الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زوجة خمسة رجال

زوجة خمسة رجال
24 مارس 2011 21:20
تقدمت الزوجة الشابة التي لم تبلغ الثلاثين من عمرها بعد، إلى ضابط مصلحة الأحوال المدنية تريد استخراج شهادة ميلاد لطفلها المولود حديثا، تبدو عليها البساطة، ومسحة جمال ريفية ساحرة تظهر من طريقة كلامها وهندامها، فيها أشياء كثيرة جذابة وجهها باسم ويتوسط خديها طابع الحسن، فتلفت الانتباه من أول نظرة. طلب منها الضابط بطاقة هويتها ووثيقة الزواج ليتأكد أنها الأم وأنها متزوجة رسميا، وأن اسم الأب في وثيقة الزواج هو الذي سينسب إليه الطفل، فقدمت له الأوراق الثبوتية وهي تستعجله وترجوه أن ينجز معاملتها بسرعة، لأنها تركت الرضيع مع جارتها وقد يتضور جوعا، فوعدها بأن الأمر لن يستغرق أكثر من ربع الساعة وانه سيمنحها الأولوية والاهتمام مراعاة لظروفها، وأشار لها بأن تستريح على احد المقاعد المخصصة للمراجعين إلى أن ينهي المهمة ويسلمها شهادة الميلاد. اتجه الضابط نحو جهاز الحاسوب أمامه وبدأ إدخال البيانات بداية من اسم المولود، ثم اسم الأب ورقمه القومي ومهنته وعمره وتم تغذية الحاسوب باسم الأم ورقمها القومي وتاريخ ميلادها ومحل إقامتها، وإذا به أمام مفاجأة لم يصادفها من قبل، ولم يصدقها فالمعلومات تأتيه من الحاسب الآلي تؤكد له أن هذه المرأة متزوجة من خمسة رجال في وقت واحد ولم يتم طلاقها من أي منهم، فرك عينيه بأصابعه وأعاد النظر إلى المعلومات فوجدها كما قرأها اول مرة، فألغى كل البيانات وأعاد إدخالها مرة اخرى فجاءته نفس النتيجة، يمصمص شفتيه ويعيد الكرة والأمر هو نفسه بجواب واحد أن المرأة متزوجة من خمسة رجال. الضابط يتعامل بحسن النية، ويرى أن الخطأ في الكمبيوتر فلا يعقل أن تجمع زوجة بين خمسة أزواج وكيف تستطيع أن توفق بينهم من دون أن يكشف أمرها؟ لابد ان هناك خطأ او تداخلا في أجهزة الحاسوب، فقام بالعمل على جهاز أساسي، ولكن تأتيه نفس النتيجة بلا تغيير، فيضطر لاستدعاء الزوجة التي مازالت تستعجله ويسألها عن صحة البيانات المدونة في هويتها وفي وثيقة زواجها، فتؤكد له أنها صحيحة مئة في المئة، ومن ناحية اخرى هو بخبرته وبحكم عمله متأكد من أن هذه الأوراق التي بين يديه والتي قدمتها له صحيحة وسليمة وليست مزورة فلابد أن في الأمر شيئا خفيا يجب البحث عنه. أومأ الضابط لأحد رجاله بأن يراقب المرأة وان يقبض عليها اذا حاولت الهروب، إلى ان يتأكد من شكوكه التي دارت في رأسه، وعاد إلى الأرشيف الذي يتم فيه حفظ الوثائق، ويا لهول ما رأى، نعم الحاسوب لم يكذب ولم يخطئ، هناك خمس وثائق زواج للمرأة، وعليها بياناتها متشابهة وتوقيعها، من دون أن يتم طلاقها من أي منهم، وتأكد أيضا أن هذه الأوراق سليمة وغير مزورة، إنه بالفعل أمام جريمة أخلاقية وجنائية مزدوجة غير مسبوقة، فقد تكون هناك امرأة جمعت بين زوجين أما خمسة أزواج في وقت واحد، فهذا شيء عجاب، أسرع ليلقي القبض عليها وهي مندهشة لا تدري لماذا؟ اصطحبها الضابط جانبا في غرفة التحقيق، وهو يحمل كل أوراق إدانتها وهي لا تعرف ولا تتذكرها، وبدأ يسألها هل تزوجت فلانا، فتجيب نعم، والثاني والثالث والرابع والخامس وهي ترد بالإيجاب، هل تعلمين ان هذا محرم شرعا؟ فتقول لا أدري أنا تزوجتهم بوثائق رسمية، هل تعلمين أن هذا مجرم قانونا؟ فتجيب: لا، إذن ما تفاصيل الحكاية؟ فتجلس أمامه لتجيب عن سؤاله. قالت: كان عمري ستة عشر عاما، نشأت في أسرة فقيرة معدمة، زوجني أبي لأول شخص طلب يدي، كان يعمل نجارا، أقمت معه في بيت أسرته ولأنني صغيرة لا اعرف مسؤوليات الزوج والأسرة كانت الخلافات والمشاكل هي عنوان حياتي، بجانب أنني عانيت الأمرين من حماتي التي لا تطاق فلا اعرف كيف ارضيها، ولم أجد لها مفتاحا، ويزيد الطين بلة أن زوجي عندما يعود وتشكوني له يكون نصيبي علقة ساخنة بلا تفاهم، وخلال ثلاث سنوات وقبل ان ابلغ العشرين كنت أما لطفلين، ولم يغير ذلك من معاملة حماتي وزوجي، أعيش في جحيم دائم، كرهت