الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سينما الضفتين

سينما الضفتين
20 مارس 2013 21:18
بدأت زحمة المهرجانات السينمائية العربية والعالمية صيف هذا العام بتصدر قائمة المشهد الابداعي، ومن ذلك اكتمال الاستعدادات لإطلاق “مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط” المغربي في دورته التاسعة عشرة في الفترة ما بين 23 و31 مارس الجاري. وستشهد دورة هذا العام احتفاء خاصا بالسينما الجزائرية بمناسبة الاستقلال ومرور خمسين عاما على صناعة هذه السينما، حيث يعرض من أعمالها كوكبة من الأفلام التي أرّخت لهذه السينما عبر مختلف الأجيال، بينما يدخل فيلم المخرج مرزوق علواش “التائب” في منافسات المسابقة الرسمية، ويعرض جماهيريا تسعة من أهم الأفلام الجزائرية التي تعتبر علامات خاصة في مسيرة الفن السابع في هذا البلد، ومنها: الأفيون والعصا (أحمد رشدي)، وقائع سنوات الجمر (لخضر حامينا)، القلعة (محمد شويخ)، عطلة المفتش الطاهر (موسى حداد)، عمر قتلاتو الرجولة (مرزاق علواش)، نوّة (عبد العزيز طولبي)، جبل باية (عز الدين مدور)، الشبكة (الغوتي بن درويش)، ليلى والأخريات (سيد علي مازيف)، مسخرة (الياس سالم). والعودة لمثل هذه الأفلام التي تعتبر من كلاسيكيات السينما الجزائرية، هو تكريم حقيقي لجيل الرواد الجزائريين، ومعهم نخبة من الشباب السينمائي الذي أكد على حضور مميز في مجال صناعة الفيلم ذات الصبغة المحلية الخالصة. ويتوزاي مع ذلك التكريم الفكري لهذه السينما من خلال الندوة الفكرية المصاحبة بعنوان “السينما الجزائرية والجيل الجديد”، يديرها عدد من نقاد السينما: أحمد بجاوي، محمد بن صالح، نبيل الحاجي (الرئيس الشرفي لمهرجان وهران للفيلم العربي). من المقرر أن تحتفي هذه الدورة، بالسينما الاسبانية من خلال تكريم أحد وجوه الاخراج الشهيرة في هذه السينما، وهو المخرج فرناندو تروبيا، وذلك في إطار اختيارات تطوان للسينما المتوسطية منذ انطلاقته. وهذا المخرج حاز خلال مسيرته على جائزة مهرجان غويا للسينما الاسبانية ثلاث مرات عن أفلامه “حلم القرد المجنون” (1990)، و”العصر الذهبي” (1994)، و”فتاة أحلامك” (1999). ويعد المخرج فرناندو تروبيا واحدا من ضمن الأربعة الكبار في عالم الإخراج في السينما الاسبانية المعاصرة الحاصلين على (الأوسكار)، إلى جانب كل من: خوان أنطونيو، بارديم وبير، لانغا بيدرو، ألمو دوفار. والمهرجان بوجه خاص يولّي اهتماما خاصا بسينمائيي الضفة الأخرى للمتوسط، حيث جرى تكريم عدد من المخرجين السينمائيين الاسبان في دورات سابقة تقديرا لروح هذه السينما الانسانية. وستشهد الدورة الحالية احتفاء خاصا بالسينما البرتغالية من خلال تكريم أربعة من مبدعيها في مجالات الاخراج والسيناريو والإنتاج، فيما يتعزز الجانب الفكري والنقدي من خلال تنظيم ندوة ذات خصوصية ثقافية واضحة بعنوان “الإنتاج السينمائي المشترك في بلدان المتوسط”، ومائدتين مستديرتين حول “السينما وتاريخ الموريسكيين: وجهات نظر مختلفة” و”الروائية المغربية والسينما”، وكما يبدو من الجانب الفكري فإن هناك تعزيز واضح لفكرة إرساء تقاليد مهرجانية لتطوير مفهوم الكلمة والنقد وحوار التجارب خارج سياق