الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التهدئة في نهر النيجر: شكوك وانتقادات ورفض!

التهدئة في نهر النيجر: شكوك وانتقادات ورفض!
30 أغسطس 2009 00:32
بعد مرور ثلاثة أسابيع على اتفاقية وقف إطلاق النار التي عقدتها الحكومة النيجيرية مع المتمردين بهدف وقف هجماتهم على المنشآت النفطية في منطقة دلتا نهر النيجر المضطربة، يبدو أن هذه الجهود لم تؤت أكلها رغم ارتباطها بإصدار عفو عام عن جميع المتمردين. فبينما استجابت بعض فصائل التمرد وأبدت استعدادها للالتزام بوقف إطلاق النار المتفق عليه، هدد الفصيل المتمرد الرئيسي «الحركة من أجل تحرير دلتا النيجر» MEND بمهاجمة المنشآت النفطية مجدداً في الخامس عشر من شهر سبتمبر المقبل، مع العلم أن هجمات المتمردين هذه أدت إلى انخفاض إنتاجية النفط الخام في دلتا نهر النيجر إلى أدنى معدل لها خلال 20 عاماً. ويذكر أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون كانت قد أيدت هذه الاتفاقية أثناء زيارتها إلى نيجيريا أوائل شهر أغسطس الحالي، على أمل أن يتحقق قدر من السلام والاستقرار في هذه الدولة الأفريقية التي تمثل أحد مصادر النفط الرئيسية التي تعتمد عليها واردات الطاقة الأميركية. ونصت الاتفاقية على العفو عن جميع المتمردين الذين يلقون أسلحتهم خلال 60 يوماً من بدء سريان الاتفاقية. لكن لم يعد مرجحاً لهذه الاتفاقية أن تحقق هدفها الرئيسي المتمثل في وضع حد لنشاط التمرد وإحلال السلام في منطقة دلتا نهر النيجر، كما كان مأمولا لها. والواضح أن أقصى ما يمكن تحقيقه الآن هو مجرد هدوء نسبي مؤقت لتبادل العنف بين الجيش الحكومي والجماعات المتمردة. ويقول خبراء مراقبون للاتفاقية إنها لم تتصد لأي من المطالب الرئيسية التي رفعها المتمردون: توفير الوظائف للعناصر المقاتلة في صفوفها، التنمية الاقتصادية لمناطقهم، وتخصيص نصيب أكبر من العائدات النفطية لمنطقة الدلتا التي يعيش الملايين من مواطنيها شظف العيش ويعانون من الفقر المدقع، في حين تجني الشركات الغربية الأجنبية العملاقة والساسة النيجيريون مليارات الدولارات من تلك العائدات سنوياً. وعليه فإنه من رأي منتقدي الاتفاقية أنها لم تكن خطوة جادة وصادقة من حكومة بأمس الحاجة إلى إنقاذ صناعاتها النفطية من حالة الفوضى والاضطراب التي ألمت بها وساهمت في إحداث هزة عامة في أسواق النفط العالمية. ويذكر أن صادرات النفط الخام النيجيري قد تراجعت بما يقارب نسبة 40 في المئة قياساً إلى ما كانت عليه في عام 2006 جراء تصاعد الحملات التخريبية التي ينفذها المتمردون، وعمليات تسريب النفط، إضافة إلى اختطافهم لعمال النفط الأجانب واستمرار مواجهاتهم المسلحة مع قوات الأمن الحكومية. وعلى حد قول «ناميدي كي. أوباسي»، وهي محللة سياسية مقيمة في نيجيريا مع مجموعة أبحاث الأزمات الدولية، فإن الهدف الرئيسي للاتفاقية التي عرضتها الحكومة على المتمردين، هو وقف العنف بما يسمح باستئناف إنتاج وتصدير النفط، كي يعود الوضع إلى ما كان عليه. وهذا هو السبب الذي دفع الأهالي إلى القول إن الاتفاقية لم تستجب حتى للحد الأدنى من مطالبهم. ورغم ذلك يصر المسؤولون النيجيريون على أن الاتفاقية بدأت تؤتي أكلها، بدليل تسليم المتمردين لمئات من قطع أسلحتهم، بما فيها منصات قصف الصواريخ التي كانت بحوزتهم. بل أعلن بعض كبار قادة التمرد قبولهم للعفو العام الصادر بحقهم، بينما التقى بعض هؤلاء بالرئيس النيجيري عمر يارادوا خلال احتفال بالتوقيع على الاتفاقية أقيم في العاصمة مؤخراً. بيد أن عناصر مسلحة تنتمي إلى «الحركة من أجل تحرير دلتا النيجر»، هددت قبل أسبوعين باعتزامها استئناف هجماتها الواسعة على المنشآت والأنابيب النفطية. بل إن عناصر منها فجرت سلفاً أنبوب نفط رئيسيا تابعا لشركة «شل» الملكية الهولندية. وفي ذلك الهجوم ما يشير بوضوح إلى عدم قناعة الحركة التي لا تقوم على هيكل تنظيمي مركزي ويتبع لها آلاف المقاتلين المدججين بأسلحة لا حصر لها، بما عرضته عليهم الاتفاقية المذكورة. كما شجبت الحركة في بيان صادر عنها يوم السبت قبل الماضي، المتمردين الذين أبدوا موافقتهم على الاتفاقية، مؤكدة استبدالها لأحد كبار قادتها على الأقل بسبب موافقته على الاتفاقية. من وجهة نظر «سباستيان سبايو-جاربراه»، المحلل السياسي بمجموعة «يوريسيا» لاستشارات المخاطر، ومقرها بنيويورك، فإن الأوضاع الأمنية والسياسية هنا تسير نحو الأسوأ؛ بدليل أن الهجوم الأخير على أنبوب النفط الهولندي، يشير إلى احتمال حدوث مزيد من الهجمات العشوائية على المنشآت والأنابيب النفطية، بالنظر إلى لا مركزية تنظيم الحركة واتساع المساحة الجغرافية التي ينشط فيها المتمردون. واستطرد المحلل إلى القول إن منطقة دلتا النيجر كلها يمكن أن تشهد أعمالا تخريبية كهذه. ومهما يكن فإن لإدارة أوباما دوراً كبيراً منتظراً منها في إيجاد تسوية للنزاعات الدائرة في منطقة الدلتا، خاصة وأن نيجيريا تعد خامس أكبر مصدّر للنفط إلى الولايات المتحدة الأميركية. ويذكر أن وزيرة الخارجية هيلاري كانت قد حثت الحكومة النيجيرية خلال زيارتها الأخيرة إلى نيجيريا على توفير الوظائف وتكريس اهتمام أكبر لجهود التنمية الاقتصادية في دلتا النيجر. غير أنها أعلنت تأييدها لصفقة العفو العام عن المتمردين التي عرضتها الحكومة، إلى جانب الوعد بأن تقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية للحكومة النيجيرية. لكن، وعلى إثر الانهيار الوشيك لهذه الصفقة، فإن دور واشنطن القيادي المطلوب في تسوية النزاع في ذلك الإقليم المضطرب على امتداد ما يزيد على عقدين من الزمن، يبدو أكبر وأكثر تعقيداً مما عبرت عنه هيلاري في زيارتها تلك. شاشاك بنجالي - نيجيريا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©