الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة أوروبا المالية...هل باتت على طريق الحل؟

أزمة أوروبا المالية...هل باتت على طريق الحل؟
21 مارس 2012
أخيراً يبدو أن أوروبا تنفست الصعداء بعد نجاحها في منع إفلاس اليونان بطريقة غير منظمة، وإقرارها صندوقاً دائماً للإنقاذ تفادياً لسقوط الحكومات الأوروبية في مشاكل التمويل مستقبلاً، بالإضافة إلى حصول البنوك الأوروبية على تدفقات مالية ضخمة من البنك المركزي الأوروبي وما نتج عن كل ذلك من هدوء الأسواق المالية. فهل يمكن القول إن الأزمة المالية الأوروبية في طريقها إلى الحل؟ لا، ليس بعد، هذا على الأقل ما يحذر منه "جينز ويدمان"، محافظ البنك المركزي الألماني والمستشار الاقتصادي السابق لأنجيلا ميركل، موضحاً موقفه بالقول: "في عمقها تمثل الأزمة المالية أزمة ثقة في المالية العامة من جهة، وأزمة تنافسية لدى بعض الاقتصادات الأوروبية من جهة أخرى". وأضاف "ويدمان"، الذي كان يتحدث أمام الصحفيين بفرانكفورت في وقت سابق خلال الأسبوع الجاري، "هذه المشاكل الجوهرية يتعين معالجتها بقرارات سياسية من قبل صناع القرار، فلو أن تزويد البنوك والحكومات بالسيولة أفضى إلى "لا شيء"، ولم تتحقق الإصلاحات فإننا سنواجه المشاكل ذاتها مستقبلاً". وكانت هذه التعليقات بمثابة انتقادات غير مبطنة للبنك المركزي الأوروبي الذي يشارك "ويدمان" نفسه في مجلس إدارته، لا سيما استراتيجيته القائمة على ضخ الأموال السهلة في النظام البنكي الأوروبي لتحفيز السيولة. وهكذا وخلال الأشهر القليلة الماضية، وفّر البنك المركزي الأوروبي ما قيمته تريليون "يورو" من القروض الممتدة على مدار ثلاث سنوات إلى البنوك الأوروبية بنسبة فائدة لا تتعدى 1 في المئة. ورغم الإشادة التي حظي بها محافظ البنك المركزي الأوروبي، "ماريو دراجي"، لتزويد البنوك بالسيولة، فإن الاستراتيجية في نظر "ويدمان" قد تشجع البنوك على تبني نماذج مالية غير قابلة للاستدامة، كما أنها ستحفز الحكومات على وقف الإصلاحات المالية والبنيوية الضرورية. وتأتي هذه التحذيرات بعد أسبوع من المؤشرات الإيجابية التي عرفتها أوروبا، ففي 12 مارس الجاري وافق وزراء مالية منطقة اليورو على إقرار حزمة الإنقاذ الثانية لصالح اليونان، التي وصلت قيمتها إلى 130 مليار يورو، بحيث أُقرت الخطة من قبل جميع حكومات وبرلمانات دول "اليورو" بعد جدل هدد استقرار الأسواق المالية. وبالإضافة إلى ذلك صعدت وكالة "فيتش" التصنيف الائتماني لليونان بنقطة صغيرة لتصل إلى (B-) وذلك لأول مرة منذ عام 2003، واليوم أيضاً أكد صندوق النقد الدولي حصته في خطة إنقاذ اليونان البالغة 28 مليار يورو. وبفضل هذه التطورات، تستطيع الحكومة في أثينا تسديد مستحقاتها من الديون البالغة 14.5 مليار دولار عندما يحين موعدها بعد خمسة أيام، متفادية إعلان الإفلاس، كما يمكنها البدء في تطبيق برنامج التقشف القاسي والمؤلم الذي يفترض أن يقلص الديون المتراكمة على اليونان التي تصل حصتها حالياً إلى 160 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 120 في المئة بحلول عام 2020، لكن في الوقت الذي تنتظر فيه اليونان شهوراً، بل سنوات من المشاق والتقشف وتصاعد الاحتجاجات الشعبية الرافضة له دون أن تضمن الخطة على نحو أكيد خروج البلاد من حالة الركود الاقتصادي، تبقى البنوك الأوروبية المستفيد الأكبر من الأزمة المالية. وذلك حسب الخبير الاقتصادي الألماني، "مايكل سوجا"، مؤلف الكتاب الصادر مؤخراً "سقوط المال: كيف تقامر البنوك والسياسيون بمستقبلنا"، وفيه يرى أن البنك المركزي الأوروبي انصاع إلى العقيدة الأميركية التي تحدد دور البنك المركزي ليس فقط في إبقاء معدلات التضخم منخفضة، بل في تحفيز الاقتصاد من خلال ضخ الأموال، وهو كما يقول الباحث الاقتصادي "أمر مفيد للبنوك التي تقترض الأموال بسعر فائدة 1 في المئة من البنك المركزي ثم تستخدم الأموال نفسها لشراء السندات الإسبانية بنسبة فائدة تصل إلى 5 في المئة، بل الأكثر من ذلك تسعى البنوك إلى تأمين تلك الأموال والفوائد من المخاطر بإيداعها مجدداً في البنك المركزي لتفادي تحمل الخسارة، لنصل في النهاية إلى النسخة المعروفة من خصخصة الأرباح وتعميم الخسارة". لكن في المقابل يرى "ولفجانج مونشو"، رئيس مركز الأبحاث، "يورو إنتيلجنس"، ببروكسل أن "البنك المركزي الأوروبي لم يكن أمامه خيار آخر عدا التدخل لإنقاذ اليونان ومعها البنوك الأوروبية، فالتدخل المالي أنقذ العملة الموحدة وجنبها تبعات السقوط والانهيار"، إلا أن "مونشو" يقر بالمخاطر المرتبطة بتدخل البنك المركزي الأوروبي ويتقاسم مع "ويدمان" بعض مخاوفه، لا سيما تلك المرتبطة برفع الضغوط عن الساسة الأوروبيين للقيام بالإصلاحات اللازمة. فمع توافر السيولة التي يضخها البنك المركزي الأوروبي ينتفي الدافع الملح لدى القادة الأوروبيين للمضي قدماً في الإصلاحات المالية وتصويب الاختلالات البنوية، وربما يظهر ذلك بشكل واضح في موسم الحملات الانتخابية التي عادة ما يتفادى فيها السياسيون الأوروبيون كل ما من شأنه إغضاب الناخب، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتقشف. ويضيف الباحث الاقتصادي، محذراً "لم تنته الأزمة المالية بعد، وعندما تعود مجدداً إلى الواجهة سندرك أن البنك المركزي الأوروبي استنفد كل الأدوات لديه وبإن موارده المالية لم تعد كافية لتغطية خطط أخرى للإنقاذ. وفي هذه الحالة ستنكشف الأمور وتتعمق الأزمة، وربما نصل إلى ما هو أسوأ من قبيل إفلاس الدول الأكثر تضرراً وخروجها من منطقة اليورو". مايكل ستاينينجر برلين وفرانكفورت ينشر بترتيب خاص مع خدمة »كريستيان سيانس مونيتورى
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©