الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرصنة «تخرب بيوت» صُناع السينما المصرية

القرصنة «تخرب بيوت» صُناع السينما المصرية
14 مايو 2010 21:03
تهدد ظاهرة القرصنة بتدمير صناعة السينما في مصر، وفي فترة انتشار “انفلونزا الخنازير” والأزمة الاقتصادية العالمية، تعرضت السينما المصرية لهزة ضخمة، تسببت في انخفاض الإنتاج بنسبة 40 %، وبعد أن تجاوز المنتجون والموزعون هذه الأزمة، ظهرت مشكلة قرصنة الأفلام. ففي الوقت الذي بدأت فيه السينما الانتعاش والازدهار وازدادت الأفلام المنتجة تفاقمت ظاهرة القرصنة وأصبحت خطراً يهدد صناعة السينما حيث كثر عدد المواقع الإلكترونية التي يمكن من خلالها تحميل الأفلام التي تم تصويرها بكاميرات الديجيتال أو كاميرات المحمول وبذلك يمكن مشاهدة أحدث الأفلام في أي مكان وبأقل مجهود أو تكاليف، فالفيلم الذي قد تصل ميزانيته إلى 20 مليون جنيه في بعض الأحيان تقوم بعض الجماعات التي تخصصت في سرقة الأفلام بعرضه عبر “الإنترنت” بلا مقابل. مشاهدة مجانية وأكد السيناريست ممدوح الليثي أن السينما المصرية في 2009 تعرضت لخسائر ضخمة وصلت إلى 50 مليون جنيه، بسبب سرقة الأفلام وبيعها في الشوارع وتحميلها المجاني من الإنترنت، وهي ظاهرة موجودة منذ الثمانينيات من القرن الماضي حينما كانت الأفلام تسرق ويتم عرضها من خلال شرائط فيديو، وفى الفترة الأخيرة تمت سرقة فيلمي “دكان شحاتة” و”الفرح” من المونتاج وبنسخة عالية الجودة ولا تقل كفاءة عن نسخة السينما نفسها، وقبل ذلك كانت الأفلام تسرق من خلال كاميرا محمولة تصور داخل قاعة العرض دون أن ينتبه أحد، وكانت الصورة تخرج مهتزة وبصوت ضعيف، لذا لم يكن لهذا النوع من السرقة تأثير كبير في شباك التذاكر، ولكن مع سرقة الأفلام بجودة عالية تم تدمير كثير منها في شباك التذاكر. لعنة السطو وقال المنتج محمد السبكي: سرقة الأفلام تدمر السوق الداخلي والخارجي، فالسينما لم تكن الوحيدة التي تعرضت للسرقة، فالتليفزيون أصابته أخيراً لعنة السطو على أعماله بعد أن أودت بحياة الكاسيت وهزت عرش السينما، فكل الأفلام والمسلسلات المعروضة حديثاً مسروقة وموجودة في كافة المنازل وعلى أجهزة الكمبيوتر، وذلك يتسبب في خسائر تصل إلى 50 % من الإيرادات التي يمكن أن يحققها العمل. وأضاف: طالما ليس هناك حبس أو غرامة رادعة للصوص سيزداد الأمر سوءاً، وأنا خسائري مزدوجة لأنني أنتج بعض الأفلام وأوزع أفلاماً أخرى فيديو، وبالتالي خسرت في الموسم الماضي في فيلمي “الفرح “ و”دكان شحاتة”. عقوبة تافهة وأكد المخرج خالد يوسف أن الأفلام تسرق كل مرة بطريقة مختلفة، وللأسف سارق المصنف الفني يتعرض لعقوبة في منتهى التفاهة، لا تتجاوز غرامة 10 آلاف جنيه والحبس شهراً على الأكثر، وهؤلاء لصوص ولا يضرهم الحبس شهراً لأنهم تعودوا على ذلك. وقال: على أرصفة الشوارع المصرية هناك نسخ مقلدة للأفلام، ولا يتخذ ضد مرتكبيها أي إجراء، إلى جانب أن آثار تلك الظاهرة تنعكس على العاملين في مجال السينما بالسلب، وتؤثر على بقية الصناعات ونحن نتعامل مع مجرمين والدولة تقف مكتوفة الأيدي. كابوس وقال المنتج محمد العدل: أصبحت ظاهرة القرصنة الفنية على الأفلام كابوساً يؤرق العاملين في الحقل الفني في العالم وهي سبب في خسائر تتجاوز المليارات كل عام. وأشار إلى أن الأفلام أصبحت تسرق منذ اليوم الأول للعرض، والخسارة التي تحدث بسبب القرصنة ليست على مستوى الأشخاص فحسب وإنما على مستوى الدولة أيضاً، مثلما حدث في فيلم “دكان شحاتة” الذي حقق خسائر وصلت إلى 40 مليون جنيه، إلى جانب سحب عقود وجود الأفلام في دور العرض السينمائي بالدول العربية، نظراً لتوفرها لديهم على “الإنترنت” والـ cd، مشيراً إلى أن تلك الخسائر بمثابة