الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

حمى المساواة

14 ابريل 2018 20:50
«لا يمكن أن نحظى بحضارة حقيقية، ما لم نتعلم كيف نعترف بحقوق الآخرين» ويل روجرز، ممثل ومسرحي ومؤلف أميركي راحل في بريطانيا حمى قديمة، بلغت أوجها هذه الأيام. انفجرت بعنف لأن رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وضعت حدوداً زمنية لإنهاء عدم المساواة في الرواتب بين الجنسين في المؤسسات البريطانية الخاصة. اللافات، أنه لا توجد مؤسسة واحدة من تلك المؤسسات تساوي في الرواتب بين الموظف والموظفة في الدرجة نفسها! والأمر الآخر، أن المؤسسات نفسها فشلت في الالتزام بالمدة التي وضعتها ماي للكشف عن لوائح رواتب الموظفين لديها، من بينها بنوك هائلة الحجم، ومؤسسات وشركات كبرى توظف بالآلاف وليس بالمئات. الأمر الثالث، جاء في تحليل ضيق لبيانات 490 شركة، أظهر أن 97% منها تزيد رواتب الرجال عن النساء! و3% فقط تزيد رواتب النساء عن الرجال! يمكن للإمارات أن تفخر بالفعل في هذا المجال، لماذا؟ لأنه في الوقت الذي كانت فيه الشركات والمؤسسات البريطانية تتحايل أو تتريث في موضوع نشر قوائمها تجنباً للفضائح والتكاليف، اعتمد مجلس الوزراء في إصدار أول تشريع من نوعه للمساواة في الرواتب والأجور بين الجنسين. وهذا يعني أنه لا مجال في الإمارات لأي غبن في الرواتب يستهدف المرأة. فالمساواة هنا صارت قانوناً، ولن يكون هناك أي استثناء في توفير فرص متكافئة بين الجنسين. والحق أن الإمارات، تقدمت أشواطاً في مجال المساواة في العقدين الماضيين، فقد عملت (كما هو معروف) على تمكين المرأة، ومن دون التمكين لا تتحقق المساواة. وهنا تُظهر ريادة في تشريع لا يزال يتشكل حتى على الساحة البريطانية. تيريزا ماي جعلت من قضية المساواة بين الجنسين المشروع الداعم سياسياً لها، وهي بالفعل تحتاج لأي شيء يمنحها قوة ما، بينما تعاني من ضعف شديد حتى ضمن دائرة حزبها نفسه! ولا تبدو أنها تستطيع أن تصل إلى غاياتها بسرعة، لأسباب كثيرة، من بينها أن هناك ثقافة متجذرة في عدم المساواة في الرواتب بين الجنسين تعود لعقود طويلة. كما أن المؤسسات والشركات (ولاسيما الكبيرة) لا تزال تحسب الخسائر التي ستنجم عن هذا التحول، وهي خسائر مرتفعة بالفعل. غير أن التحرك الحكومي الآن سيسهل عملية سد الفجوة في الرواتب بين الجنسين. ومع قرار يفرض على المؤسسات الإفصاح عن قوائمها، ستكون هناك ساحة لمحاسبة أي مؤسسة لا تلتزم بالإجراءات الجديدة، ولا تعمل على سد الفجوة المشار إليها. مع ضرورة الإشارة، إلى أن المحاسبة لن تكون حكومية، بل من خلال المساهمين والعملاء لدى المؤسسات المستهدفة. إنها عملية تاريخية بالفعل على الساحة البريطانية، وتكتسب هذا التوصيف لأنها تنال من أكبر الشركات قاطبة، في بلد يعتمد اقتصاد السوق «مذهباً». المساواة مثل الجاذبية، يحتاجها كل مجتمع لكي يقف على الأرض رجلاً وامرأة. والمظالم التي تعود لقرون، يمكن أن تنتهي بالتهديد والمحاسبة، دون المساس بالطبع بالحريات الاقتصادية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©