السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أدب الخليج عَبَر إلى الحداثة ولم يهجر بيئته

أدب الخليج عَبَر إلى الحداثة ولم يهجر بيئته
9 يناير 2015 01:02
محمد وردي (دبي) أقامت «ندوة الثقافة والعلوم» أمسية ثقافية بعنوان «الأدب الخليجي: المفهوم والسمات»، قدمها الدكتور سعد البازعي مساء أمس الأول، وتناول فيها مصطلح «الأدب الخليجي»، فلاحظ أنه لا تنطبق عليه شروط الاصطلاح ومنها، غير التوافق، دقة الدلالة وشموليتها أي قدرتها على تفسير ما يراد منها أن تفسره. ومع ذلك يرى أن المصطلح لا يخلو - على قصوره - من فائدة، وهي أنه يساعد على رؤية هُوية تتنامى في منطقة مهمة وكبيرة من الجزيرة العربية. ربما أن هذه الهوية لم تترك أثرها العميق بعد على ما نسميه أدب المنطقة أو ما نسميه «الأدب الخليجي»، لكنها ستفعل مثلما فعلت الهويات السياسية التي طرأت عبر قرن من الزمان فجعلتنا نتحدث عن أدب سعودي وإماراتي وبحريني إلخ؛ ذلك لأن استشعار الكتاب على اختلافهم بالانتماء إلى بقعة من الأرض وإلى كيان سياسي محدد ومجتمع يأتلف ضمن ذلك الكيان ينشئ هوية يصطبغ الأدب بصبغتها تدريجياً. ولذلك يكون المصطلح قادراً على تفسير جزء من الظاهرة الأدبية، ولكنه لا يستطيع رسم ملامحها أو سماتها. وهذا يفسر محاولات الدكتور البازعي في البحث عن مصطلحات أخرى، مثل «ثقافة الصحراء»، ليشير إلى «الحنين الذي ربط بعض الإنتاج الأدبي، بالثقافة التي ابتعدوا عنها بمجيء المدنية، أي الحنين إلى ثقافة البدوي، ثقافة البر والرمال والأهازيج، وأهم من ذلك إلى أنفة البدوي ونقاء الصحراء». معتبراً أنها صورة رومانسية تبتعد عن قسوة الواقع الصحراوي، إلا أن قارئ الأدب، سيشعر أن تلك الصورة على رومانسيتها جاءت نتيجة لمواجهات ثقافية أثرت في هوية أبناء المنطقة سلباً ودفعت بهم إلى التمسك ببعض ثوابت الحياة أو البيئة بوصفها مستنداً لهوية مستقرة أو واضحة المعالم. حين يصف شاعر سعودي مثل محمد الثبيتي نفسه بالبدوي، وهو أبعد ما يكون عن البداوة في أسلوب حياته وثقافته، أو حين تتحدث شاعرة مثل سعدية مفرح في الكويت عن الصحراء والخيام ونقاء البداوة، أو حين نجد ما يشبه ذلك لدى شاعر عماني مثل سيف الرحبي أو أحمد راشد ثاني في الإمارات أو علي الشرقاوي من البحرين أو غير هؤلاء من شعراء المنطقة، فإن الهاجس الذي ينبغي أن نلمسه هو هاجس الهوية والانتماء وليس الصدور الفعلي عن المكان. ذلك الهاجس ترك أثره ليس فقط على الجانب الموضوعي أو الثيمي في الشعر وإنما أيضاً على جماليات اللغة والصورة والإيقاع. ولا أظن أن من المصادفة أن يكون بعض ذلك الشعر من أبرز ما أنتجته منطقة الخليج في العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل. ولا أبالغ لو قلت أيضاً إن بعض ذلك الشعر صار من مكونات الشعر العربي المعاصر. وما يُقال عن الشعر يمكن أن يُقال عن السرد، فالقصة القصيرة ثم الرواية حالياً تمثل حضوراً لافتاً وقوياً في المشهد السردي العربي المعاصر، وهو يمثل إضافة نوعية، ويحمل سمات مختلفة. وفي الحديث عن سمات الأدب الخليجي يقول الدكتور البازعي أنها تعيدنا مرة أخرى إلى سؤال الهوية وإلى المصطلح، الذي يتلخص في التالي: ما هي الإضافة الإبداعية التي مثلها أدب هذه المنطقة؟ وكيف انعكس ذلك جمالياً أو أدبياً على النصوص بحيث يمكن لأحد أن يقول، هذا أدب من تلك المنطقة وليس من غيرها؟ وإذا ماتحفظ البعض، من منطلق أنه يقيد الإبداع ضمن بيئة معينة، فأذكّر بالمقولة الشائعة: إن العالمي ينطلق من المحلي. دون الإغفال أن الكثير من الأدب المحلي لا قيمة تذكر له. موضحاً أن التميز يأتي من قدرة الكتاب على قراءة العالمي في المحلي، واستلهام البيئة القريبة بقضاياها ذات البعد الإنساني، والتعبير عن ذلك بلغة وأبنية شعرية أو سردية أو مسرحية يستطيع الآخرون من غير أبناء البيئة أن يتواصلوا معها ويتذوقوا الجميل المؤثر فيها. ويضيف البازعي أن من أهم القضايا التي تحولت إلى سمة رئيسة في أدب المنطقة هي قضية التحضر، أو قضية المرور عبر برزخ الحداثة من مجتمعات بدوية أو زراعية أو بحرية بسيطة وشبه متحضرة إلى مجتمعات تعيش إشكاليات التحديث في القرن العشرين ثم الواحد والعشرين. البعد الجغرافي يقول لنا بوضوح إن منطقة الخليج منطقة صحراوية أولاً وريفية وبحرية ثانياً. وأدب المنطقة مضطر للتعامل مع هذا الواقع لأن البيئة تفرض نفسها سواء وعى الكاتب ذلك أم لم يعه، لكن الكتاب المتميزين بالوعي وبالإمكانات الأدبية الخلاقة واعون دائماً بتلك الإشكالية، وإن تعاملوا معها بطرائق مختلفة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©