الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طالبان في بيشاور··· عالم بذاته

طالبان في بيشاور··· عالم بذاته
29 يونيو 2008 21:30
في الشهرين الأخيرين، ضيق مقاتلو ''طالبان'' فجأة الخناق على مدينة بيشاور -أكبر مدن أفغانستان ويقطنها ثلاثة ملايين نسمة- من خلال إقامة قواعد لهم في البلدات المحيطة، واختطاف سكانها في وضح النهار، ثم اشتراط دفع مبالغ كبيرة كفدية مقابل الإفراج عنهم، وهؤلاء المقاتلون ذوو الشعور الطويلة واللحى الكثة، يأتون في قوافل مدججة بالسلاح من منطقة القبائل، التي ينعدم فيهــــا القانون والتي لا تبعـــد سوى 10 أميال عن المدينة، وقد بلغت جرأتهم في الآونة الأخيرة حد الذهــــاب إلى مقــــار المحاكـــم في البلدات القريبة وإصدار الأوامر للقضاء بالخروج منها، وكذلك اقتحام مركز اقتراع مخصص للنساء في ضواحي المدينة، واختطاف الناس من الأسواق والبيوت· التهديد الذي تشكله ''طالبان'' لـ''بيشاور'' يعد دليلا على النفوذ المتغلغل للحركة في باكستان، بما في ذلك خطوط الإمداد القريبة لقوات الناتو، والقوات الأميركية في أفغانستان، ويشار إلى أن قادة كل من القوات الأميركية والناتو معا، قد ظلوا لشهور طويلة، يشتكون من أن سياسة الحكومة في التفاوض مع المقاتلين، قد أدت إلى تزايد عدد الهجمات التي تتم عبر الحدود من قبل مقاتلي طالبان في أفغانستان، ولكن حملــة الترويع السافرة التي تمارسها ''طالبان'' في ''بيشاور'' التي تبعد عن ''إسلام أباد'' العاصمة بمسافة يمكن قطعها بالسيارة في 90 دقيقة يثبت أن تهديد ''طالبان'' قد أصبح يمتد عميقا على جانبي الحدود، ليس فقط من خلال الهجمات الانتحارية، وإنما أيضـــا من خلال التواجد المستمر للمقاتلين وســط السكان· في هذه المدينة الإقليمية الكبيرة -تمثل محورا مهما للإقليم الحدودي الشمالي- الغربي- يمكن للمرء أن يتبين بسهولة مظاهر الخوف السائدة، فقد هجر الجميع إلى مناطق أخرى أكثر أمنا في باكستان وخارجها، أما الفقراء منهم فقد بقوا عرضة لمحاولات الترويع التي تمارسها الحركة، ومع تدفق المقاتلين على ''بيشاور''، دعت الحكومة الوطنية -الأربعاء الماضي- إلى عقد اجتماع في ''إسلام أباد'' لتدارس الموقف الأمني الآخذ في التدهور، وقبل ذلك التاريخ بيوم واحد صدم أحد المتعاطفين مع طالبان وهو ''مولانا فضل الرحمن'' الجمعية الوطنية، عندما قال إن المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية بأسرها بما في ذلك ''بيشاور'' قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الوقوع تحت حصار المقاتلين، وحذر ''فضل الرحمن'' من أن السيطرة الحكومية ''تكاد تكون غير موجودة''، وأصدرت الحكومة بيانا بعد اجتماعها قالت فيه: إنها قد أحالت المسؤولية المباشرة عن حفظ الأمن في الإقليم إلى الجيش، غير أنها لن تلجأ إلى القوة إلا كخيار أخير· هذا ما جاء في ''البيان الحكومي'' أما إجابة السؤال المتعلق بما إذا كان لدى الحكومة فعلا العزيمة اللازمة لحرمان المقاتلين من المكاسب المذهلة التي حققوها، فتبقى محلا للجدل، يعلق ''أرباب هداية الله'' -ضابط الشرطة السابق في ''بيشاور'' على ذلك بقوله-: ''لقد أصبحت الحكومة عاجزة، كما أن قوات الشرطة فقدت عددا كبيرا من رجالها على أيدي طالبان مما يجعلها في حالة خوف منها''، وعلى رغم قربها من العاصمة فإن ''بيشاور'' كانت على الدوام عالما قائما بذاته، وهو ما يرجع إلى أن الإقليم والمناطق القبلية كانا، إلى حد كبير، محل تجاهل من قبل الحكومات المتعاقبة، ولم يكونا يحصلان سوى على النزر اليسير من الميزانية العامة، كما لم يكن يوجد بهما سوى أقل عدد ممكن أجهزة ومؤسسات الحكم· وعلى ما يبدو أن سكان ''بيشاور'' قد ارتضوا إلى حد كبير أن تمضي الأمور على هذا النحو، وأن يدبروا شؤون أنفسهم بأنفسهم، وأن يحقق بعضهم الثروات من خلال العمل في التهريب الذي يزدهر في المقاطعة بسبب موقعها المهم كمدخل إلى منطقة القبائل شبه المستقلة عن سلطة الحكومة المركزية، بالإضافة لذلك كانت المدينة منطلقا للكثير من المؤامرات: ففي ثمانينيات القرن الماضي استخدمها الأميركيون كقاعدة خلفية للمجاهدين، الذين دعمتهم واشنطن من أجل التصدي للوجود السوفييتي في ذلك الوقت في أفغانستان، وفي عام 1985 جاء ''أسامة بن لادن'' إلى هذه المنطقة لتقديم العون لذلك الجهد، وبعد ذلك التاريخ بثلاث سنوات، وتحديدا في أغسطس ،1988 عقد ''ابن لادن'' اجتماعا في أحد منازل المدينة دشن فيه تنظيم القاعدة كما ورد في أحد الكتب· واليــــوم تعمــــــــل طالبــــــــان -بالتعاون مع القاعدة في بعض الأحيان- على السيطرة الكاملة على كافة المناطق القبلية، وعلى نقل نفوذها بشكل تدريجي إلى باكستان كلها، بعد قيامهم بـ''طلبنة'' وتحدي الحكومة في المناطق القريبة، ولا يعرف أحد على وجه الدقة، متى ستسعى طالبان إلى الاستيلاء على ''بيشاور''، ولكن بعض الناس هنا يتوقعون أن يتم ذلك من خلال هجوم مباشر للحركة، في حين يتوقع البعض الآخر أن يتم هذا الأمر من خلال حملة ممنهجة للترويع ونشر الخوف، مع وضع رجال مدججين بالسلاح في مناطق حيوية بالمدينة مختارة بعناية، ربما لا يعرف البعض ما هي استراتيجية طالبان، ولكن الشيء الذي يعرفه الجميع هو أن استراتيجية الحكومة تكاد تكون ''غير موجودة'' كما يقول ''وريث خان افريدي'' أحـــد زعمـــاء القبائل والعضــــو السابق في الجمعية الوطنية، ويضيف ''أفريدي'': ليست هناك استراتيجية لمواجهتهم، وعما قريب ســـوف تذهـــب طالبــــان إلى بيشاور، وتقول للجميع: ارفعوا أيديكم''· جين بيرليز وبير زبير شاه- باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©