انهيار على كافة المستويات الفنية والاقتصادية والفكرية والحضارية، على اعتبار أن السينما هي الحصن الأخير للثقافة في مصر. جريمة أخلاقية وقال خالد حماد - صاحب أشهر موقع مهتم بالسينما - إن المشكلة الحقيقية للقرصنة تكمن في ظهور أساليب جديدة اختلفت عن ذي قبل وهي تمثل جريمة أخلاقية إلى جانب كونها اقتصادية، والنسخة المسروقة تكون من العينة التجريبية قبل نزولها لدور العرض. وقال محمد السيد - مبرمج كمبيوتر - إن مشكلة القرصنة منتشرة مند زمن من خلال الأغاني وبرامج “التوك شو” الشهيرة، إلى جانب تطور كاميرات الديجيتال في دور السينما، لكنها لا تنقل للمستخدم أعلى جودة، وتكمن الكارثة في وجود فيلم على مستوى عال من الصورة والصوت، ويأتي ذلك من خلال اختراق أجهزة الكمبيوتر التي يتم عمل مونتاج الفيلم عليها. حق الضبطية القضائية أما غرفة صناعة السينما المصرية فلا يتيح لها القانون حق الضبطية القضائية وبالتالي لا تستطيع التعامل مع سارقي الأفلام، وهذه المشكلة تحدث عنها منيب شافعي رئيس الغرفة مؤكداً أن الغرفة تجري اتصالات بالجهات التي يفترض أن تحمي الأفلام وصناعة السينما، وأضاف: ليس لي حق الضبطية القضائية لذا نجهز مشروع قانون ينشط الغرفة أكثر في مواجهة هذه الكارثة، وسارقو الأفلام عصابات ضخمة جداً ونجحوا في تسريبها من وحدات المونتاج بنسخ جيدة، وأميركا نفسها تعاني المشكلة وغير قادرة على منع السرقة، أما الغرامة في القانون المصري فهي مجرد 500 جنيه ولا يوجد عقاب رادع عكس أوروبا وأميركا، وأن شرطة المصنفات والمفتشين يحاولون مواجهة هذه الظاهرة إلا أن الموضوع أكبر من قدراتهم ويحتاج إلي عدد أكبر من المفتشين ـ 16 مفتشاً فقط على مستوى الجمهورية ـ والخسائر وصلت إلى 50 % من موارد الأفلام. عدم وعي وقال د. سيد خطاب رئيس الرقابة المصرية على المصنفات الفنية إن لديه الكثير من البلاغات التي يتعامل معها، لكن الحملات التي تخرج من الرقابة لا تكفي خاصة أن عدد المفتشين محدود، وملاحقة شرطة المصنفات للقرصنة بشكل كامل صعبة، لأن من يجدونه يكون طفلاً من الأحداث لا يمكن القبض عليه. وأضاف: لتحجيم هذه الظاهرة نحتاج لإمكانات مادية وبشرية ضخمة وفي بعض الأحيان لا تتوافر أركان الجريمة أمام وكيل النيابة وبالتالي يخرج المتهم بضمان محل سكنه. وقال : نحتاج إلى تعاون من غرفة صناعة السينما وشركات الإنتاج، ولكن هناك شيئاً أخطر وهو الجمهور الذي يشتري أفلاماً في بعض الأحيان بلا صوت أو صورة، وهناك أغلفة لأفلام غير موجودة بالداخل وعلى الرغم من ذلك لا يمتلك الجمهور وعي الإبلاغ عن هذه السرقة. قراصنة إسرائيليون وعن تجريم تلك الأفعال أكد د. حسام لطفي، أستاذ قانون، أن هناك عشرة آلاف جنيه غرامة تأخذها الدولة وتكون هناك عقوبة جنائية ضد من يثبت ضده ارتكاب هذه الجريمة، وإذا عاود هذا الفعل مرة أخرى يتم حبسه ثلاث سنوات. وأضاف: حتى الآن لا توجد مادة صريحة في القانون تحاكم مواقع الإنترنت التي تسرق الأفلام، بسبب هذه النظرة السطحية للسينما وصناعتها باعتبار أن سارق الأفلام غير متهم، على الرغم من أنه يعتبر لصاً ويجب أن يطبق عليه قانون السرقة الذي يوجب الحبس. ومنذ بدايتها تهرب الأفلام المصرية إلى إسرائيل وتتعرض للنهب اليومي في القنوات التليفزيونية ودور العرض هناك، ولم يجرؤ أحد على فتح الملف أو حتى مقاضاة القراصنة الإسرائيليين، إلا أن الظاهرة الجديدة شديدة الخطورة، والدليل أن فيلم “دكان شحاتة” تم تحميله 123061 مرة وفيلم “الفرح” 17631 وتبلغ عدد مرات تحميل الأفلام المقرصنة في اليوم الواحد 55 ألف مرة، وحتى الآن تم تحميل أفلام الصيف المقرصنة من على الموقع نفسه 4 ملايين و200 ألف مرة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©