الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيراني: البديل عن مسايرة السوق هو التوقف عن إنتاج الكتب

إيراني: البديل عن مسايرة السوق هو التوقف عن إنتاج الكتب
17 يناير 2008 01:31
مخاض الكتاب العربي الى أين؟ وهل ثمة سبل للعودة به الى عصر ذهبي كان له يوما؟ يرى محمد حسن إيراني رئيس اتحاد الناشرين في لبنان، وأحد أصحاب مجموعة دار الكتاب العربي واكاديميا انترناشيونال، أن أزمة الكتاب هي اشكالية هوية ثقافية بامتياز، تتفاقم حدتها مع دور التكنولوجيا والاعلام في اعادة صياغة العقل المعاصر· ايراني يرفض تحميل الناشر المسؤولية الكاملة عن تردي أوضاع الكتاب، لكنه يقبل بنصيب جزئي منها، وهو اذ يؤكد مسايرة الناشرين لتوجهات السوق، ومنطقها في العرض والطلب، يشير الى أن البديل عن ذلك سيكون إغلاق دور النشر· هنا حوار معه حول الكتاب وأزمته المتفاقمة· ؟ أزمة الكتاب العربي، هل هي أزمة ناشر، أم مؤلف، أم قارئ؟ ؟؟ لا يمكن اختصار أزمة الكتاب العربي بردها إلى أحد هذه العوامل· إنها مزيج من الثلاثة مجتمعة، ولذلك فهي مشكلة ثقافية بامتياز، وهي تعبير واضح عن أزمة الثقافة العربية عموماً في ظل نظام عالمي جديد تجاوز العلم فيه كل حدود، بما في ذلك الهويات الثقافية للشعوب وتراكمها الحضاري· بهذا المنحى فإن هذه الأزمة تعكس نفسها تلقائياً على الكتاب العربي، وفي تفاصيله الناشر والمؤلف والقارئ معاً·· إنها أزمة متعلقة بالهوية الثقافية للوطن العربي، وتتصل بمشروعية الفكر العربي وريادته· من جهة ثانية، تبدو التحديات العلمية هائلة أمام الكتاب عموماً والكتاب العربي خصوصاً، لأن التكنولوجيا والإعلام يعيدان اليوم صياغة العقل العربي ووعيه، عندما يصبح الوعي ذاتياً تحول أسير قراءات محددة أو يهرب منها إلى عالم من الترفيه السطحي· وفي هذه الحالة يصبح الناشر أسير هذه المحدودية في القراءة أو الإبداع، فيحاول جاهداً تأمين قدرته على الاستمرار، وهذه ميزة البقاء التي تضمن الحد الأدنى من وجود الكتاب العربي حياً· لأن البديل هو اغلاق باب النشر وهنا ستكون الأزمة الحقيقية والكبرى· التجارة والإبداع ؟ كما أن هناك متسلقين من الكتاب يضخون إلى السوق عناوين خالية من المضامين، فإن هناك ناشرين يغلبون منطق التجارة على الإبداع، فتخرج من دورهم كتب تعوزها الجودة الطباعية وتملؤها الأخطاء اللغوية فكيف يمكن تجاوز هذه المشكلة؟ ؟؟ أولاً رسالة الناشر تفرض الاهتمام على الأقل بالجودة الطباعية ودون أخطاء لغوية، لأن الربح يتجاوز حدود كتاب محدد بل يتعلق باستمرارية الربح عبر الاصدارات المتعددة، والقارئ يهتم أحياناً بالإخراج وبنوعية الورق والطباعة· فالكتاب غالباً ما يكون زينة المكتبة· وبعيداً عن الربحية كمنطق أحادي لدى البعض فهي غاية أساسية أيضاً، وإلا فإن دور النشر تصبح مؤسسات خيرية وهذا يجافي طبيعتها كمؤسسة· لكن ذلك لا يعفي دور النشر من مسؤولية احتضان الإبداع العربي وفي الاطلالة على الثقافات الأخرى بالترجمة الصحيحة والمتنوعة أو غيرها· بيد أنه أصبح من المؤكد أن نوعية الكتب المطروحة في الأسواق تعكس صورة بائسة لصناعة الكتاب في العالم العربي· ومع ذلك فالكتاب الجيد والمتقن والخالي من الأخطاء يجد له صدى واسعا لدى القراء والنقاد، بحيث إن دور النشر العريقة التي لها باع طويل في إنتاج الكتب ونشرها معروفة ولا يمكن تجاهلها· وبرأيي أن تجاوز مشكلة النوعية الرديئة للكتب، سواء لجهة المضمون، أو لجهة الخلو من الأخطاء، يتطلّب عملاً نقدياً كبيراً ورقابة جيدة ووضع معايير وشروط نوعية للنشر يلتزم بها الجميع، ويضعون لوائح تنظيمية للتقيُّد بها· من يدفع لمن؟ ؟ يدفع المؤلف للناشر ثمن إصدار كتابه، ويدفع القارئ للناشر ثمن شراء نسخته، فهل يمثل الناشرين هذه الحال دور الاقطاع الثقافي المتحكم بسوق الكتاب؟ ؟؟ لا بد من تصحيح السؤال فالناشر هو الذي يدفع للمؤلف وليس العكس؛ وفي أغلب الأحيان يشاركه في نسبة المبيعات، وهذه المسألة تتعلق بطبيعة الإصدار ومضمونه واسم المؤلف الخ·· لكن ما أود قوله أن الناشر العربي أبعد ما يكون عن الإقطاع الثقافي، بل هو برأيي الحاضن الثقافي، يتبنى الإبداع ويتيح له فرصة الوصول إلى أوسع الشرائح الاجتماعية والإنسانية·· ثم إن تعددية دور النشر العربية تمنع الاحتكار· نحن في بعض الأحيان نتعاون مع مؤسسات ثقافية للمساهمة في تسويق الكتاب، ونستفيد من مختلف وسائل الإعلام والإعلان لهذا التسويق، فهل هذا الجهد إقطاعاً ثقافياً مستغلاً أم إنه في حقيقة الأمر مسؤولية ثقافية متنوِّرة؟ ؟ طغيان العناوين المتعلقة بالتراث والطبخ والتجميل والسحر والبخت، ألا يعني مسؤولية حصرية يتحملها الناشر في تحديد مكونات الذائقة الثقافية للقارئ العربي؟ ؟؟ النشر مرآة للواقع الثقافي في المجتمع· في الستينيات والسبعينيات، إبان صعود حركة التحرر الوطني، العربية والعالمية، نشطت الكتب السياسية والفلسفية وكتب علم الاجتماع السياسي· ومع انحسار هذه الموجة عادت الحياة إلى كتب التراث والدين باعتبارها حاجة تسد فراغاً ثقافياً معيناً· ومع انتشار تكنولوجيا المعلومات وعلوم الاتصالات والعلوم بشكل عام، بدأت بعض الدور الرائدة بالاستجابة لهذا النوع من النشر· بهذا المعنى يمكن تشبيه الناشر بالهوائي الذي يلتقط الاتجاهات الثقافية السائدة ويعكسها في منشوراته· وبهذا المعنى أيضاً فإنه يتحمل مسؤولية في تحديد مكوِّنات الذائقة الثقافية في المجتمع· ولكن هذه المسؤولية ليست حصرية نظراً إلى أن الناشر ليس سوى مكوِّن واحد من بين مكوِّنات عديدة للثقافة في المجتمع· ما يهمني الإشارة إليه هنا هو غياب المشروع العام أو الاهتمامات المشتركة للجمهور، مما يقودنا مباشرة إلى اهتمام فردي·· ثم إن الأزمة السياسية أو الاقتصادية تعكس نفسها على نفسية الجمهور فيهرب منها إلى بعض أشكال الترفيه السطحي أو الاهتمامات الخاصة· ونحن نتحمل بعض المسؤولية لكنها بسيطةً جداً قياساً لمسؤولية النظم والحكومات والمؤسسات الثقافية ووسائل الإعلام· إنها مسؤولية عامة ولا نتحملها وحدنا كناشرين· القوانين والرقابة ؟ ما مدى الإعاقة التي تمثلها القوانين والأنظمة الرسمية في عملية إنتاج الكتاب وحركته؟ ؟؟ لقد وضعت القوانين لتسهيل حياة الناس وتيسير عمليات التبادل فيما بينهم على كافة المستويات الفكرية والتجارية والاقتصادية وغيرها، فإذا لم تخدم هذه القوانين عمليات التبادل تحولت إلى عائق كبير·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©