العروض. وفي سياق الاختيارات العالمية للمشاركة في المهرجان، اختيرت المنتجة الإيطالية الكبيرة جراتسيا فولبي لرئاسة لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ويأتي هذا الاختيار على خلفية أن جراسيا هي واحدة من أعلام ورموز السينما الايطالية المعاصرة إنتاجا وإبداعا، فضلا عن أن اختيار فولبي له علاقة أيضا بالجانب الاحترافي والثقافي على خلفية أنها عضو بارز في أكاديمية الفيلم الاوروبي، وما تلعبه من دور خاص في تنمية وتطوير الفيلم الأوروبي بمواجهة سينما العالم. ويبرز في هذا الإطار فيلمه “قيصر يجب أن يموت” الذي تم عرضه في الدورة الأخيرة من مهرجان أبوظبي السينمائي، بعد أن حاز الفيلم على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين الدولي للسينما في دورة فبراير عام 2012، وهو من إخراج الأخوين باولو وفيتوريو تافياني، وسبق للمنتجة غراتسيا أن توجت بجائزة أفروديت للنساء في الفنون السمعية والبصرية في قصر السينما في روما، كما حظيت عام 2007 بتكريم عن مجمل إنتاجاتها السينمائية الراقية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، فيلم “المشتبه” (1975)، و”إمرأة من القمر” (1989)، و”الدولة السرية” (1997)، و”شكرا على كل شيء” (1999)، و”الأب الغريب” (2010) للأخوين تافياني. لم يفت المهرجان في تكريماته من النظر بقوة إلى الإبداع المحلي المغربي باختياره للفنانة المغربية ثريا العلوي لتكون في صدارة المكرمين المحليين لهذه الدورة الحافلة بالأفلام والوجوه السينمائية النقدية ذات الشهرة العالمية، فضلا عن تكريم المخرج المتميز سعد الشرايبي صاحب فيلم “نساء ونساء”، والذي تنتصر أفلامه عادة للقضايا الإنسانية الجوهرية من قبيل قضية الآخر، ومشكلات إستلاب المرأة في المجتمعات الشرقية ذات السطوة الذكورية. وفي السياق يحتفي المهرجان بالسينما المصرية على طريقته، من خلال عرض جملة من الأفلام ذات الصلة بالحراك الشعبي العربي، ومن ذلك عرض فيلم “فبراير الأسود” في منافسات المسابقة الرسمية، وهو من سيناريو وإخراج محمد أمين، صاحب أفلام “ليلة سقوط بغداد”، و”فيلم ثقافي”، و”بنتين من مصر”. كما سيتابع المهرجان على هامش المنافسات الرسمية فيلم حديث يعنوان “حفلة منتصف الليل” سيناريو وحوار محمد عبد الخالق وإخراج محمود كامل، هذا إلى جانب تكريم الممثل الكوميدي المصري أحمد حلمي، وعرض مجموعة من أهم أفلامه. وتطل الدورة الثامنة عشرة من المهرجان على موضوع الحراك العربي، من خلال عرضها لجملة من الأفلام من تونس ومصر، فيما تتخطى هذه الدورة المجال إلى الاحتفاء بهذا النوع من السينما، سواء من خلال أفلامها أو من خلال الندوات الفكرية، حتى تكريم بعض وجوهها، مضافا الى كل ذلك الاحتفاء النوعي والخاص بالسينما الجزائرية التي حظيت بتقدير وتكريم خاص في الدورة الماضية من مهرجان أبوظبي الدولي السينمائي، كما أنه رغم سعته وانفتاحه على ثقافات متعددة، يحافظ بقوة على التقاليد والثقافة المغربية، وهو ما يجعله مميزا في محيطه، فالهوية أولا ومعها المحلية، ومن ثم الخروج الى العالمية في إطارها الذي ينزع منا ثقافتنا وخصوصيتنا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©