الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«متحف المرأة» بدبي يروي سير نساء إماراتيات تركن بصماتهن في ذاكرة الوطن

«متحف المرأة» بدبي يروي سير نساء إماراتيات تركن بصماتهن في ذاكرة الوطن
21 مارس 2013 20:27
«متحف المرأة» بدبي حمل الدهشة لعقيلات السفراء اللواتي قمن بزيارته في إطار اليوم العالمي للمرأة. والزيارة التي رعتها الشيخة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي، أتاحت لهن كماً هائلاً من المعلومات حول الدور الذي لعبته المرأة الإماراتية في التنمية، حيث يعتبر المتحف مركزاً ثقافياً توثيقياً معنياً بتاريخ المرأة في الإمارات وحاضرها، وكل ما يتعلق بجوانب حياتها من فكر، وثقافة، وفنون، وتراث، وتاريخ، وطقوس، ويقع المركز في منطقة سوق الذهب بديرة، والذي كان يسمى سكة الخيل. (دبي) - زار «متحف المرأة» مؤخراً وفد من زوجات السفراء المعتمدين في الدولة، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، حيث اطلعن على تجربة النسوة الإماراتيات ما أبهرهن، ودفعهن للتساؤل عن أدوار المرأة في جميع المجالات، فانحنين تقديراً لمجهودات أصحاب المبادرة، وأثنين على ما يحتويه المتحف، الذي يعد الأول من نوعه في العالم العربي، من مخزون مادي، وقيمة معنوية كبيرة، معتبرات أنه يشمل الماضي والحاضر، ويتطلع إلى المستقبل، نظراً لشموليته واحتوائه على مقتنيات ووثائق، يرجع تاريخها إلى بداية القرن العشرين، ما يجعله قبلة ثقافية للمقيمين على أرض الإمارات والزائرين، ليتعرفوا عن قرب إلى ثقافة المجتمع، ودور النساء اللواتي ساهمن في التنمية، ليروا جانباً آخر من الجوانب الجميلة للإمارات، في مبادرة خاصة تحتفي بالمرأة وماضيها وحاضرها في الإمارات. مخزون ثقافي وحضاري على جداريات المتحف تظهر لوحة بعنوان «ذاكرة المكان»، والتي يضم صورا ناطقة بتاريخ أناس، وحضارة بلد، إضافة إلى صور قديمة ونادرة للشيوخ المؤسسين مع شخصيات وطنية لها تأثيرها في حقب زمنية معينة، وجوازات سفر قديمة من حقبة الاستعمار البريطاني، ترجع لسيدات إماراتيات مؤثرات في المجتمع الإماراتي، وبجانبه لوحة كتب عليها: «إن هذا المكان الذي نراه هنا ونمشي في أروقته اليوم يحمل بعضاً من عبق ذاكرة المكان الأكبر الذي عاش فيه أهلنا وأحبتنا، يحمل رائحتهم، وعبق عطورهم، وعرقهم، وهذه الوجوه التي تطالعنا هنا، هذه الملامح التي يرى فيها بعضنا شيئاً من نفسه، أو تجعلنا نقف لتأملها متسائلين عن حياتهم وكيف عاشوها، متى ضحكت ومتى بكت، ومتى غادرت للبعيد، كل هذه الشخصيات تنهض مرة أخرى من التراب وتمتشق قاماتها حاضرة في المكان والنفوس، لعلها تخبرنا عن نفسها، أو أنها تسأل عما بقى منها فينا». وحين يتوسط الزائر المكان يكتشف أنه خارج وقته بما يتيحه متحف المرأة في دبي، تلك الأيقونة التي توسطت الأحياء الشعبية والأسواق التقليدية فبثت في المكان روحاً وحياة، ونجح في تحريض فضول كل الناس للسؤال ليجد نفسه أمام مخزون ثقافي وحضاري لنساء ساهمن في السياسة والاقتصاد والفن، حيث يتيح المتحف الذي يعتبر الأول من نوعه على صعيد العالم العربي، والرابع على مستوى العالم، بما يشمله من ثراء في المادة ومن صور توثيقية، ومن مقتنيات وتبرعات ثمينة، تحقق أهدافه ودوره في دعم الحركة الفنية والثقافية والبحوث التي تهم المرأة، وبما يعكسه من إرادة