوحدة المثلية) أو (المثلية القاتلة)، سنجد أنها تقدم قراءة المرأة متخيلة، و قراءة المرأة في الواقع المتطور، وقراءة المرأة في عصور البؤس (غالباً في الهند). ويمكن القول إن هذه الفصول ليست إلا محاولة قراءة ما هو متخيل في الذاكرة، أو ما هو متخيل في القادم، كأن تنبئ عن فصائل من النجوم تهاجر إلى الله ولا تعود، أو هكذا تطرح فكرة خروج بعض النساء خلاصاً من الواقع كما يحدث في غربة المرأة المتطورة إذا دخلت في حداثة متناهية أو اغتراب متوازي، وهو فصل كامل لها. ثم نخرج من حجر المرأة في غيابها الى تواجدها المهمش، ومنه إلى اختفائها أيضا الكامل وليس النوعي أو حتى المشتبه بغيابه أي أنها تموت نفسياً وتبقى واقعياً مدركة. كذلك في الفصل المطرز باسم “بين الغياب وعدمه” أيضاً، تتماسك ولا تغيب ولا تظهر. وننتصر في النهاية لمقولة ذاكرة الحضور النفسي وهي غير معلنة لتبدأ مرحلة الولادة أو الخروج مرة ثانية. ويتدفق السرد في هذا المضمار كأن تلد وهي تموت.. أو تموت ولا تلد.. أو بين هذا وذاك تواصل لعبة الموت والحياة وهي بذكاء الولادة وليس الموت. وفي فصول الكتاب لا توجد قراءة لأبجدية الحروف المذكورة أو لغة السرد، وإنما هي اتهام داخلي بتغيب المحصلة الكاملة للمرأة لغوياً؛ كأن اذكر الأب وأنسى الاسم، وفي البلاد العربية نجد أن شهرة الأخت ليست باسمها، وإنما باسم أخيها أو أبيها أو ابنها، وهي لغة الشفاهة ولغة الموت عند مواي وهكذا... وثمة أيضاً نعي فكرة الأبجدية الإنسانية في نعي قراءة المرأة المرتدة بخبث ساقطة أو راكبة أو قائدة أو مصيبة، ولا توجد إلا من خلال فعل التأنيث: ذهب ولا ذهب وذهبت ولا ذهبت، فهي إضافة ثانية (هذا في الوجدان العربي). اللغة عند مواي بكل أنواعها سلطوية، وتعني ذكر باعتبار أن التسلط تاريخيا من الرجال.. هم المنظّرون، لذا ترفض قراءة المرأة بمقلوبها الشفهي والإنساني والحقيقي والمدرك. أيضا يعتبر عقل الرجل متاهة في تعامله مع المرأة، وندرك أن إنسانية القراءة لا تعني التجاوب، وإنما الرفض ويبقى في المدرك نظرية الأحادية، وهي تجنب الفصال بين الأنواع والأجناس. ومن هنا فقد نقرأ ما كتب من قبل البعض عن الأجناس أو التجانس أو ما يعرف بالجنوسة (جندر) أو النسوية أو الذكورة أي الذكورة الخارقة. و نقرأ منها ما يعرف بأدبيات القارة الأوروبية، وعلى التحديد بؤس ثورة الاتحاد السوفيتي في بلشفية الطرح و ديكتاتورية الحزب المذكر، كما تقول، باعتبارها تمر بشفاء حقيقي في أوروبا. المخيلة الإنسانية لا تقوى على طرح متطرف أو بوهيمي وفق نظرية الأبوية، وهي أيضاً شبه متطورة عند إنسان توري أو هكذا تعرفها.. من ذلك القول إن الأبوة العشائرية ثقل وإفلاس، وهي في الهند قتل لكل ما هو مناقض، وكذلك في كثير من بلاد الشرق العربي والأوسطي والأقصى. الأبوة هنا أو البناء البطريركي السحيق الذي يرتبط بمعنى الذكورة غير المعروفة، وهي تستعين فيها بمرتكزات فرويد العكسية. كأن تقول: “الشهوة ليست منصة الحدث عند اللقاء الجسدي أو الإنساني، وإنما هي الرغبة الحقيقية في الخلاص من التواتر والعذاب الإنساني؛ فالسلم عند المرأة ليس الغياب للجسد والروح والذاكرة واليوم وإنما هي الإنقاذ”. فمشروع الكتابة إنقاذ في النص النسوي وليس خلاصاً فقط. عند الرجل هو مشروع أنثوي متطور نحو تحقيق اللذة بلغة الأصبع والجنس، كما هي عند سيجموند فرويد، أو حتى لاكان كما فسره النسويون، وليس كما هو في حقيقته. التناقض في الطرح المرأة ليست مسودة الكتابة بمعنى لا توجد كتابة متخيلة ولا توجد قراءة كذلك، وإنما هو واقع متطور أو شبه واقع، وبه نعني تجربة الرحيل او الغياب عند النساء وليست الهجر، لا تعني الاختفاء وراء غربة الموت أو المرض أو الجوع