الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تقنين «التبرعات»... ضرورة لإصلاح الكونجرس

14 مايو 2010 20:59
ما هي الشائعات الرائجة عن كبريات فضائح هذا العام حتى الآن؟ هل هي فضيحة جولدمان ساكس؟ أم فضيحة البقعة النفطية الأخيرة في خليج المكسيك، التي باتت تهدد البيئة والاقتصاد القومي لعدة أجيال مقبلة؟ أم هي فضيحة شركات التعدين التي تتجاهل انتهاكات إجراءات السلامة وتتعامل مع العمال وكأنهم سلعة صالحة للاستخدام لمرة واحدة فحسب؟ لا شك في أن كل واحدة من هذه الفضائح سيئة للغاية. ولكن ربما كانت الفضيحة السياسية الكبرى، التي تغذي هذه الفضائح وتدعمها، هي لعبة شراء الكونجرس، بكل ما تحدثه من تلوث لنظام أميركا السياسي التشريعي. وتقوم هذه اللعبة على الإغراءات النقدية التي تقدم لأعضاء الكونجرس، وهي من القوة والتأثير إلى حد يجعلها قادرة على تعطيل أجندة الإصلاح التي صوتنا من أجلها، ولاتزال بلادنا في أمس الحاجة إليها. فعلى سبيل المثال، ساهمت الصناعات والشركات العاملة في مجال الرعاية الصحية بما يزيد على 200 مليون دولار لدعم حملات مرشحي الكونجرس لعامي 2008 و2010، وفقاً لمعلومات مركز Responsive Politics. وعليه، فهل ثمة غرابة في غياب الخيار العام عن الصيغة النهائية الصادرة عن قانون الرعاية الصحية، أم في عجز "مديكير" عن التفاوض على أسعار أقل للأدوية والعقاقير الطبية التي يتعاطاها كبار قادة الجيش، بالطريقة نفسها التي كانت تقوم بها إدارة قدامى المحاربين لصالح أعضائها؟ كما تؤكد المعلومات الصادرة عن المركز المذكور إنفاق البنوك والشركات والمؤسسات المالية في "وول ستريت"، ما يزيد على 500 مليون دولار منذ بداية عام 2009، في شكل مساهمات في الحملات الانتخابية لأعضاء الكونجرس، ومجموعات الضغط داخله. وخلال الربع الأول من العام الحالي وحده، أنفقت المؤسسات العاملة في قطاعات المال والتأمين والعقارات ما يزيد على 123 مليون دولار على 2057 من أعضاء جماعات الضغط. ولما كانت هذه هي الحقيقة، فهل لنا أن نتوقع إنشاء وكالة مالية لحماية المستهلكين، تتحلى بالاستقلالية والشجاعة اللتين تؤهلانها لأن تكون منظمة للرقابة الحقيقية، حسب ما نص عليه مشروع إصلاح النظام المالي؟ وعلى الصعيد نفسه، أنفقت شركات النفط والغاز الطبيعي الكبرى ما يقارب الـ 170 مليون دولار على جماعات الضغط داخل الكونجرس في العام الماضي، وما يقارب المليار دولار على الجماعات نفسها خلال الأعوام الاثني عشر الماضية. كما أنفقت هذه الشركات ما يزيد على 140 مليون دولار على أعضاء الكونجرس خلال الـ 20 عاماً الماضية. فهل لا يزال بيننا من يندهش لكثرة الاستثناءات الممنوحة لشركات النفط والغاز من دراسة الأثر البيئي المحتمل لخطط التنقيب واستخراج النفط والغاز الطبيعي خلال السنوات الماضية؟ وهل هناك من يستغرب تعثر إصدار الكونجرس لتشريع التغير المناخي، وأن تظل بلادنا عاجزة عن التصدي لكارثة ارتفاع درجات حرارة الأرض؟ وبالنظر إلى كل هذا، يصبح واضحاً أنه لن يكون بوسعنا تحقيق الإصلاحات القوية التي نحتاجها، بمجرد انتخابنا لرئيس جديد، أو لأعضاء الكونجرس. فعلى رغم التفويض الذي يمنحه الناخبون لهؤلاء من أجل القيام بالتغيير اللازم، تظل المعضلة الرئيسة التي تواجهها واشنطن هي كثرة الأموال التي يتلقاها المسؤولون وصناع التشريعات والسياسات. والملاحظ أن النفوذ المالي على هؤلاء يزداد تأثيراً وقوة أكثر من ذي قبل. فقد صدر قرار من المحكمة العليا مؤخراً، يمنح الشركات حقوق المواطنة حين يتعلق الأمر بالانتخابات. وبذلك فقد أصبح في وسع هذه الشركات والمؤسسات استخدام المزيد من أموالها في التلاعب بالنظام السياسي. وعليه، فإن من واجب الأميركيين العمل على استعادة مؤسستهم التشريعية، وخوض المعركة التي تمكن الشعب المنظم من الانتصار على المال المنظم. والمقصود بهذه المعركة جعل إنفاق الشركات وموارد صرفها أكثر شفافية. وعلى "الديمقراطيين" أن يدركوا أن مجرد استبدال قرار المحكمة العليا الأخير -بشأن منح الشركات والمؤسسات المستثمرة حقوق المواطنة الأميركية، فيما يتصل بدور هذه الشركات في العملية الانتخابية- لن يكون سوى جهد غير ذي جدوى، ولن يضع حداً لمشكلة تأثير المال على آليات العمل التشريعي في واشنطن. وعلى الكونجرس أن يجيز "الانتخابات النزيهة الآن". فمن شأن هذا التشريع أن يقطع الصلة بين المنح المالية الضخمة المقدمة لحملات المرشحين، وأعضاء الكونجرس الذين يتعين عليهم في مجلس الشيوخ، الحصول على متوسط تبرعات يصل إلى 27 ألف دولار أسبوعياً، كي يكونوا قادرين على خوض السباق الانتخابي والمنافسة مع أقرانهم. كما يمنع التشريع الجديد أعضاء الكونجرس المرشحين من الحصول على تبرع تزيد قيمته على 100 دولار، ويلزمهم بإدارة حملات انتخابية نزيهة يعتمد تمويلها على الدمج بين التبرعات الصغيرة والتمويل الحكومي الذي توفره الخزانة العامة لهذه الحملات. ولكل هذه الأسباب فإن من المنطقي، بل من الواجب، العمل من أجل إصدار هذا القانون. فهو الطريق الوحيد نحو تعافي سياساتنا ونظامنا السياسي. وقد كشف استطلاع للرأي العام أجرته مؤخراً مؤسستا جرينبرج/ ومارك ماكينون، أن الناخبين يدعمون مشروع "قانون الانتخابات النزيهة الآن" بنسبة 62 إلى 31 في المئة، بينما بلغ تأييد الناخبين المستقلين لمشروع القانون نسبة 67 إلى 30 في المئة. ومن الواضح أن الفوز سيكون من نصيب أي مرشح يلتزم بألا تتجاوز قيمة أعلى تبرع يقبله لدعم حملته الانتخابية 100 دولار، ويطالب بعملية سياسية تلزم أعضاء الكونجرس بالاستماع إلى ناخبيهم، وتجاهل جماعات الضغط وحملة الشيكات والإغراءات المالية. كاترين فاندن هيفل كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©