قوية، ومجهود مبذول لجمع المادة ووضعها في مرحلتها التاريخية وتصنيفها. ويأتي متحف المرأة في دبي، الذي يعتبر مبادرة نابعة من الدكتورة رفيعة غباش أستاذة الطب النفسي رئيسة جامعة الخليج سابقا، لقناعتها بضرورة حفظ وتوثيق تاريخ المجتمع وتراثه وثقافته وهويته، والدور الريادي للمرأة في كل القطاعات السياسية، الاقتصادية، الأدب، الرياضة والفنون، كما يترجم هذا العمل إحساسها العام بالمسؤولية لنقل الدور الريادي للمرأة للأجيال الشابة، لتزداد اعتزازا بوطنها ومدى عطاء الإنسان إليه. حفاوة استقبال بالقهوة العربية والتمر، وبحفاوة وكرم أهل الإمارات، تم استقبال وفد السفيرات، بعد أن دلفن الحي الشعبي، من خلال زقاق صغير مؤد إلى المتحف المكون من ثلاثة طوابق، بحيث يشعر الزائر بألفة غريبة مع المكان، وكأن زواياه ما زالت ناطقة بحكايات ساكنيه الأولين، وقد استمع وفد عقيلات السفراء، لشرح الدكتورة رفيعة غباش التي قدمت لهن في البداية نبذة عن المتحف، والتي أوضحت أنه كان يطلق عليه «بيت البنات»، حيث كان يسكنه بنات غير متزوجات، ثم تعرفت زوجات السفراء إلى دور سيدات إماراتيات شكلن حلقة داعمة في تنمية الوطن، في جميع المجالات، بحيث شمل المتحف لوحة مخصصة للمرأة والسياسة، ومن بين الشخصيات النسائية البارزة اللواتي كان لهن دور بارز في هذا المجال، الشيخة حصة بنت المر «أم الشيخ راشد»، رحمهما الله، والشيخة سلامة بنت زايد الأول، والشيخة لطيفة بنت حمدان آل نهيان، حرم الشيخ راشد، رحمهما الله، والسيدة عائشة بنت محمد بن علي بن هويدن، والسيدة ميرة بنت محمد بن سالم السويدي، كما تتضمن اللوحة جانب الحاضر من النساء اللواتي لهن بصمة في التاريخ الحديث بعطائهن ورؤيتهن الثاقبة لكل الأمور السياسية والاقتصادية والإنسانية، وأبرزهن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة. جداريات التنمية ودعمت الوثائق المسجلة بصور تعزز المشهد التاريخي، بحيث تضع الزائر للمتحف في حقبة منتصف القرن العشرين، حيث بدأت المرأة تقتحم كل المجالات، وتشارك أخيها الرجل مقاعد الدراسة، وقد شمل جانباً من المتحف جدارية كبيرة ترصد تاريخ النساء في التعليم الذي يرجع إلى تاريخ ?1953 وصولا إلى اليوم، وجدارية أخرى ضمت مجموعة من النساء في مجال الاقتصاد، من خلال التجارة التي قادتها بعد السيدات من بيوتهن، كتجارة العود الأصلي، وسيدات رائدات في عدة مجالات كأول سيدة تحصل على رخصة قيادة، ولوحة أخرى تضيء على تاريخ الجمعيات النسائية في الإمارات والتي يرجع تاريخها إلى عام 1968، بينما تضم لوحات أخرى نماذج لسيدات من الإمارات في جميع المجالات كالسياسة، الأدب، الإعلام، الاقتصاد، التعليم، الرياضة، الطب، التمريض، والعمل التطوعي، كما أن هناك عضوات في المجلس الوطني، وأكاديميات ورائدات في مختلف الميادين التي كانت حكرا فيما سبق على الرجل، ويضم المتحف أيضا مجموعة من مقتنيات الذهب ذات النقوش الجميلة وذات القيمة العالية، سواء من الناحية المادية أو المعنوية، بحيث ترجع أغلبها لتبرعات شخصية لمتحف المرأة، حيث توقفت زوجات السفراء كثيرا عند هذا الجناح، إلى جانب مجموعة من الأدوات التي كانت تستعملها السيدات الإماراتيات في حياتهن اليومية كماكينات الخياطة والكاجوجة، وغيرها من الأدوات، إلى جانب صورة قديمة لمنزل عائلة عبيد غباش في سوق الذهب القديم