الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحديث إلى إيران·· الخيار الأفضل

الحديث إلى إيران·· الخيار الأفضل
1 يوليو 2008 22:42
عندما يأتي الحديث عن التحاور مع إيران -وهي المقاربة التي يدعو إليها ''باراك أوباما'' في سياسته الخارجية- تكثر الانتقادات وتتعدد الجهات التي تطلقها، وكما هو متوقع يندد المنافس الجمهوري ''جون ماكين'' بدعوة ''أوباما'' لإجراء حوار مباشر مع إيران، فيما ينعت مساعده للسياسة الخارجية تلك المقاربة بأنها ستكون ''قمة لرعاة البقر''، لكن اللافت حقاً أن بعض الأوروبيين أبدوا تحفظاً إزاء التغيير الذي يطالب به ''أوباما'' في السياسة الخارجية الأميركية، مجادلين بأن على المجتمع الدولي ألا يتخلى عن الخط الرسمي القائم على رهن المفاوضات مع إيران بتعليقها لبرنامج تخصيب اليورانيوم، وفي تصريح لمسؤولين أوروبيين لصحيفة ''واشنطن بوست'' خلال الشهر الجاري أوضحوا بأنهم ''يريدون الاستمرار في الطريق الحالي مع إيران''، بل وذهب أحد المحللين الفرنسيين إلى اتهام ''أوباما'' بأنه يسعى منفرداً إلى ''تجاوز قرارات مجلس الأمن الدولي''· والحقيقة أن جميع تلك الانتقادات لا أساس لها من الصحة، ذلك أن دخول الولايات المتحدة في حوار مع إيران دون شروط مسبقة، على أن يطال جميع القضايا العالقة بين البلدين، يفتح باب الأمل لإنقاذ سياسة خارجية تبين فشلها، كما أن القيام بذلك من شأنه توحيد أميركا وأوروبا، وليس التفريق بينهما، بيد أن الفكرة التي يروج لها ''ماكين'' والقائلة إن الحديث إلى إيران سيقوي النظام لا ترى بأن سبع سنوات ونصف السنة من الامتناع عن التحاور مع إيران تركتها أكثر قوة وأقرب لامتلاك القنبلة النووية من أي وقت مضى، والأخطر من ذلك أن تلك الفكرة، إلى جانب تصريح سابق للمرشح ''ماكين'' قال فيه ''هناك شيء واحد أسوأ من الحل العسكري مع إيران وهو امتلاكها للسلاح النووي''، لا يعني سوى أنه في حال فشل السياسة الحالية مع إيران فإن الحل الوحيد المتبقي هو توجيه ضربة عسكرية ضدها، وفيما يعارض الأوروبيون الحل العسكري ويدعون إلى التريث، يصر البعض على ضرورة موافقة إيران على شروطهم والمتمثلة في تعليق تخصيب اليورانيوم قبل الجلوس إلى طاولة الحوار، وإذا كان مفهوماً الطلب الأوروبي بالنظر إلى رفض إيران في اتفاقياتها السابقة مع أوروبا وقف التخصيب، إلا أن الواقع الحالي تجاوز الموقف الأوروبي، إذ تأتي التفاهمات والأهداف نتيجة للمفاوضات وليس شرطاً مسبقاً عليها· الغريب أن الأوروبيين الذين يصرون على تلبية الشروط المسبقة قبل الشروع في الحوار هم بالفعل يتفاوضون مع إيران، حيث جميعهم، بالإضافة إلى روسيا والصين، تربطهم علاقات دبلوماسية كاملة مع الجمهورية الإسلامية، كما أنهم وإلى جانبهم موسكو وبكين، قدموا لطهران -وبالنيابة عن واشنطن- حزمة من المكاسب التي ستحصل عليها إذا وافقت على تعليق تخصيب اليورانيوم، وقد أمضوا عدداً لا يحصى من الساعات يناقشون هذه الأفكار وغيرها مع الطرف الإيراني· والمقاربة الصائبة التي ندعو إليها في هذا السياق هي وضع حد خروج الموقف الأميركي عن المألوف بإصراره على عدم التحاور مع إيران والتخلي عن وهم أن ما يجري حالياً من مفاوضات ليس حواراً، فهل كانت تعقد المباحثات السداسية مع كوريا الشمالية لتحرز أي تقدم لو رفضت الولايات المتحدة المشاركة فيها، أو لو أصرت على أن يفكك النظام منشآته النووية قبل الاعتراف بأننا نتفاوض معها؟ الواقع أن الأميركيين والأوروبيين متفقون على الهدف النهائي، وهو منع إيران من الحصول على السلاح النووي والحؤول دون اكتسابها القدرة على ذلك، لكن ما لا يفهمه منتقدو ''أوباما'' أن العقوبات الحقيقية المفروضة على إيران في شكلها المالي والاقتصادي يمكن تشديدها في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات، وليس بوقف المباحثات نهائياً، أما الادعاء بأن التفاوض مع إيران هو خرق لقرارات مجلس الأمن الدولي، فإن ذلك تحريف لما تنص عليه القرارات التي تقول إن على إيران أن تُعاقب إذا لم تعلق تخصيب اليورانيوم، وليس الامتناع عن الحديث إليها قبل أن تتمكن من ذلك، وطبعاً قبل الانخراط مع إيران في حوار مباشر لا بد للولايات المتحدة من تنسيق المواقف مع الأوروبيين، بالإضافة إلى الروس والصينيين للاتفاق حول أهداف مشتركة وترتيبات محتملة، سواء لجهة فرض المزيد من العقوبات، أو لجهة رسم تفاصيل الاتفاق المنشود، وقد كان واضحاً خلال لقاءاتنا مع المسؤولين الأوروبيين أنه مهما بلغ الاختلاف حول المفردات والشروط فإنهم يرحبون بدخول أميركا في المفاوضات ومشاركتها المباشرة· الأكثر من ذلك، أن بعض المسؤولين الأوروبيين أطلعونا خلف الأبواب المغلقة عدم اقتناعهم بشرط تعليق إيران لتخصيب اليورانيوم قبل التفاوض، لذا فإنه من شأن تغيير السياسة الأميركية أن يمنح غطاء للأوروبيين للدعوة علناً إلى إسقاط شرط تعليق تخصيب اليورانيوم، لكن البعض يقول إنه لا جدوى من الحديث إلى إيران لأن قادتها مصممون على تطوير السلاح النووي، لكن حتى لو ثبت ذلك فإنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها إقناع القادة ومعهم الشعب الإيراني بأن سياستهم تلك ستكلفهم غالياً وستضيع عليهم فرصاً ثمينة، ولأن إيران نووية تشكل بالفعل خطراً حقيقياً، فإننا لا نستطيع حرمان أنفسنا من أداة دبلوماسية مهمة قد تساعدنا على تجنب هذا الخطر· ولعل أقل ما سنحصل عليه في حالة تعنت إيران، حتى بعد دخولنا في حوار معها، هو أننا سنكون في موقف أفضل لاتخاذ إجراءات أشد وإقناع حلفائنا الأوروبيين بها· إيفو دالير، وفيليب جوردون باحثان في معهد بروكينجز الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©