الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صفقة «السلام»: المستوطنات مقابل العقوبات!

صفقة «السلام»: المستوطنات مقابل العقوبات!
29 أغسطس 2009 00:12
لفت تقرير نشرته صحيفة «ذي جارديان» البريطانية عن صفقة وشيكة للسلام في الشرق الأوسط يعقدها البيت الأبيض مع تل أبيت وتربط بين تجميد جزئي للمستوطنات الإسرائيلية مقابل فرض عقوبات مشددة على إيران، انتباه الدبلوماسيين الأوروبيين، هذا في الوقت الذي قوبلت فيه تفاصيل الصفقة بتشكك العديد من الأطراف. فمع أن أغلب المراقبين يشككون في استعداد أوباما للجمع بين السياستين؛ الأولى التي تسعى إلى تحجيم البرنامج النووي الإيراني وتشديد العقوبات إن اقتضى الأمر، والثانية المتمثلة في الوقف الجزئي للاستيطان بالأراضي الفلسطينية المحتلة. إلا أنه في ظل المساندة التي أبداها الرئيس نيكولا ساركوزي لسياسة العقوبات المتشددة على طهران، في حال عدم تجاوبها مع عرض المفاوضات المقترح عليها بحلول قمة الأمم المتحدة في عشرين سبتمبر المقبل، ناهيك عن دعم فرنسا لقيام دولة فلسطينية ولتجميد المستوطنات... يبدو أن البيت الأبيض يملك شريكاً يبحث معه عن تسوية في الشرق الأوسط. وقد اختارت فرنسا تصعيد نبرتها ضد النظام في طهران والمطالبة بإيقاع عقوبات صارمة عليه، في محاولة منها لتجسير الهوة التي اتسعت خلال حرب أميركا على العراق، وأيضاً بسبب التقارب المتزايد بين فرنسا وإسرائيل. غير أن ما تشهده إيران حالياً من انقسام ينخر نخبتها الحاكمة، يقول الدبلوماسيون الأوروبيون، يجعل من السابق لأوانه فرض عقوبات صارمة على طهران ما دامت نتائجها قد تنعكس سلباً على المعتدلين وباقي العناصر الداعية إلى الإصلاح، وهو ما يؤكده «فرانسوا هيزبورج»، مؤلف كتاب «إيران، اختيار الأسلحة» ومستشار بمؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس، قائلاً: «ليست العقوبات جزءاً من العناوين الرئيسية، سواء في الولايات المتحدة أو في بريطانيا وفرنسا، فنحن لا نعرف من يتولى الأمور في طهران، ولا التداعيات التي ستترتب على العقوبات؛ لذا فإنه من الصعب انتهاج الدبلوماسية عندما لا تدري من سيتأثر بسياستك، لكن ذلك لا ينفي تأييد فرنسا للعقوبات باعتبارها بديلاً عن القصف». وفي جميع الأحوال، بات الموقف الفرنسي من الملف النووي الإيراني أكثر تشدداً من الموقف الأميركي وإن كان غير معلن عنه لحد الآن، بحيث يفضل المسؤولون الفرنسيون تبادل هواجسهم بشأن إيران دون الترويج لها كثيراً في وسائل الإعلام. لكن الخبير في الشؤون الإيرانية بمعهد الدراسات التنموية والدولية بجنيف «كليمو تيرم» يشير إلى أنه «من الصعب على فرنسا إظهار موقفها المتشدد والذي يفوق أحياناً الموقف الأميركي، خوفاً من استهدافها من قبل إيران، فالسياسة الفرنسية في هذا الإطار تظل تابعة للسياسة الأميركية، وهو الطريق نفسه الذي تسلكه بريطانيا، ومازال الموقف الأوروبي يفتقد لصوت موحدة حول إيران». وفي حال استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، أعرب الفرنسيون عن رغبتهم في استضافة المباحثات، وهي الرغبة ذاتها التي عبرت عنها روسيا، حسب تقرير نشرته الصحيفة البريطانية. بيد أن هذا الاستعداد لمساعدة الفلسطينيين وإسرائيل على تجسير الهوة القائمة بينهما لا يمنع بعض الأوروبيين من إبداء شكوكهم إزاء إمكانية تغلب الطرفين على العراقيل السياسية والنفسية التي تعيق التوصل إلى اتفاق، سواء على الميدان أو في اللقاءات المحتملة بين رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لكن رغم الشكوك والتحذيرات من صعوبة التوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين وإسرائيل في المرحلة الراهنة بالنظر إلى الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة من جهة والانقسام الفلسطيني من جهة أخرى، فقد تحدث التقرير الذي نشرته «ذي جارديان» عن اختراق حققته إدارة الرئيس أوباما بشأن وقف الاستيطان مقابل تشديد العقوبات على إيران، بحيث ترجم إلى لغات عديدة ووزع على نطاق واسع في البلدان الأوروبية. وفي يوم الثلاثاء الماضي، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، براون، بعد لقائه نتنياهو عن تفاؤله بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط، لكنه أكد أن المستوطنات الإسرائيلية تظل عقبة كأداء أمام السلام، وهو ما سبق أن أشار إليه الرئيس الفرنسي عندما خاطب سفراء بلاده في الخارج قائلاً: «الحقيقة أنه لن يكون هناك سلام فيما يستمر بناء المستوطنات». ومن بين المشككين في الربط الذي أقامه تقرير الصحيفة البريطانية بين السلام في الشرق الأوسط والملف الإيراني، الخبير في شؤون المنطقة «روبرت مالي» من مجموعة الأزمات الدولية بواشنطن، والذي اعتبر ما نقلته «ذي جارديان» مجرد خلط لمعطيات لا يوجد ما يثبتها على أرض الواقع قائلاً: «ربما يستفيد نتنياهو من هذا الربط لتسويق تجميد المستوطنات إلى الرأي العام، لكن لا أعتقد أن الموضوع الإيراني وعملية السلام مرتبطان لدى الإدارة الأميركية، إنهما خطان متوازيان». ويضيف «مالي» أن علامات الاستفهام «مازالت تطارد قضايا الشرق الأوسط دون حلول واضحة، ونحن أبعد ما نكون عن لب الموضوع، لكن أوباما الذي شعر بأنه تورط في مسألة المستوطنات وبأنه لا مخرج مجدٍ منها، قرر الالتفاف عليها بإعلانه النصر والتحرك بعيداً عن المشكلة». أما أحد الأكاديميين من هارفارد، وقد اتصلنا به في إسرائيل بعد قضائه فترة في غزة والخليل، فيقول إن أي صفقة ترعاها الولايات المتحدة ولا تضع حداً للسيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين في أرض الواقع، لا سيما غداة قصف غزة، فإنها لن تستجيب للمطالب الفلسطينية. ويستطرد الأكاديمي متسائلاً: «كيف يمكن لشخص يتحلى بالعدل والمنطق أن يربط في عقله بين وقف جزئي للاستيطان مقابل تدمير الاقتصاد الإيراني؟» روبرت ماركاند - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©