بدبي، يعود تاريخها إلى عام ?1910. «فتاة العرب» ولم يقتصر المتحف على الوثائق والصور، بل شكل معرضا مفتوحا للأعمال الإبداعية التي تتحدث عن تاريخ المرأة والتي صيغت بطرق فنية تجلب أنظار الزائر وتحقق متعة المشاهدة، إلى ذلك علقت لوحة فنية تستعرض نماذج الأقمشة التقليدية التي ارتدتها النساء قديما واندثر الكثير منها، والتي اشتهرت بمسميات مأخوذة من الثقافة المحلية مثل» دمعة فريد»،»صالحني»، و»رادف خله»، والتي صاغتها الفنانة نجاة مكي ومزجت فيها الألوان والأقمشة وصورة المرأة الإماراتية ومكانتها المجتمعية، كما يشمل المتحف على مجموعة أخري كبيرة من الأعمال الإبداعية، منها لوحة بعنوان «الرقص في النور» للفنانة فاطمة لوتاه، ولوحات أخرى تحت عنوان «خلي بالك من خطواتك»، والتي تستهدف عدم الانتقاص من حق المرأة، وضرورة الالتفات لقوتها في جميع المجالات. كما يضم المتحف مجموعة من اللوحات تنتمي للجيل الجديد يعرضون فيها أعمالا تشكيلية كعلياء لوتاه، شيخة المزروعي، ميثاء دميثتان، وتمثال من عمل الدكتورة رفيعة غباش، عندما كانت طالبة في المرحلة الإعدادية، بإشراف مدرستها في الفن وقتذاك عفاف عبد الرحيم، وأوضحت غباش أن الهدف من وضع التمثال هو التنويه بدور المدرسة في رعاية بذور الفن التي قد تتواجد في كل طالب، وفي جميع المراحل الدراسية، ونوهت بدور المدرسة والمدرسين في دعم الحركة الفنية، كما يشمل المعرض على عملين للفنانات المؤسسات للحركة الفنية في الإمارات فاطمة لوتاه، وهو عبارة عن ثوب إماراتي صب عليه مادة بلاستيكية مما أبقاه على حاله، وأعطاها حركة فنية، وعمل فني للفنانة لطيفة سعيد، وهو عبارة عن وجوه معلقة بنظرات مختلفة تقول إنها وجوه لوالدتها، في مراحل عمرية مختلفة، إذ يشكل الخيط واللوحة أهم موادها، وعمل آخر لعلياء لوتاه عبارة عن أربع صور وكأنها تأتي من الذاكرة، بحيث اختارت طريقة في الرسم والتلوين تجعل الصور ضبابية وكأنها تحضر من زمن بعيد. «ركن تمكين زايد للمرأة» وأكملت السيدات جولتهن في بقية أركان متحف المرأة، وصعدن إلى الدور الأخير من مبنى المتحف، والخاص بالشاعرة الإماراتية الشهيرة بفتاة العرب، عوشة بنت خليفة السويدي، حيث صممت القاعة بطريقة رائعة، وقد كتبت قصائدها على الجدران في شكل تموجات، تعرض التراث الشعري للشاعرة، «فتاة العرب»، وهذه القاعة توثق لسيرتها الذاتية، وتستعرض تجربتها الشعرية بالصوت والصورة. وتبرز أهم المحطات في حياة هذه الشاعرة، وسوف تكون هذه القاعة منطلقاً لنشاط أدبي وشعري خاص بالشاعرات الإماراتيات. كما تجولت زوجات السفراء في ركن تمكين زايد للمرأة، المقام في متحف المرأة بدبي، ويبرز دور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تمكين المرأة، والذي أعدت له ووضعت الفكرة الدكتورة رفيعة غباش، وكلفت الفنان البحريني جمال عبدالرحيم الذي استخدم أكثر من تقنية فنية في تصميم هذا العمل الفني، حيث استخدم الصورة والكلمة لإخراج 12 لوحة أصلية مطبوعة يدويا تمثل دور المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع بعض أشعاره، تقديرا له وبإيمانه بدور المرأة، وضم مجموعة من الأقوال المشهورة التي تتحدث عن تمكين المرأة، ومنها يقول رحمه الله: إن المرأة ليست فقط نصف المجتمع من الناحية العددية، بل هي كذلك من حيث مشاركتها في مسؤولية تهيئة