والخلاص بالتواجد والهجر الداخلي لمنطقة الذكر المسيطر. ونبقى في مسألة القراءة الأولى للتاريخ البشري: الإنسان ذكر وآدم خلق ثم بعده جاءت زوجته حواء. وفي الأساطير نقرأ الاختفاء: تحتمس مثلاً وظهور زوجته ثم غيابها أو مقتل كليوبترا أو هجرة الأمهات، أو رحيل قيس عن ليلى، أو تجربة العذراء بعد ابنها وبكائها الطويل عليه، ومن ثم رحيلها إلى حيث لا نعلم... كلها أسئلة في القرآن. في الأصل، تعتمد القوامة في أدبيات المرأة وفق منطق توريل على صدقية الحدث، وهو بعد كل هذا لا يقوم على الأنفة الفكرية أو النمو المتقزم للنساء وإنما على تجربة الفناء والخلاص منه.. وهكذا نبني أطراً للتواصل المرجعي والمبحث الرئيسي في سلم الأولويات الذهنية، ومنها منطقة الأصول الفكرية والنحوية المتقدمة في أطر الحدث الوهمي والحقيقي والنسوي المرتبك والمتحيز في عرف النهضة الحديثة. وفي موازاة الطرح المتناقض تأتي قضية التماس الفكري بين نوعين من الدراسات الأنثوية، وهي في الأصل تضاد مبني على حدثية اليوم، وليس على الفكر النسوي الشامل.. وربما يظهر ذلك في قراءة بعض المتطورين فكرياً ومنهم ما يقوله أنسي الحاج: - في تصوري لا توجد امرأة إلا وبها شيء قاس، مرعبة وقاسية، ثم إنها تقوم بالولادة كل يوم. ـ أيضا من أقوال توفيق الحكيم: ليس من النساء ما هو اقرب إلى الوهم وليس من العكس أي الرجال ما هو أقرب الى الترف والدلال. ـ وأيضاً الوهم نصفه عذاب وآخره استكانة. ـ واقرأ في لغتي لا توجد امرأة معذبة وإنما هو لغة العذاب، أي الرجل. ـ وأقرأ دفاتر الشهر، نصفها رجال ولا مكان إلا للمرأة القوية... ويبقى الطرح مستمراً. النسوية في إطارها العربي بدأ الاهتمام بالثيمة النسوية في الأفق العربي منذ كتاب قاسم أمين “المرأة الجديدة” ثم تمدد في افق آخر عند مرددي الحداثة وأصواتها لا سيما من النساء. ومن اهم ما يذكر في هذا الصدد من المآخذ هو غياب المرافق الذكوري أي الأنثوي النحوي أو السردي أو الشعري في منظومة التراث النسوي العربي. بل إن التراث النسوي غائب في الأساس؛ فحتى قصيدة كوليرا المهمة تبدأ بلفظ أو فوضى أو اتزان حداثي اكثر من اهتمامها بالرجل الذكوري السائد، ومنه نفرق بين “المومس العمياء” للسياب أو القصيدة النسوية الحديثة بانبهار القراءة الحديثة والجديدة للمرأة. في مصر، حدث اتزان حتى الربع الأخير في معناه، ومن القرن التاسع عشر بهت الصوت النسائي تماما ولا صوت إلا للاستعمار بأنواعه. لا شك في أن العراق ومصر ولبنان و المغرب وفلسطين شكلت حالات من الرافد النسوي في ما كتب من أسماء متطورة، على اختلاف بينهن، (فدوى طوقان، ليلى بعلبكي، غادة السمان، سحر خليفة، هدى بركات، اميلي نصر الله، وحنان الشيخ التي تفضح في “حكاية زهرة” و”مسك الغزال” (الأكثر أهمية في مدن النفط) تفضح مراسيم التستر الرجعي على “دنيا” هي مذكرة من الألف حتى الياء وتنطق باسم طائفية لبنان الذكورية وغيرها. و”مسك الغزال” تصابي مثقف لنهضة الداخل والعلاقات الحميمة، ثم تأتي “الآخرون” لصبا الحرز لتكشف حقيقة هذه العلاقات وتبدأ بنسف سلطة الوقار عن الداخل في مجتمع متطرف، حدسي، إنساني، متآلف في المنطقة الشرقية بدون توقيع أو باسم مستعار (صبا الحرز). أعود لمصر لأقول: لا يوجد في العالم أقوى من صوت نوال السعداوي ولكنها على مستوى القص تكتب كأنها أوديب أو رفاقه على مستوى الذكورة النسوية. هناك بالطبع ما هي أقوى من نسرين الخيام أو من ابنتها منى، ففي المقدمة تأتي لطيفة الزيات بصوت الأنثى العربية المتطورة فكراً وليس كتابة كأن أقول في (المشايخ) في قصصها القديمة الصوت أنثوي والقيام عسكري، وهو يعني أن الرائعة الزيات تحارب من اجل الكتابة والمرأة معا لأنها تهتم باسمها وبالكتابة