تشيكيتس: الأفكار المبدعة تصوغ قدر الجنس البشري

يتطرق إلى كيفية تحويل النزاع إلى إبداع تشيكيتس: الأفكار المبدعة تصوغ قدر الجنس البشري أحمد السعداوي في كتابه "النزاع الإيجابي: تحويل النزاع إلى إبداع" يسعى داربي تشيكيتس إلى تكريس ثقافة جديدة تغير نهج العلاقات التنافسية بين الأفراد وتحولها إلى طاقة إيجابية خلاقة، مستحضرا ما يعرف بقوة الأضداد التي تعني أن الأفراد عندما ينجحون في التغلب على خلافاتهم يكون لديهم فرصة أكبر لتسخير طاقاتهم والعمل على دمجها، ومن ثم قدرة أعظم على تحقيق الأهداف. الطاقة الكامنة ------------- يقول في كتابه "إن من سمات القائد العظيم، القدرة على تجاوز النزاع لإيجاد ذلك الاندماج في الأفكار والمواهب التي هي ناتج طبيعي للتنوع الإنساني، وذلك بتوفير أرضية مشتركة تصبح أساساً لدمج عناصر الطاقة الإنسانية، التي تولد قوة لم نتوقعها سابقاً، أي دمج الأفكار التي كانت متنافسة لإحداث تأثير مضاعف". ثم يتحدث عن الطاقة الكامنة داخل الإنسان، فيطرح سؤالا مفاده "ما هي القوة الكامنة لفكرة ما؟" لو جمعنا قوة الريح وحركة المحيطات وطاقة ضوء الشمس، وكذلك كل القوة الرابطة لكل الذرات في كل شيء مكون للكرة الأرضية، فإن هذه القوة الهائلة لا تعادل قوة شخص بمفرده متحمس يمتلك فكرة مبدعة يمكنها أن تصوغ قدر الجنس البشري. لو جمعنا اثنين أو ثلاثة أشخاص من هذا النوع يمتلكون تلك الأفكار المبدعة فإنهم قد يهزون العالم، لأن أعظم قوة يكتشفها الإنسان هي قوة الأفكار". عربات بلا خيول -------------- يضرب الكاتب المثل بالطاقة التي كانت لدى كريستوفر كولومبوس عندما أبحر إلى حافة الأرض بحثا عن أرض جديدة ليكتشف ذلك الكيان المسمى "أميركا" وطاقة الدكتور جوناس سولك الذي صمم القضاء على المرض المخيف الذي يتذكره البعض منها وهو الشلل، وكذلك الطاقة التي حركت خيال هنري فورد في إنتاج عربات بلا خيول وعلى نطاق واسع في خطوط تجميع عديدة. إذا، هناك طاقة لا حدود لها داخل الأفكار، وكذلك طاقة لا حدود لها جسدية وفكرية داخل الناس. ولكن هناك عوائق تقف في طريق تقديرنا لأفكار الأشخاص والطاقات التي يتحلون بها، يحددها تشيكيتس في: 1- فكرتي هي الأفضل، بمعني أن نحكم على الآخرين ونرفض أفكارهم لإفساح المجال لأفكارنا الخاصة التي قد لا تكون أسمى من أفكار الآخرين. 2- خطر النفور، بمعنى أن خبرتنا السابقة توحي لنا بعدم نجاح هذا الشئ الجديد لأنه لم ينجح قبلاً، فمن السهل على المرء أن يكون رافضاً وسلبياً. 3- الرؤية الضيقة، إذ لم تكن نظرتنا شاملة فلن نرى بما يكفي، ولسوء الحظ كثير منا كانت فكرته كبيرة في البداية ووضعها في مرتبة متأخرة. 4- الركون إلى الراحة وعدم تحفيز الطاقة العقلية والجسدية اللازمة لترجمة هذه الأفكار إلى واقع. ويشير إلى أن تحرير هذه الطاقات من تلك العوائق يتطلب عدم التسرع في الحكم، تغيير نمط التفكير، سعة البصيرة، الشجاعة، وكذا مشاركة الآخرين فرحة نجاح أفكارهم. هنا فقط يمكن الاستفادة بقوة أفكار الآخرين، وتحويلها إلى طاقة نافعة للجميع. تعدد الرؤى ---------- يعرج الكاتب إلى الحديث عن الأضداد باعتباره من المسلمات الكونية، ويقول: "إن التعارض والتضاد هو الذي يجعل للحياة معنى، فلا تنمو العضلات وتصبح أقوى حتى تواجه مقاومة وتتغلب عليها، تنطبق نفس المبادئ على تقوية شخصية المرء، حيث تصبح أقوى وأكثر شجاعة بمواجهة مشكلات الحياة والتغلب عليها". ويضيف في سطوره: "من أشكال الأضداد، تعدد الرؤى، الذي قد يعني في ظاهره خلاف وتضارب، ولكن في جوهره يعطينا شمول في الرؤية، ولذلك علينا أن نقلل من استهزائنا بالاقتتال