الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصراع على مياه النيل

14 مايو 2010 21:00
عندما ينشر هذا المقال ستكون، على الأرجح، دول منبع نهر النيل قد أعلنت عن اتفاقها القائم على أساس رفض الاتفاقية المعقودة بين دولتي المصب، مصر والسودان، إلا إذا استجابت دول المنبع السبع للنداء الذي قدمه لرؤسائها رئيسا مصر والسودان، والذي يدعوان فيه إلى مواصلة الحوار. لقد فشلت حتى الآن بضعة اجتماعات لدول الحوض في الوصول إلى اتفاق، مما أدى إلى تأزم الموقف وتوتر العلاقات بين المجموعتين: مجموعة المنبع، وهي إثيوبيا، وكينيا، ويوغندا، وتنزانيا، ورواندا، وبورندي، والكنغو الديمقراطية، ومجموعة المصب وتتكون من السودان ومصر. إن أهم اتفاقية تحكم قسمة مياه النيل هي تلك المعقودة بين الخرطوم والقاهرة عام 1959، وهي بدورها جاءت على أساس أخرى مماثلة عقدتها بريطانيا التي كانت الدولة المستعمرة لكل بلدان الحوض تقريباً عام 1929. وتنص الاتفاقية على اقتسام حصيلة النهر محسوبة عند السد العالي في مصر على أساس أن نصيب مصر هو 55,5 مليار متر مكعب من الماء، ونصيب السودان هو 18,5 مليار متر مكعب. إنها قسمة ترفضها دول المنابع السبع وتطالب بإعادة النظر فيها. وحسب حقائق الواقع، فإن مصر تستهلك تلك الكميات، في حين أن السودان يستهلك ما بين 13 و14 ملياراً، ويذهب ما تبقى من حصته لمصر وفق اتفاق بين الحكومتين. والوضع في السودان أفضل حالاً بالمقارنة مع مصر؛ لأن السودان يتمتع بقدر من مياه الأمطار. إن أهم الحجج التي ترتكز عليها دولتا المصب هي أن ما حدث أصبح حقاً مكتسباً، وأن القانون الدولي يؤيدهما، ومما تقوم عليه اتفاقيات الدول التي تشترك في نهر واحد هو أن لا يقدم أي طرف على إقامة مشروعات مضادة لحق الآخرين. والواقع يقول إن كل بلدان المنبع تنعم بكميات وفيرة من الأمطار، وإن مياه النيل في بلدان المنبع لم تستغل حتي الآن استغلالاً كافياً. وهذا يعني أن حراك دول المنبع ليس سببه الحاجة بقدر ما هو لأهداف سياسية تلمح دولتا المصب إلى أن اليد الآثمة وراءها هي إسرائيل. ورغم أن دول المنبع السبع تعمل الآن، وفي هذا الصراع، كَيَدٍ واحدة، إلا أن إثيوبيا هي صاحبة الجزء الأكبر من المياه الواصلة للسودان ومصر. نسبة ما يأتي من إثيوبيا هو 86 % من المجموع تفصيله كالآتي: 59 % من النيل الأزرق، 13 % من نهر عطبرة، و14 % من نهر السوباط. أما ما يصل السودان ومصر من مياه الروافد الأخرى، وتحديداً من بحيرة فكتوريا، فلا تزيد نسبته عن 14 % من المجموع. وبدهي أن إثيوبيا هي التي تقود الآن مجموعة المنبع، وهي التي تحظي بأكبر اهتمام من إسرائيل، وهي المقدمة في اهتمامات مساعي القاهرة والخرطـوم فـي الوصـول إلى حـل تفاوضـي لهـذا النزاع حتى لا يتطـور إلى صراع حربي. وإذا واصلت بلدان المنبع موقفها الحالي، فإن السيناريوهات المحتملة تبدأ باللجوء إلى منظمات الأمم المتحدة أو إلى التحكيم الدولي إذا قبل به الكل، وفي حال فشل التحكيم الدولي فإن احتمال المواجهة العسكرية قائم رغم محاولة الكل إبعاده. لقد أعلنت مصر أكثر من مرة أنها تعتبر قضية المياه قضية حياة أو موت بالنسبة لها. ولا يخفي كثير من المراقبين القول إن مصر يمكن أن تلجأ للسلاح إذا لم يكن بد من ذلك. ولو وصل الأمر إلى ذلك المستوى ولم تسد الحكمة فأقوى الاحتمالات أن تكون أخطر المواجهات العسكرية بين الطرفين المتنازعين في الحدود الفاصلة بين السودان وإثيوبيا، إذ ليست لمصر حدود مع إثيوبيا. وفي مقال لاحق، سأوضح الدور الإسرائيلي في بلدان المنبع، لا سيما إثيوبيا التي تعد الآن حليفاً بالغ الأهمية للدولة الصهيونية. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©