الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«برقاش» سوق يبيع «كاسر الجوز» للجزارين و «الأصهب» لمحبي السباقات

«برقاش» سوق يبيع «كاسر الجوز» للجزارين و «الأصهب» لمحبي السباقات
14 مايو 2010 21:09
مع كل طلعة شمس يفد إلى قرية برقاش “35 كم جنوب القاهرة” نحو 30 ألف جمل من مختلف أنحاء مصر ومن إثيوبيا والسودان والصومال وجيبوتي وليبيا ليجتمعوا داخل السوق الرئيسية بالقرية والممتد على مساحة 25 فداناً والتي تعد إحدى أغرب الأسواق التي تشهدها مصر يومياً ليس لاقتصارها فقط على تجارة سلعة واحدة هي الجمال، ولكن أيضاً لما تشهده جنباتها من أحداث وأسرار. تشغل سوق الجمال 25 فداناً من مساحة قرية برقاش الواقعة شمال مدينة الجيزة، والبالغة 8 كيلومترات مربعة، وهي تشكل مصدر رزق رئيس لسكانها البالغ عددهم 41 ألف نسمة. ورغم أن الغالبية منهم لا تملك المال الكافي للعمل في تجارة الجمال، فإنهم يعتمدون في جلب الرزق على المهن المساعدة لإقامة السوق، كتقديم المأكولات، وتوفير سكن مناسب لمن يرغب في الإقامة يوماً أو يومين بالقرية لإتمام تجارته، ورعاية الجمال وشحنها في سيارات النقل. يوم الذروة يوم الجمعة هو يوم الذروة للعمل في السوق المنعقدة يومياً من شروق الشمس لغروبها، لكن الجمعة يشهد إقبالاً كبيراً من التجار، ويباع سنوياً في السوق قرابة نصف مليون جمل، يأتي 75 في المائة منها من السودان، عن طريق درب الأربعين، من مناطق الفاشر والجنينة ودنقلا، و15 في المائة من الصومال وجيبوتي وإثيوبيا وليبيا و10 في المائة جمال مصرية يتم تربيتها في محافظات الصعيد ومطروح وسيناء، وذلك يرجع لقلة الاهتمام بتربية الجمال عند غالبية مربي الماشية، حيث يفضلون عليها تربية البقر والجاموس، لمكاسبها الكبيرة، كما أن الجمل المستورد، يباع بنفس ثمن الجمل المحلي، وفي بعض المواسم يكون أرخص منه نسبياً، لارتفاع أسعار العلف وقلة المراعي في مصر. ويقول أبو عبد الله همام “53 سنة”، أحد التجار المترددين على السوق “أعمل في تجارة الجمال منذ أكثر من 40 عاماً، حيث كان والدي يصطحبني معه للسوق وقت أن كانت في قرية (البراجيل) قبل أن تنقل إلى (برقاش) قبل نحو 15 عاماً بقرار من الحكومة المصرية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي بهدف تيسير حركة المرور وضمان السيطرة الأمنية على تلك التجارة التي كان يعتقد أنها كانت تستخدم في تهريب الأسلحة من السودان ومدن الصعيد إلى القاهرة”. ويضيف همام “عملي يعتمد على شراء الجمال وجمعها من القرى والنجوع ونقلها إلى سوق (برقاش) وبيعها للجزارين والبدو وأربعة من أبنائي يعملون معي في تلك التجارة التي تدر علينا ربحاً جيداً”. أصناف ومميزات تنقسم الجمال إلى عدة أصناف لكل منها ثمن طبقاً لما يميزها، وهو ما يوضحه صالح الدهشان “49 سنة”، بقوله “هناك أصناف شتى من الجمال يتم بيعها في هذه السوق أشهرها الزبيدي والبشاري والأصهب والدعيلية الرشايدي والدهاسيرية والصهوب والميدوبي والعنافي والدنقلاوي، وهناك الجمال المغربي وتأتي إلينا من ليبيا