الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عياض نجم الأندلس في القضاء والشعر وعلوم الشريعة

عياض نجم الأندلس في القضاء والشعر وعلوم الشريعة
30 أغسطس 2009 22:25
دخل القاضي عياض التاريخ بمؤلفاته التي تشهد على سعة العلم وإتقان الحفظ وجودة الفكر والتبحر في المعارف في مجالات الفقه والحديث والأدب والتاريخ• ويقول الدكتور حامد أبو طالب -أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر- أن الفقيه عياض بن موسى بن عياض بن عمر بن موسى القاضي أبي الفضل اليحصبي المراكشي المحدث المالكي تولى قضاء غرناطة وسبتة، صاحب مصنفات كثيرة. وقد ولد عياض سنة ست وسبعين وأربعمئة بمدينة «سبتة» بالمغرب ونشأ وتعلم بها وتتلمذ على شيوخها، ورحل إلى الأندلس عام507 هـ، طلبا لسماع الحديث وتحقيق الروايات، فنزل قرطبة وأخذ عن شيوخها المعروفين مثل ابن عتاب، وابن الحاج، وابن رشد، وأبي الحسين بن سراج وغيرهم، ثم رحل إلى «مرسية» سنة 508هـ، ولزم أبا علي الحسين بن محمد الصدفي، وكان حجة في عصره، وسمع عليه الصحيحين البخاري ومسلم، ورحل إلى المشرق ليستكمل تعليمه ويدرس على علمائه• وأضاف: إن عياض عاد إلى «سبتة» في سنة 508هـ، جامعا معارف واسعة متبحرا في العلوم الشرعية وكان على دراية عظيمة بها، وكان محدثا فقيها مؤرخا أديبا فاتجهت إليه الأنظار والتف حوله طلاب العلم والفتوى، وجلس للتدريس وهو في الثانية والثلاثين من عمره، وتقلد منصب القضاء في «سبتة» سنة 515 هـ، وظل في منصبه ستة عشر عاما، وكان موضع تقدير الناس وإجلالهم، وتولى قضاء «غرناطة» سنة 531هـ، وأقام بها مدة، ثم عاد إلى «سبتة» مرة أخرى ليتولى قضاءها سنة 539هـ• واوضح الدكتور حامد أبو طالب أن حياته كانت موزعة بين القضاء والإقراء والتأليف، فظهرت براعته في علم الحديث وحفظه والدراية بروايته ورجاله والإسناد والضبط والإتقان وكان منهجه في الرواية يقوم على التحقيق والتدقيق وتوثيق المتن وفى نظره أن النقل والرواية هما الأصل في إثبات صحة الحديث وتشدد في قضية النقد لمتن الحديث ولفظه، وتأويل لفظه أو روايته بالمعنى، وما يجره ذلك من أبواب الخلاف• ولذا طالب المحدث بأن ينقل الحديث مثلما سمعه ورواه، وأنه إذا انتقد ما سمعه فإنه يجب عليه إيراد ما سمعه مع التنبيه على ما فيه أي أنه يروي الحديث كما سمعه مع بيان ما يعن له من تصويب فيه، دون قطع برأي يؤدي إلى الجرأة على الحديث ويفتح باب التصرف في الحديث بالرأي• وتناوله العلماء بالتقدير فقال خلف بن بشكوال: «هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم»، وقال الفقيه محمد بن حماده السبتي: «جلس القاضي عياض للمناظرة وله نحو من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمس وثلاثون سنة، كان هينا من غير ضعف، صلبا في الحق، ولم يكن أحد بسبتة في عصره أكثر تأليفا منه وحاز من الرئاسة في بلده والرفعة ما لم يصل إليه أحد قط، وما زاده ذلك إلا تواضعا وخشية لله تعالى»، وقال القاضي شمس الدين: «هو إمام الحديث في وقته وأعرف الناس بعلومه وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم»• وقال د•حامد أبوطالب إن عياض ألف ثلاثة كتب في شرح الحديث هي «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» وضبط في هذا الكتاب ما التبس أو أشكل من ألفاظ الحديث الذي ورد في الصحيحين وموطأ مالك، وشرح ما غمض في الكتب الثلاثة من ألفاظ وحرر ما وقع من الاختلاف أو تصرف فيه الرواة بالخطأ والتوهم في السند والمتن ثم رتب هذه الكلمات التي عرض لها على ترتيب حروف المعجم• والكتابان الآخران «إكمال المعلم» وشرح فيه صحيح مسلم، و»بغية الرائد لما في حديث أم زرع من الفوائد «• وله كتاب آخر هو «الإلماع في ضبط الرواية وتقييد السماع»• مؤلفاته يشير االدكتور حامد إلى أن القاضي عياض درس على شيوخه بمدينة «سبتة» المدونة لابن سحنون، وهو مؤلف في الفقه المالكي، وقد كتبت عليه الشروح والمختصرات والحواشي، ورأى أن تبويبها تتداخل فيه المسائل المختلفة في الباب الواحد، وتعاني عدم الإحكام في المسائل الفقهية• فقام بتحرير رواياتها وسمى رواتها وشرح غامضها وضبط ألفاظها وذلك في كتابه « التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة» ويعد خطوة مهمة في سبيل ضبط المذهب المالكي وازدهاره• ويضيف أن من مؤلفات عياض ايضا «ترتيب المدارك»، وهو أكبر موسوعة تتناول ترجمة رجال المذهب المالكي ورواة «الموطأ»، وأفرد لعلمائه وشيوخه الذين التقى بهم في رحلته كتابه المعروف باسم « الغنية» وترجم لهم فيه وتناول حياتهم ومؤلفاتهم وما لهم من مكانة ومنزلة وتأثير، كما أفرد مكانا لشيخه القاضي أبي على الحسين الصدفي في كتابه «المعجم» وتعرض فيه لشيخه وأخباره وشيوخه• و تمتع عياض بحس أدبي كبير وكان صاحب بيان قوي وأسلوب بليغ يشف عن ثقافة لغوية متمكنة وبصر بالعربية وفنونها، فقرأ أمهات كتب الأدب، ودرس « الكامل « للمبرد و«أدب الكاتب « لابن قتيبة، و«إصلاح المنطق» لابن السكيت، و«ديوان الحماسة»، و«الأمالي» لأبي علي القالي، وله شعر دونته الكتب التي ترجمت له، ويدور حول النسيب والتشوق إلى زيارة النبي -صلى الله عليه وسلم• وأضاف: ترك القاضي عياض مجموعة كبيرة من المؤلفات منها «الشفا بتعريف حقوق المصطفى»، و«ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك»، و«الإعلام بحدود قواعد الإسلام»، و»مشارق الأنوار في تفسير غريب حديث الموطأ والبخاري ومسلم». واختلف في وفاته حيث قال البعض إنه مات في مراكش، وقيل في سبتة سنة 544 هـ في جمادى الآخرة، وقيل في رمضان•
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©