حياتي كلها، وكرهت زوجي وأطفالي وحتى أبي الذي ألقى بي في هذه التهلكة، واتخذت قراري وجمعت بعض ملابسي وسرقت مبلغا كبيرا كان يدخره زوجي وتركت الجمل بما حمل وغادرت إلى العاصمة وسط الزحام فلا احد يعرف أحدا، والناس كلهم مشغولون بأعمالهم وأموالهم. توجهت إلى أحد الفنادق الصغيرة الرخيصة وحجزت غرفة وأقمت فيها إلى أن أتدبر أمري وقررت أن ابحث عن عمل لأنفق على نفسي، كان الحزن يبدو على وجهي وظاهرا في تصرفاتي، وأنا يائسة من الحياة، فمن يتحدث معي يشفق علي قبل أن يعرف أي شيء عن معاناتي ومأساتي في زيجتي، صاحبة الفندق سيدة عجوز ساعدتني في إيجاد فرصة عمل بمطعم قريب في نفس الشارع، وبعد حوالي شهرين تقرب مني احد العمال في المطعم وطلبني للزواج بعدما أخبرته أنني غير متزوجة حتى لا يعيدوني إلى زوجي الأول وبالفعل تم الزواج، لكن اكتشفت أنه يحاول أن يستولي على المبالغ المحدودة والقليلة التي أتحصل عليها من عملي، ومن جانب آخر أنه لا يتحمل أي مسؤولية نحوي وكأنه تزوجني ليتسلى ويستمتع بي، فوجدتني خرجت من حفرة فوقعت في بئر، ولم استرح له، وقررت ترك المنطقة كلها والفندق والعمل واتجهت إلى منطقة أخرى من دون أن يعرفوا عني أي شيء. في المكان الجديد تعرفت على سائق تاكسي أخذ يثني على جمالي وتعددت لقاءاتنا وطلب يدي للزواج وأيضا أخبرته بأنني لم يسبق لي الزواج، واشترط أن أظل مقيمة في الفندق الثاني الذي انتقلت إليه، ورغم أنني لا ادري سبب اشتراطه فقد وافقت، ولكن بعد حوالي عام اكتشفت السبب، فهو متزوج من أخرى وله منها أطفال ولا يستطيع أن يفتح بيتين كما يخشى أن تعرف زوجته فتقيم الدنيا ولا تقعدها، وأنه يوما ما سيلقي بي في الشارع ويتخلى عني، فشعرت بعدم الأمان معه وانه لم يكن افضل من الزوجين السابقين، وفعلت كما فعلت من قبل وتركته وهربت. أما الزوج الرابع فكان يكبرني بأكثر من عشرين عاما وعشت معه شهورا عجافاً، لم يكن بيننا أي تفاهم أو أشياء مشتركة، فهو دائما عصبي ومزاجي ومتوتر، لا يعرف إلا الألفاظ النابية والشتائم، يعاملني كأنني خادمة لا زوجة، يبدو أن لديه عقدة في حياته لم استطع التوصل إليها، ناقم على كل ما حوله، ساخط على كل شيء، وفوق هذا وذاك يتعاطى الأقراص المخدرة التي تجعله يبدو زائغ العينين فاقد التركيز وفي لحظات يتغير وجهه وعيناه، فأصاب بالرعب والفزع وأخشى أن يقتلني، وسيطرت المخاوف على رأسي حتى طار النوم من عيني، وتحول ليلي إلى نهار لأنني اعتقد انه يتربص بي، ولأنني عرفت طريق الخلاص أو أدمنت الهروب، فلم يكن أمامي غيره بديلا. أما هذا الزوج الخامس والأخير الذي مازلت معه، فهو تاجر كبير ثري، اعتقد انه تزوجني لأنه فتن بجمالي، فهو متزوج وله أولاد كبار اشترى لي شقة ويتردد عليّ بين الحين والآخر يعطيني الأموال ويحضر كل احتياجاتي، ولأول مرة شعرت بالاستقرار حتى وان كان زوجي يأتيني بعض الوقت، ويكفي ما كان من تجارب ومعاناة. وعندما علم زوجي بأنني حامل، هاج وماج وزلزل أركان البيت وتملكه غضب وكأنه إعصار يكتسح كل شيء أمامه، ضربني وأهانني، حتى كدت أموت بين يديه وأنا لا اعرف الجريمة التي يعاقبني عليها، ثم علمت انه حريص على إخفاء هذه الزيجة ولا يريد أن تعرف زوجته وابناؤه وهددني بإلقائي في الشارع للكلاب الضالة وانه لن يعترف بهذا المولود. دارت بي الدنيا ولم أجد من أشكو له ولا كيف أتصرف وتحاملت إلى أن وضعت مولودي وهو مازال على موقفه وعناده وإصراره، فكان لابد من أن استخدم نفس أسلحته واستغل نقطة ضعفه، وهددته إن لم يعترف بالصغير فأنا التي سأخبر زوجته وأتسبب له في الفضيحة التي يخاف منها، فاضطر لذلك صاغرا، وأخذت منه وثيقة الزواج وجئت إلى هنا لاستخراج شهادة الميلاد. تمت أقوالها ولم توقع لأنها لا تعرف كتابة اسمها فوضعت بصمتها على الأوراق، وتم اقتيادها إلى النيابة لتعيد تفاصيل اعترافها بجريمة ضد الدين والأخلاق والقانون، وتواجه عقوبة السجن خمسة عشر عاما.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©