الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تأديب الطفل علناً يزيده عناداً

تأديب الطفل علناً يزيده عناداً
31 ديسمبر 2015 20:58
أبوظبي (الاتحاد) ليس عيباً أن تقوم الأم بتأديب ابنها في حالة ارتكابه خطأ في المنزل، لكن أن يكون أمام الملأ فهذا من أكبر الأخطاء التربوية، التي اتفق عليها علماء النفس، مؤكدين أن معاقبة الطفل بكل أنواع العنف لا تجدى نفعاً على المدى الطويل، فكم هو مؤلم ألا يجد الأب أو الأم حلاً للتفاهم مع الطفل إلا بالتعنيف الجسدي. والمؤلم أكثر أن يكون الضرب في مكان عام. وهنا يرافق التعنيف الجسدي والنفسي الإهانة العلنية أمام غرباء لا يريد الطفل أن يفقد كبرياءه أمامهم. ورغم أن أنواع العنف متعددة لكن يبقى العنف والتوبيخ والضرب أمام الناس من أكثر أنواع العنف الذي يهز شخصية الطفل، ويزيد حدة عناده، ويجعل منه عدوانياً، ويضعف ويحطم شعوره المعنوي بقيمته. ومن تجربة أم تشعر بتأنيب الضمير حين قامت بتوبيخ ابنتها أمام الناس في مركز تجاري، تقول نوال، «موظفة حكومية»، إن ابنتها أصرت على أن تشتري لها لعبة من المحل، فرفضت، فما كان من ابنتها، التي تبلغ من العمر 5 سنوات، إلا الصراخ باكية أمام الناس بطريقة لافتة للأنظار، وأضافت: «على الرغم من محاولاتي إسكاتها فإن ذلك لم ينفع، فما كان منى إلا أن ضربتها أمام الموجودين في المحل على خدها بقوة، ما اشعرني بالخجل بعد ذلك». ويتكرر الموقف مع سيدة لم تستطع تمالك أعصابها بمعاقبة طفلها في المنزل، بل كان العقاب واضحاً أمام موقف سيارات الباص بإحدى المدارس، حيث قامت بتوبيخ طفلها من خلال قرص أذنه بشكل عنيف، وأمام مجموعة من أصدقائه غير مبالية بنظرات الاستهزاء، ولم تدرك أن ذلك الأمر سيولد لدى طفلها نوعاً من عدم تقدير ذاته والتقليل من شأنه أمام زملائه، تاركة ابنها حزيناً من دون أن تحضنه وتخفف من حزنه. مشكلة تتنوع أساليب التوبيخ عند أولياء الأمور، ليبقى عقاب الطفل أمام الناس هو المشكلة الكبري التي تقلل من ذات الطفل. وتقول هبة شركس استشارية وخبيرة نفسية في أكاديمية آسيا: «هناك الكثير من السلوكات التربوية الخاطئة التي يمارسها الآباء تحت بند (نربي أبناءنا)، وأبرزها التوبيخ والعنف الجسدي واللفظي أمام الناس، وهذا ليست أساليب تربوية صحيحة بل هي أدنى الأساليب التربوية وأقلها نجاحاً، فما يقوم به الآباء من تعنيف لأبنائهم هو تربيتهم على القسوة والعنف وهدم نفسياتهم». وتضيف: «كثيراً ما نشاهد في محيطنا أو في الأماكن العامة أحد الوالدين وهو ينهر طفله بصوت عالٍ، ويتلفظ عليه بعبارات قاسية تسبب له الحرج، وتعرضه للسخرية أمام الآخرين. وهذه المعاملة تخلق لديه المشاعر السلبية وتجعل العلاقة بين الطفل وضاربه علاقة خوف بلا احترام وتقدير، كما يدمر الضرب الطفل ويحرمه من حاجاته النفسية للقبول، والطمأنينة، والمحبة، فيجعل منه منطوياً على ذاته خجولاً لا يقدر على التأقلم والتكيف مع الحياة الاجتماعية، كما يبعده عن تعلم المهارات الحياتية من «فهم للذات»، و«ثقة بالنفس»، و«الطموح»، و«البحث عن النجاح»، ويجعل منه إنساناً عاجزاً عن اكتساب المهارات الاجتماعية، فيصعب عليه التعامل مع الآخرين أطفالاً كانوا أم كباراً». دراسة حديثة في دراسة حديثة أعدها قسم حماية الطفل في الإدارة العامة لحقوق الإنسان بشرطة دبي كشف النقيب محمد ناجي العولقي، رئيس القسم، عن أن 42 حالة عنف شديد ارتكبها الأهالي بحق أولادهم في شهر واحد، لافتاً إلى أن إحدى هذه الحالات تمثلت بتعذيب طفلة بوساطة الحرق ما استدعى تحويل الأم والأب إلى النيابة العامة، فيما قامت بقية الحالات بالتوقيع على تعهد بعدم التعرض للطفل مستقبلاً. وقال إن هذه الحالات أبلغ عنها جهات حكومية ومدارس ودور رعاية، مشيراً إلى أن ثلاثة أطفال أبلغوا بأنفسهم عن تعرضهم للتعنيف من خلال الاتصال ب «غرفة العمليات» التابعة للشرطة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©