انتصار مرشح «يسار الوسط» في انتخابات الرئاسة الفرنسية أثلج صدور كل من كان لديهم خوف من احتمال فوز منافسته مرشحة «اليمين المتشدد» مارين لوبين.
«ماكرون» الذي سيكون أصغر رئيس في تاريخ الجمهورية الفرنسية وعد بالانفتاح على الاتحاد الأوروبي، وهو بذلك على نقيض مرشحة «اليمين المتشدد» التي وعدت بخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي أو ما يعرف بـ«فريكست» ليتكرر سيناريو «بريكست»، لكن نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية كان لها القول الفصل في كبح جماح اليمين المتشدد.
صعود «ماكرون» إلى قصر الإليزيه انتصار للانفتاح والتعددية وأيضاً انتصار للهوية الأوروبية التي لطالما اشتهرت بها فرنسا كرائدة للعمل الأوروبي المشترك.
«ماكرون» لم يحذر من جحافل المهاجرين، لأنه مؤمن بفرنسا كبوتقة صهر تحتوي كل الأطياف وتقر بالتعددية والتسامح بين بني البشر.. الآن بعد أن اطمأن أنصار أوروبا الموحدة وارتاحوا من عُصاب «اليمين المتشدد»، بات يتعين عليهم إعادة النظر في مشروع الوحدة الأوروبية، من أجل إصلاحه، لا هدمه، وتطويره، لا تجميده، ولا ينبغي أن ترضخ أوروبا الموحدة لضغوط اليمين، الذي يزدهر فقط في أوقات يسودها «عدم التأكد» سواء أثناء الأزمات الاقتصادية، أو نتيجة ضغوط من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، علماً بأن أنصار اليمين المتطرف يستندون إلى مقاربات تشاؤمية ظرفية غير مفيدة للشعوب وفي الوقت نفسه غير قابلة للاستمرار، كغلق الحدود، ورفض المهاجرين، وتقييد حرية التجارة.
فوز «ماكرون» فرصة لتثبيت مواقف من تشككوا في المشروع الأوروبي، ومن استخفوا بالقيم الفرنسية الأصيلة القائمة على الانفتاح والتعددية والتسامح.
«ماكرون» الرئيس الشاب يؤكد أن العمل السياسي يحتاج إلى التفكير خارج المربع، فالرجل جاء بحزب جديد لم يتجاوز عمره عاماً واحداً، واستطاع من خلاله الانتصار على مرشحي أحزاب عتيقة من اليمين واليسار.. هنيئاً لفرنسا انتصارها لقيمها، وهنيئاً لأوروبا سلامتها من شبح اليمين المتشدد.
الشعب الفرنسي أيضاً أثبت للعالم أن جينات التسامح فيه أقوى من لوثة التشدد أو الانعزالية وهو ما يخدم مصالح الفرنسيين كشعب ينتمي لقوة عظمى، وفي الوقت نفسه يخفف من «فورة» اليمين المتشدد في أوروبا.
عادل مراد - العين
عدد اليوم