الداخلي وأن نبحث باستمرار عن طرق أفضل للإمساك بالقوة الايجابية لمثل هذا الصراع، لكي نصل إلى الفائدة المشتركة التي نسعى إليها، وذلك من خلال التناغم بين مهارات التفاوض والتواصل، لخلق قوة إيجابية تصل بمثل هذه المواقف إلى نتيجة مبدعة وخلاقة". قوانين أبدية ---------- ينتقل الكاتب إلى الحديث عن أشكال مختلفة من الصراع يقابلها البشر في أدوارهم المختلفة في الحياة، ويوضح لنا كيفية تحويلها إلى طاقة إيجابية. ويذكر على سبيل المثال مقولة" لا جديد تحت الشمس"، موضحاً أن فهمه الخاص لها كالآتي: "هناك قوانين أبدية تتحرك و تحكم الكون، فكل الاختراعات والإبداعات هي اكتشافاتنا الإنسانية لتلك المبادئ التي تعمل من حولنا، والتي نعرف كيف نسخرها و نديرها لمصلحة إنسانية أعظم، فإن اختراعاً لشخص ما يبنى في الواقع على ألف اختراع سبقه، هل بالإمكان الوصول لجهاز الـ "i pood" دونما أعداد لا تحصى من الاختراعات التي سبقت ظهوره، والمعتمدة على مبادئ هائلة في الكيمياء والفيزياء وضعها علماء كثيرون على مر العصور. ضرورة الإصغاء -------------- يشير كذلك تشيكيتس إلى أنه "من الغطرسة أن يقول فرد ما أن فكرته تلغي فكرة منافسه، لأن فكرته ليست في الأساس ليست إلا نتاج مصادر معرفية كثيرة كانت مصدر وحي وإلهام له، مثل المعلمين ومؤلفو الكتب التي قرأها". ويلفت أيضا إلى "ضرورة الإصغاء خاصة لمن نعتقد أنهم يزعجوننا بأفكارهم الغبية، لأنه سنكتشف ثمة سبب مقنع لتصرفاتهم وأفكارهم تلك، وإذا عرفنا ما حدث معهم وراء الكواليس، سنلتمس لهم العذر، وتكون علاقتنا بهم أفضل، فالناس يحتاجون إلى أعظم حب عندما يتصرفون بطريقة غير محببة، حينها يحتاجون إلى شخص يستمع إليهم برغم صعوبة القيام بذلك". ويضع لنا إرشادات للتعامل مع الأفراد ذوي المراس الصعب، يلخصها فيما يلي: 1- إبعاد العامل الشخصي. 2- كن متوافقا ودودا. 3- كن حازما فيما يتعلق بمعايير الأخلاق. 4- عالج القضايا وليس الشخصيات، وتجنب لوم الآخرين. 5- دع الآخر ينهي قصته دون مقاطعة. 6- عالج نقاطا محددة وليس عموميات. 7- خذ فرصة لتكسب بعض الوقت. ويؤكد الكاتب على أن الالتزام بالإصغاء هو التزام لتوظيف أعظم درجات طاقتنا الفكرية وذكائنا في أي موقف. إنه الفكر الذي يجعلنا نسعى وراء الحقيقة، وأن نكون منصفين تجاه الآخرين، وهو الفكر الذي يدفعنا لإيجاد حلول لا أن نكسب حوارات. تفجير الصراع -------------- يشدد الكاتب أيضا على قيمة التفاؤل، في فهم مغزى الأضداد وتحويل النزاع إلى إبداع، لافتا إلى أنه يجب أن لا نسير في الحياة مفترضين أن الآخرين مزعجون، بل هم مكملين لي فيما أقوم به وشركائي في أي نجاح يتحقق. وبعد ذلك يعرج كاتبنا إلى التواصل، باعتبار أن معظم النزاعات تقع في سياق تواصلنا الإنساني، ومن خلال التواصل نفجر الصراع أو نحله، ويحدد لنا عدة أساليب تساعدنا على تحقيق التواصل الناجح مع الآخرين، منها: 1- كن فاهما للناس. 2- تجاوز الخطوط لتخلق الألفة. 3- تعامل مع مصالح لا مع مراكز. 4- تذكر الصورة الكبيرة. 5- تابع اتفاقاتك. 6- كن مستعدا للموافقة وأخبرهم ماذا تستطيع أن تعمل. ويفسر أن "الهدف من تحقيق هذا التواصل الناجح والإيجابي، هو التقليل من قولنا كلمة "لا" وكذلك كلمتي نعم/ لكن. أي إيجاد مساحة مشتركة لحلول مفيدة أكثر مما نرى في بداية أي نزاع ندخل فيه. ثم يستطرد المؤلف في الحديث عن طرائق عدة تساعدنا على الخروج من مواقف الصراع والمنافسة المتعددة في حياتنا، وتحويلها إلى طاقة خلاقة، بما يؤدي النهاية إلى تحويل صور النزاع المختلفة إلى نزاع إيجابي"، وهو ما سنكتشفه عبر قراءة باقي صفحات الكتاب.