باللغة الانجليزية. بعدها تأتي الطحاوي أو سلوى بكر أو “الزيني بركات” لجمال الغيطاني، حيث أنثوية السرد والكتابة المذكرة. المرنيسي تطرح الفكر الأهم في المغرب العربي وبالتحديد المغرب، وهي بلا شك متمصرة حينا وفرنسية حينا آخر في حوارها الراقي، كأن افترض أن سلطانات منسيات تقود إلى ذكورية الفض العذري وغباء الأعراف والتقاليد المتبعة أو تسترها على الفجيعة الإنسانية بشقيها لا سيما عالم النساء، ما عدا تأملات محمد شكري في “الشطار” و”الخبز الحافي” حيث يقود الحدث ذكور في مجتمع ذكري متصل. النسوية في إطارها الخليجي لا شك أن المنطقة الخليجية بما فيها من أسماء نسوية تطرح المغامرة ويبقى فك الأسد مطبقا على الأداء، وأعني به تميز بعض الأقاليم؛ كأن أقول عند ليلى العثمان وفاطمة العلي وعالية شعيب في خطابها المتمدن نحو فقهية النظرية الأنثوية ومنها جدل الحوار كما في أطروحتها الفلسفية لنيل الدكتوراه “المرأة في القرآن/ الشريعة”، وهي المرادف لما أسمته لغة الجسد. ولكن في المجمل تسيطر في الكويت على الكتابة النسوية قضية الإنسان بشقية الطيب والظالم، و قضية الامتهان الاجتماعي، غير أن تدفق السرد النسوي يقاس بمعاناة الأنثى وعبق حضورها في النصوص المكتوبة عفواً أو تجنباً للحدث الواقعي والحقيقي، وهي تعني زهو الكتابة في النسوية والإصرار على لغة الفساد السياسي والديني والاقتصادي والاجتماعي والبوح السري لمعاناة الـ بدون والمتعثرين ومصالح الفقراء. وفي حدثية البحرين تبقى فوزية الرشيد وفوزية السندي وأخريات مثل حمده خميس أشد قسوة من قرار النساء، بمعنى التركيز في فوقية على احتمال تداخل الألم أو الترفع على ملامسة الأخطاء اليومية. في “مسك الغزال” تغامر حنان الشيخ ولا تغامر غيرها كالسندي، على سبيل المثال، في اتجاه التعرية الكاملة للحدث؛ فالعلاقات النسوية في مسك الغزال تكشف عمق الفوضى في الاجتماعي في الجزيرة وتدثر المرتجع اليومي والنسوي للحدث الإنساني بشقية العربي والأوروبي، مع العلم ان مسك الغزال اورثت بعدها بزمن “بنات الرياض”، وهي فوقية الطرح وتكنولوجيا الحب المتناثر أو هكذا في صياغة المرحلة النوعية من تطور المرأة السعودية. وعموماً أجد أن الموروث النسوي مهم عربيا ومحليا ولكن لا توجد مرآة حقيقية لقراءة النسوية لا في الإمارات ولا غيرها. الصوت النسوي العربي الخليجي منتحل ومبجل وفاضح بمعنى؛ هو منتحل أي مستعار، ومبجل لأنه مرفق بالنفط فهو قوي نفطياً، وفاضح لأنه مكشوف أوروبياً وعالميا، ومضطهد في الأساس. في الإمارات اتهمت الأنثى الكاتبة بالعجز عن طرح قضية المرأة أو قضية الفصام النفسي أو ذكره، باستثناء بعض ما كتب عن سلمى مطر أو اتصالها بالسحرة أو “عشبة” أو مريم جمعة أو مفردة ليلى احمد القديمة أو قراءة الكاتبة ظبية خميس، أو حتى ما قلته في “زهرة الدم”، ونفي دراسة التوثيق النسوي وليس القص المختلف. والإمارات بقراءة ميسون صقر أو صالحة غابش أو سارة حارب أو ظبية خميس أو من هنَّ على هذه الشاكلة في ترفع ذكري أو ذكوري على الحدث النسائي؛ كأن أقول بخصوص “ريحانه” لميسون صقر: السياسة والعبودية عملتان وكلتاهما تقودان إلى الموت أو القهر. وهكذا يبقى على المنصة بعض من الانتصار لحديث صالحة غابش لمهمة تواصل العبث النسوي في أطروحة الهجين بين العمل/ البطالة/ الحب/ واللازواج والأنوثة والتضحية وقياس المردات الأخرى. عند ظبية خميس يبقى انتصار الذات أهم من النسوية، أما سارة حارب فهي كما قالت في “زهرة الدم”: “ليس الحب ارتواء وإنما طهارة وقدسية ويعني تخلخل في العلاقة بين الذكر وأنثاه من أجل الجحيم النسوي أو الإنساني أو الفيض القمعي من الداخل”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©