الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«ليلة زفاف».. ذاكرة طفولة شقية وذات مشروخة

«ليلة زفاف».. ذاكرة طفولة شقية وذات مشروخة
21 مارس 2015 22:45
عصام أبو القاسم (الشارقة) تذّكر جمهور أيام الشارقة المسرحية مساء أمس الأول الكاتب الراحل سالم الحتاوي الذي فقدته الساحة الثقافة الإماراتية في سنة 2009، وذلك بمناسبة إعادة تقديم رائعته «ليلة زفاف» التي كتبها في فترة باكرة من حياته وحاز عبرها جائزة أفضل نص في دورة سابقة لأيام الشارقة المسرحية 1997 عندما قدمها المخرج خالد البناي بمشاركة الممثلين عبد الله صالح وسميرة أحمد. وأضاءت مناسبة إعادة تقديم العمل بوساطة المخرج الشاب مبارك ماشي في الدورة الحالية من أيام الشارقة المسرحية، على القدرة العالية للكاتب الراحل في التأليف المسرحي، إذ بدا نص العرض مبنياً بحذق شديد في مجمل مستوياته الفنية كما ظهرت رؤيته الفكرية محفزة على طرح الأسئلة حول كينونة الفرد وحول علاقته بالعائلة وبالمجتمع. مخاوف وأوهام حكى العرض قصة الشاب عبيدان (حميد فارس) الذي عجز عن مغالبة مخاوفه وأوهامه في الليلة الأولى لدخوله على عروسه (علياء المناعي)، وتحت حالة من الضغط والانحصار النفسي، ينفجر مستعيداً مسار حياته منذ كان طفلا، مستعرضاً الهزات والعواصف التي تعرض لها، في بوح مونولوجي طويل المدى، أضفى مسحة شديدة الحزن على الصورة العامة للعرض التي افلح مبارك في تعميق أثرها وتركيزها، بالموسيقى والظلال الضوئية وبالحركة المشروطة التي حكم بها أداء الممثلين. كان على «عبيدان» أن يعيش مقسماً بين إرادتي والديه، والده «النوخذة» الذي كان يرى إلى ركوب البحر كحلقة أساسية من رجولة أي رجل، ووالدته التي كانت واقعة تحت تأثير ذكريات مرعبة عن اليم، وكانت تبذل كل ما في وسعها حتى لا يستجيب الولد لرغبة والده، فكانت تستغل خلوتها مع الطفل عبيدان في فراش الطفولة وتبدأ في نسج الحكايات التي تربي في داخله خوف البحر. هكذا وجد الشاب نفسه منذ البداية أمام تحديين، الأول هو أن يثبت لوالده وصحابه أنه «ابن النوخذة»، القوي والذي لا يهاب لا البحر ولا البر. أما التحدي الثاني، وهو الأصعب، فيتمثل في التخلص من رواسب الخوف من البحر التي أورثتها له حكايات أمه في سرير الطفولة. كبر الطفل مشروخاً ومهزوزاً، ومع الوقت بدأ يشعر بفقدان هويته الشخصية وراح يغرق في الاستيهامات والهواجس حول رجولته، بشكل أساسي، ولكن أيضاً حول سويته النفسية وصورته في المجتمع. لغة مكتومة وفي الحوار بين العروسين، على الخلفية الحلمية التي رسمها مبارك ماشي مستخدماً الأقمشة المصبوغة بالأطياف التعبيرية والتي كانت تجلي وتوضح أكثر التوتر بين الرثنين وهو يتزايد صعوداً، في لغة مكتومة وشديدة الإيحاء. نتابع أولاً، العروس التي ظنت أنها حظيت بعريس في مقام «نوخذة» تنتقم لخيبتها بعد أن تبينت عجزه، بتقريعه ومحاسبته، فهو لم يتزوجها حباً ولكن لـ «تبيض وجهه» أمام الناس. وبعد أن يتفاقم شعوره بالقهر ينفجر العريس في وجه عروسه، فهي بدورها لم تتزوجه بصفته الذاتية ولكنها تزوجت الصورة التي توهمتها عنه أو التي أوهمها المجتمع بها، صورة «النوخذة» و«مصارع البحر» و«سيد الشباب». ويصل العمل إلى ذروته حين يطلب العريس من عروسه أن تخرج من بيته فيتحرج موقفها، فما الذي يمكن أن يقوله الناس حين يرونها خارجة من بيت عرسها في الليلة الأولى؟ لم يجد ماشي صعوبة كبيرة في نقل هذا الثراء الدرامي فوق الخشبة، ولكنه أكد بتصديه لتجربة هذا العرض انه استحق جائزة الإخراج التي نالها في الدورة الماضية من المهرجان، فلقد ظهر في « ليلة زفاف» متمكناً في إدارة وتوظيف عناصر عرضه الجمالية والتقنية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©