الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التصرف الصغير

2 يوليو 2008 23:18
تشير الأنباء أن المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية السيناتور ''أوباما'' اتصل تلفونياً بسيدتين أميركيتين مسلمتين، معتذراً عن تصرف بعض العاملين في حملته الانتخابية الذين منعوا السيدتين -محجبتين- من الوقوف خلفه والتصوير في احتفال انتخابي في مدينة ''ديترويت''، وبعد لفتة الاعتذار للسيدتين، قال السيناتور في تصريح منشور، إنه يشعر بأسف عميق لهذا التصرف الذي يتعارض مع مبادئه، وأكد رفضه التام لأي شكل من أشكال التمييز ضد مجموعة بسبب خلفيتها الدينية· هذا التصرف ''الصغير'' الذي صدر من بعض المتطوعين من حملة السيناتور، فتح صفحة من الغضب المكتوم والشعور بالإحباط والاستياء لدى كثير من قادة المسلمين الأميركيين الذين تحمسوا وعملوا لدعم المرشح الديمقراطي منذ أن أعلن عن ترشيح نفسه للرئاسة، لقد كان مجرد تقديم ''أوباما'' للترشيح قد أيقظ الأمل ليس لدى المسلمين الأميركيين وحدهم، ولكن لكل مجموعات الأقلية التي ظلت دائماً تعيش على هامش معارك الرئاسة الانتخابية، حتى جاء هذا الشاب المنحدر من أصول أفريقية، والذي كان شعار حملته الانتخابية وتوجهاته الشجاعة تدعو إلى الأمل وإلى التغيير ومخاطبة القضايا الأميركية الداخلية والخارجية بلغة جديدة رافضاً اللغة القديمة والأساليب القديمة، معبراً عن تعطش الغالبية الصامتة من الناخبين الأميركيين للتغيير والخروج من دوامة الأزمات التي قادت إليها إدارة الرئيس جورج بوش بلدهم· لكن قضية السيناتور ''أوباما'' ومعاونيه مع غالبية قادة المسلمين الأميركيين، لا تتمثل في قصة السيدتين المسلمتين واعتذاره لهما، فمن وجهة نظر بعض هؤلاء القادة، أن القضية تذهب إلى أبعد من ذلك، وما كانوا يحاولون مداراته وعن الإعلان عنه -في الصحف وغيرها من وسائل الإعلام- هو ما عبر عنه عضو الكونجرس المسلم -أول مسلم أميركي انتخب للكونجرس- ''كيث أليسون'' والذي كان من المبادرين بتأييد ترشيح ''أوباما'' للرئاسة، وتطوع للعمل في حملته الانتخابي، فقد قال، إنه كان قد نظم بأن يتحدث في مسجد يعتبر من أقدم المساجد في أميركا نيابة عن السيناتور عندما أخطروه بأن يلغي ترتيباته وأن لا يخاطب المصلين في المسجد العتيق نيابة عن السيناتور ''أوباما''، مما أقنعه أن السيناتور وفريقه يحاولون بقدر المستطاع أن لا يظهروا تعاوناً مع قيادة وجماعات المسلمين الأميركيين تحسباً وخوفاً من أن يستغلوا ذلك· وعند العودة إلى الحملة التي واجهت ''أوباما'' عند بداية ترشيحه واتهامه بأنه ''مسلم'' يخفي إسلامه، يتأكد استغلال تلك المخاوف غير المؤسسة، ضد المسلمين والتي يغذيها اليمين المسيحي المتعصب والمنظمات اليهودية منذ أحداث سبتمبر المؤسفة، ويتفهم كثير من قادة المسلمين الأميركيين ''الدوافع الانتخابية'' التي تدعو منظمي حملة السيناتور في محاولتهم التباعد والبعد عن المسلمين الأميركيين -وخاصة بعض منظمي الحملة المحسوبين على اليسار الديمقراطي- لكن ذلك لن يحسب لصالح رجل يقود حملة الأمل والتغيير الداعي إلى الحريات المدنية وإلى التسامح الديني والدبلوماسية الراشدة في سياسة أميركا الخارجية· إن الخوف من الارتباط بالناخبين المسلمين الأميركيين خوف لا يليق برجل يدعو إلى مثل هذه المبادئ، فالمسلمون الأميركيون هم قبل كل شيء مواطنون لهم ما لغيرهم من المواطنين الأميركيين حقوقهم المقررة دستورياً، وعليهم مثلهم حقوق ينظمها القانون، وهم أيضاً في حساب الأصوات الانتخابية القادمة -في معركة يجمع المراقبون أنها ستكون معركة ساخنة- يجب على المرشح للرئاسة أن يحسب حسابهم وأن لا يخضع حساباته للحملات الابتزازية التي يغذيها خصومه ومنافسيه· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©