ومطروح”. ويضيف: “لكل صنف من هذه الجمال ما يميزه، ولا يستطع التفريق بينها إلا المتمرس في تلك التجارة، وتعد سلالة الإبل الزبيدي، هي الأكثر انتشاراً في مصر، حيث يتعامل معها المربون كحيوانات ثنائية الغرض في استغلالها لإنتاج اللحوم والألبان ويتفاوت لون جسم الإبل الزبيدي بين البني والأحمر الفاتح، وهي ذات وبر كثيف في منطقة الكتف والسنام، ويكون الوبر خفيفاً على الأذن والبطن، في حين أن سلالة الدعيلية الرشايدي يكون فيها لون جسم الجمل مائلاً إلى الحمرة، بينما الأصهب والصهوب هما هدف المهتمين بسباقات الهجن نظراً لخفة الوزن وتحمل المشقة”. وفي سوق برقاش مفردات لغوية أقرب إلى شفرات سرية لا يفهمها إلا تجار الجمال مثل كلمات “كاسر جوز وكاسر أربعة وتفاح ولباني وطيب”، وهو ما يوضحه صالح أبو سليم “38 سنة”، وهو تاجر من أسيوط، حيث يقول “تلك الكلمات وغيرها مفردات لغة تجارة الجمال، وهي كغيرها من أنواع التجارة لها أسرارها ولغتها الخاصة التي لا يفهمها إلا التجار أنفسهم فمثلاً كلمة “كاسر جوز” تعني أن الجمل صغير السن لم يتجاوز عمره عامين. بينما كلمة تفاح، أي متميز، وحلو المذاق، لكونه تربى في مراع ذات وفرة خضراء”. ويشير إلى أن “الجمل صغير السن يعد هو المطلوب أكثر من الجزارين هذه الأيام نظراً للغلاء المبالغ فيه في أسعار اللحوم، ولكون لحم الجمل اللباني طيب ولا يحتاج لوقت طويل في طهوه ويبلغ سعره في المتوسط من 3- 5 آلاف جنيه ويتضاعف هذا الرقم إذا كان الجمل يتميز بالسرعة وخفة الحركة ويشارك في سباقات الهجن”. ويقول إن طريقة البيع عبارة عن مزاد علني، حيث يصطف من يرغب في الشراء، حول الجمل وكل منهم يقدم سعراً ومن يقدم أعلى سعر يبيع له التاجر بكلمة “الله يبارك له”. وفي حال عدم رضاه عن السعر يتوقف عن البيع، وهو يردد “يعوض الله”. مشاهير يزورون سوق برقاش سوق الجمال ببرقاش تجاور قصر الكاتب الصحفي الشهير محمد حسنين هيكل والممتد لنحو 50 فداناً بالقرية ويحرص على التردد عليه غالبية مشاهير العالم من ساسة وإعلاميين وبات السوق بمثابة مزار شعبي يحظى بإقبال المشاهير ليس بهدف البيع والشراء وإنما للفرجة والاستمتاع بمشاهد غير مألوفة في بلادهم ويتفاخر تجار سوق الجمال بأن مشاهير كباراً مثل الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر ونجم السينما العالمية الفرنسي آلان ديلون وكثير من مخرجي وفناني السينما المصرية وسياح من كل بلاد العالم جاؤوا إلى السوق وأمضوا بعض الوقت في مشاهدة ما يدور في أرجائها. رسوم دخول السوق للسوق رسم دخول يقدر بـ 20 جنيهاً يسددها التاجر عن كل جمل يدخل به وتدفع لإدارة السوق التي يوكل إليها من قبل الحكومة المصرية حق الانتفاع لمدة ثلاث سنوات بعد مزاد يجري على تأجير أرض السوق بين الراغبين من التجار الكبار وفي آخر مرة وصل ثمن الإيجار إلى 4.5 مليون جنيه تدخل في الموازنة العامة للدولة، ونظير ذلك توفر الحكومة للسوق الخدمات اللازمة من حماية أمنية ورصف طرق وتسهيل حركة المرور.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©