السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سِقْط اللِّوَى···قارئ المستقبل···

سِقْط اللِّوَى···قارئ المستقبل···
2 يوليو 2008 23:47
الأُمم العظيمة تخطّط لمستقبلها ليس لِمَا بعْدُ من حياتها بالسنواتِ، ولكنْ بعشرات السنوات؛ فالعالِمُ الذي يصبح باحثاً في مختبر علميّ بعد ثلاثين عاماً يُشرع في تهيئته وتكوينه منذ سنّ الخامسة في المدرسة الابتدائيّة، ومثلُه الطّبيبُ النِّحْرير، والمهندسُ القدير··· وإذْ كان الشأن كذلك، فإنّ قرّاء المستقبل ليسوا شيوخاً طاعنين، ولا كهولاً مترهّلين؛ ولكنّهم أطفال يافِعون لم يبرَحوا في مقتبَل العمر· من أجل كلّ ذلك فإنّ الأمم العظيمة لا تزال تُعنَى بأطفالها عنايةً فائقة، وتهتمّ بمدارسها ومعاهدها اهتماماً شديداً، وذلك ابتغاء تكوينهم ليواجهوا المستقبل بثقة ووعْيٍ واتّزان، فتراهم يُنْشئون أدباً خفيفاً يكتبه مختصّون في التربية وعلم النّفس يُطْلقون عليه أدب الطّفل ، ولا يكتبُ مثلَ هذا الأدبِ إلاّ الآباءُ من المربّين، والكتّابُ من المتخصّصين التربويّين فتراهم لا يضعون الكلمة فوق القرطاس إلاّ بعد مُدارَستِها وتقدير حال استقبالها حين يقرؤها الطفل؛ فليست اللّغة البسيطةُ، ولا الخيال الآسر المطلوبيْنِ في كلّ الأطوار والأحوال في أدب الطّفل، بل هناك شيء آخرُ يجب أن يضاف إليهما وهو الإحساس العارم بعالم الطفل ووجدانه ومستوى إدراكه··· وإنّا لا ندري ما ذا يفعل العالم العربيّ لكي يُسعد أطفاله، ويهيّئَ لهم طفولة بمقدار ما هي مرحة، تكون حافلة بالفائدة وتلقِّي المعرفة الأولى التي تمثّل البساطة في الوقت الذي تمثّل التحفيز على التعلّم والتّطلّع إلى الارتشاف من المزيد· ولعلّ هيئة أبوظبي للثقافة والتراث حين أنشأت مكتبة للطفل بمقرّها أحسّت بهذه المسؤوليّة الحضاريّة الثقيلة، فأرادت أن تحمل الطفل الإماراتيّ على حبّ القراءة والتشبّع بجمالها، وأنّ الكِتاب، في عالم المعرفة، لا يساويه أيّ شيء في سلّم القِيم الفكرية، وأنّ مستقبل الدولة هو بيد هؤلاء الأطفال الذين عمّا قريب سيصبحون كباراً يتّخذون لهم مواقعَ في الإدارة والتعليم والتسيير· ونتيجة لذلك فقد يكون الطفل الإماراتي أقربَ الأطفال العرب إلى مشابهة الطفل الأوروبي أو الأميركيّ أو الياباني حذْوَ النعل بالنعل، في التمتّع بالمواصفات الثقافيّة نفسها· وتلك سيرة يجب أن تحمل الآباءَ على أن يحلُموا بهذا المستقبل الباسم لأطفالهم، إذ هيّأت الدولة لهم كلّ الوسائل فلم يبقَ لهم إلاّ أن يكونوا في مستوى ذلك في المدارس والثانويّات والجامعات··· وعلى أنّ القراءة التي أردنا إليها في عنوان هذا العمود ليست بالضرورة مرادفة لمفهوم التعليم الذي هو تلقّي مجموعة من المعارف المنتظمة تحت إشراف معلّمين وأساتذة تتوَّج باختبارات يخضع لها الطّلاّب، بل إنّما أردْنا بها إلى القراءة الخارجيّة غير المقرَّرة في البرامج الرسميّة، وهي التي تصنع الفرْق بين تلميذ وتلميذ آخر، ومن ثَمَّ بين رجل المستقبل المثقّف الواعي، وبين مَن لا يجاوز مستواه المعرفيّ ما لُقِّنَهُ في المدارس، واجترّه في الجامعات· وإذا كان التعليم معادلاً للعلم، فإنّ القراءة معادلٌة للمعرفة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©