الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أمهات الأدباء

20 مارس 2015 22:20
لا ينسيك شيء أن الجنة تحت رجليها. جنة لا يمكن اختزال العثور على مفاتيح الوصول إليها في يوم واحد. لكن الصورة ذاتها تحيلك إلى صورة أقرب، صورتها الخالدة في الإبداع الإنساني. ولا تزال أم «مكسيم غوركي»، رواية الأم محرضة على التجدد الروحي. وأم السياب التي لا يعرف ملامحها لأنها رحلت وهو في السادسة فتداخلت في شعره مع صورة الوطن تفعل الشيء ذاته. وأم محمود درويش التي يستريح فيها معنى كلمة وطن تعمل على تجددك هذا. غوركي ودرويش وبينهما السياب رفاقنا في رحلة طويلة منذ تولعنا بالكتابة وقبلها القراءة. رحلوا وما زالت أمهاتهم تجددنا.أم مكسيم غوركي التي رحلت وهو في التاسعة لم تقصد على تجسيد أم كتلك التي جسدها في رائعته سنة 1906. ولأنها غريزة فقد تحولت إلى مناضلة دون أن تسعى للحصول على هذا اللقب، وهي لم تكن مثقفة ولا متعلمة ولا ثورية لكنها كانت من صنع المستقبل، يقول غوركي: «وحدهن الأمهات يمكنهن التفكير في المستقبل فهن يلدنه». أما أم السياب فقلما تختفي. تلمحها بين مجموعاتك القديمة التي لا تزال تحتفظ بها منذ سبعينيات القرن، صادرة عن دار الثقافة الجديدة، ومن بين الأبيات التي تحتوي صورة أمه، أمك، الوطن، ما يحبس أنفاسك عندما تقرأ في «أنشودة المطر»: «تثاءب المساء، والغيوم ما تزال/ تسح ما تسح من دموعه الثقال/ كأن طفلا بات يهذي قبل أن ينام:/ بأن أمه ـ التي أفاق منذ عام/ فلم يجدها، ثم حين لج في السؤال/ قالوا له: «بعد غد تعود..» ـ لابد أن تعود». تعود تماماً مثلما تعود الأوطان في النهاية أوطانا. وتجلس أنت في الضفة الأخرى، وآلاف الصور الجميلة تصلك للأم، للوطن، فقط تستريح في روحك وتستريح في روحها على فنجان قهوة وأغنية للوطن من محمود درويش: «ضعيني إذا ما رجعت/ وقودا بتنور نارك../ وحبل غسيل على سطح دارك/ لأني فقدت الوقوف بدون صلاة نهارك/ هرمت، فردي نجوم الطفولة». نجوم الطفولة نشيد الطفولة ينشدون... لا يخجل المبدعون، يفعلون ذلك في رواياتهم وفي شعرهم وقصصهم، يصيرون أطفالاً يتمسكون بذيل ثوبها يبحثون عن شيء تحت رجليها. نبحث عنهم، نحتاجهم لأرواحنا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©