الأجيال الصاعدة، وتربيتها تربية سليمة متكاملة، إنني أشجع عمل المرأة في المواقع التي تناسب طبيعتها وبما يحفظ لها احترامها وكرامتها كأم وصانعة أجيال». كما يوثق المعرض زيارات الشيخ زايد للجمعيات والمراكز النسائية والمدارس بمجموعة من الصور الفوتوغرافية، وفيلما تسجيليا عن دعم الشيخ زايد وتمكين المرأة التي انبهرت به السيدات الزائرات. نواة فكرة المتحف تقول الدكتورة رفيعة غباش، صاحبة فكرة متحف المرأة ومؤسسته، إنها استغرقت أكثر من 5 سنوات في تجميع المادة التي تشكل أساس المتحف وقاعدة بنيانه، موضحة أنها وجدت تعاونا كبيرا من جانب الأفراد الذين أمدوها بالوثائق وتبرعوا بمقتنيات شخصية، مؤكدة أن نواة فكرة المتحف وبذرتها نبعت من والدتها عوشة بنت حسين التي كانت تحتفظ بوثائق تعود لبداية القرن العشرين، مثمنة دور كل من أحمد الهاشمي وهو رجل أعمال من دبي وجامع مقتنيات، وجمعة الدرمكي عاشق لمقتنيات متعلقة بالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله. وتضيف: «دعموني أناس كرماء، أما بالنسبة لفكرة المتحف فهي تربت معي منذ صغري، حيث كنت أراقب اهتمام والدتي وشغفها بجمع الوثائق والصور والأدوات القديمة، فأغلب هذه الوثائق الموجودة بالمتحف تعود ملكيتها لوالدتي. وتشير غباش أن متحف المرأة لم يكتمل تصوره في ذهنها إلا بخلق قاعة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، وتتابع قولها: «لم أكن لأشعر ببهجة المتحف إذا لم يضم قاعة للمغفور له بإذن الله، الشيخ زايد لتمكين المرأة، فهو الذي جعل المجتمع يتقبل الأدوار الجديدة للمرأة الإماراتية التي تتطلبها التنمية». نافذة على الابداع توضح الدكتورة مريم سلطان لوتاه، أستاذ مساعد بكلية العلوم السياسية بجامعة الإمارات في العين، والتي كانت في استقبال زوجات السفراء وتتناوب مع الدكتورة رفيعة غباش على شرح تفاصيل ومحتويات المتحف، أنه لا يعتبر منصة تأريخية توثيقية للمرأة الإماراتية في الماضي وحسب، وإنما نافذة لدعم الإبداع في كل المجالات التي تهم المرأة، بحيث ستكون هناك جائزة باسم عوشة بن خليفة السويدي لتكريم أي عمل إبداعي للمرأة في مجال الأدب لتكون رمزا ومنطـلق لإثراء الحركة الأدبية للمرأة في الإمارات. وتحدثت عن مركز دراسات المرأة الذي يمثل نواة لمركز دراسات معني بالأبحاث الخاصة بالمرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة والوطن العربي، إذ يعمل على تأسيس قاعدة معلومات عن أهم الأبحاث والمؤلفات الخاصة بالمرأة، ومكتبة تضم الإسهامات الفكرية للمرأة الإماراتية، وكل ما كتب عنها. وتضيف لوتاه، التي تعتبر إحدى المتطوعات الرئيسيات في تأسيس المتحف، أنه يشتمل على مكتبة غنية بكل الكتب التي تتحدث عن المرأة وتجمع عدة عناوين مميزة تخص حضور المرأة في كل المجالات، بحيث تعتبر مركز معلومات مرجعياً لكل من يريد أن يعرف معلومات عن المرأة، كما يشمل كل الإصدارات الإماراتية في كل أنواع المعرفة، موضحة أن المكان مخصص لعقد ورش تدريب ويستقطب الباحثين والجامعات والمؤسسات المعنية بالمرأة، كما ستشكل خزانة ثرية لكل البحوث، كرسائل الماجستير والدكتوراه للنساء الإماراتيات في كل المجالات، مؤكدة أنه ستتوافر على مكتبة أرشيفية إلكترونية، إلى جانب المكتبة التي تشمل عناوين عدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©