الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

عالم فلسطيني يترك «ناسا» ليحاول إقامة مركز أبحاث فضاء في غزة

عالم فلسطيني يترك «ناسا» ليحاول إقامة مركز أبحاث فضاء في غزة
14 مايو 2010 22:21
اكتسب سليمان بركة (45 عاماً) شهرة واسعة في الشريط الساحلي لقطاع غزة، المكتظ بأكثر من 1,5 مليون نسمة، لأنه ينظم لقاءات ليلية لطلبة المدارس والأطفال ليشاهدوا الكواكب الأخرى عبر “التليسكوب” الوحيد في غزة، والذي حصل عليه من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا). وكان بركة النجل الأكبر من بين 14 ابناً لأحد قصابي غزة. ووصل من بدايات متواضعة في القطاع الذي دمره العنف إلى مكانة مرموقة بين علماء الفضاء في العالم حتى استقطبته وكالة ناسا. وذلك بعدما حصل على الدكتوراه في فيزياء الفلك وعلوم الفضاء من معهد الفيزياء الفلكية في باريس. وعاد بركة قبل أقل من عام إلى وطنه في مهمة شخصية هي تعليم الأطفال كيفية التحديق من بيئتهم المحاصرة المدمرة إلى جمال الكون اللامتناهي. وبسؤاله عن أحلامه سارع إلى القول إنها “تتلخص في إقامة مركز لأبحاث الفضاء في قطاع غزة ليكون انطلاقة علمية تتحدى الحصار والعنف الناتج عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي”. وشرع بركة بالفعل في 2007 بإنشاء أول محطة لقراءات مغناطيسية الأرض في قطاع غزة. وحصل على دعم من حكومات فرنسا وبولندا والجزائر إلا أن الحصار الإسرائيلي حال من دون ذلك. آنذاك سافر بركة والتحق بوكالة ناسا ضمن طاقم كفيزيائي لحل بعض المشاكل المتعلقة بتأمين بيئة فضائية سليمة للمركبات الفضائية من نشاطات الأشعة الشمسية الكهربائية المفاجئة. وحماية رجال الفضاء من هذه الإشعاعات الكونية أو الشمسية بالكهرباء. بعد ذلك بعام عاد مجدداً إلى غزة مصراً على تحقيق تقدم في قطاع غزة وليس في منطقة أخرى. وقبل عودته تعرض بركة لمأساة إنسانية، فقد قصف الجيش الإسرائيلي منزله بعدة صواريخ ما أدى إلى مقتل نجله البكر وجرح عدد من أفراد عائلته بينهم والدته. ويقول عن ذلك “كانت لحظات عصيبة فقد هدم منزلي واحترقت مكتبتي الخاصة التي جمعت كتبها على مدار 20 عاماً. وفوق كل ذلك استشهد ابني الذي لم يرتكب أي جرم سوى أن الاحتلال استهدفه وهو في غرفته”. لكن بركة عاد ليقدم خلاصة خبراته وعلمه إلى أطفال غزة عبر جهاز “التليسكوب” الذي عمل جاهدا لإدخاله إلى القطاع كأول خطوة جادة في مسعاه لتأسيس مرصد فلكي فلسطيني. ويقول بركة “قد يسخر البعض من تشجيعي لأطفال غزة عبر تليسكوب. لكن بالنسبة لي فإنني أجعل الأطفال يشاهدون السماء المعبأة بالطائرات والصواريخ جميلة بالنجوم والمجرات”. وأضاف “خطواتي الأولى تبدأ عبر تشكيل مجموعة بحثية من خريجي الجامعات الفلسطينية، في مركز أبحاث نعمل على تأسيسه في جامعة الأقصى في غزة، ثم تأهيلهم للالتحاق بالمعاهد الأوروبية والأميركية للدارسات العليا”. وتابع “هذه رسالة سامية أسخر لها كل طاقاتي لمصلحة هذا البلد وشبابه”. زار بركة 30 دولة حول العالم في مسيرته بين العمل والدراسة واكتساب الخبرات ليفضل في النهاية الاستقرار في غزة “التي لا أشعر بالراحة إلا فيها ولا أريد أن أموت إلا على أرضها”، حسبما قال عالم الفضاء. وعلى الرغم من أنه لا توجد أي بنية تحتية لعلوم الفلك في قطاع غزة أو جامعاته التي تعاني الأمرين، لكن بركة يؤكد القدرة على إيجادها بالإصرار والصبر. وقال بركة “أدخلنا أول تلسكوب لرؤية الكواكب في خطوة أولى سيتبعها إدخال عدد آخر في الفترة المقبلة. وسنقوم بإدخال قبة فلكية متحركة عرضها حوالي 5 أمتار وتظهر كل تفاصيل السماء. وسيدخل الطلاب والأطفال إليها وسأشرح لهم ما في السماء”. وأضاف “أعمل حاليا مع زميلة في جامعة ليدن في هولندا على إحضار المعدات اللازمة إلى فلسطين. أما الخطوة الثالثة فهي المنهج الفلكي في الجامعات الفلسطينية”. وعن ظروف قطاع غزة يقول “واثق أن الاحتلال لن يقف عقبة أمام تطوير البحث العلمي الفلسطيني في مجال الفلك خاصة أنها تعمل جاهدة على ترسيخ صورة الفلسطيني المجرم والإرهابي الذي يحمل البندقية لكن نحن نثبت العكس”. ويجري بركة، مع مجموعة بحثية في أوروبا والولايات المتحدة، دراسات في بعض المسائل العلمية الدقيقة المتعلقة بالمجال المغناطيسي عن أرض قطاع غزة، مشيراً إلى أنه يمكن الإعلان قريبا عن نتائج هذه الدراسات التي ستساهم في حل إشكاليات كثيرة تتعلق بالطيران وأنابيب البترول والكهرباء والاتصالات والفضاء وغيرها. وينفى بركة خشيته من استهداف خارجي له ولنشاطه في قطاع غزة. ويقول “علمي موجه إلى العالمية التي تشترك فيها كل الناس والأديان كافة، أما أن يجرى استهدافي ليس لأني فلكي بل لأني فلسطيني فهذا شيء طبيعي”. وهو لا يخفي حلمه بأن يصبح أول فلسطيني يحصل على جائزة نوبل الدولية في مجال الفيزياء لتكون تتويجاً لمسيرته التي بدأت بالفقر المدقع وتكللت باكتساب العلوم والمعرفة الواسعة.
المصدر: غزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©