السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرزوقي: أفتقد الطبخ الإماراتي وتجاوزت آلام الغربة

المرزوقي: أفتقد الطبخ الإماراتي وتجاوزت آلام الغربة
25 مارس 2011 20:49
لم يكن الاغتراب بالأمر الجديد على عمار حسن المرزوقي، حيث عاش في الولايات المتحدة الأميركية أثناء دراسته في المرحلة الابتدائية خلال فترة دراسة والده لنيل درجة الماجستير في القانون من إحدى الجامعات الأميركية، مما ساهم في تعزيز فكرة الدراسة في الخارج وتحديداً في الولايات المتحدة الأميركية. يدرس الطالب الإماراتي عمار حسن المرزوقي والمبتعث للدراسة في جامعة “ماديسون ويسكونسن” بولاية ويسكونسن الأميركية في تخصص هندسة الكمبيوتر، وهو الآن في السنة الدراسة الرابعة والأخيرة ويحضر نفسه للتخرج والعودة لمسقط رأسه في العاصمة أبوظبي ليكون أحد الطلاب المتخرجين من منح الابتعاث التي توفرها الدولة لمواطنيها المتفوقين، ويساهم في تنمية البلد الذي راعته وقدمت له الكثير. البداية داعبت الطالب المرزوقي الأحلام ومنذ صغره للدراسة في عدة تخصصات عند تخرجه من الثانوية العامة، فقد تم قبوله لدراسة الطب في جامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين، كما كان يود دراسة العلوم السياسية، ولكن يبدو أن الحال استقر على دراسة هندسة الكمبيوتر لما لديه خبرة في هذا المجال، كما كانت المشورة التي قدمها الأهل والأقرباء في اتخاذ قرار حاسم للتوجه لدراسة علوم الكمبيوتر، يقول عمار : “كانت هناك عدة تخصصات أحلم بها، فقد قبلت في كلية الطب بجامعة الإمارات بالعين، كما أنني كنت أحلم بدراسة العلوم السياسية، ولكنني اخترت هندسة الكمبيوتر لأن لدي خبرة في برمجة الحاسوب، إضافة إلى نصيحة الأهل وذوي الخبرة ممن سألتهم. صعوبات ولكــن واجه الطالب المرزوقي عدة صعوبات خاصة بعد السفر، وبما أنه عاش في الولايات المتحدة برهة من الزمن أثناء دراسة والده فيها، فقد انطبعت في مخيلته بعض التفاصيل، التي كانت تنافي تماماً ما واجهه حين سافر للدراسة فيها، كما كان للفرق في نظام التعليم حصة في العمل على تجاوز الصعوبات ويضاف إلى ذلك الهم المعتاد لكل طالب مبتعث ألا وهي الغربة، ولكنه اجتازها وإن كان ببعض المعاناة، كما ساهم البرنامج الإعدادي الذي انخرط فيه من قبل جهة الابتعاث في التكيف مع الوضع الحالي له، يقول المرزوقي: “أكبر عقبة واجهتها هي الفرق بين الصورة التي كنت أحملها عن الولايات المتحدة وما رأيته على أرض الواقع، إضافة إلى الفرق في نظام التعليم والشعور بالغربة، وساعدني على التأقلم في الوضع الجديد هو البرنامج الإعدادي الذي قدمته لنا بعثة صاحب السمو رئيس الدولة قبل السفر، والذي أعدّنا نفسيا لمصاعب الغربة والدراسة، مما كان له الأُثر الأكبر في تجاوز أية مصاعب”. البحث عن جامعة اعتاد المبتعثون عن طريق الدولة على تسهيل جميع الإجراءات وتذليل العقبات للسفر، وتعتبر اختيار الجامعة من أكثر المراحل تعقيداً واستهلاكاً للوقت، الأمر الذي وفره مكتب سمو رئيس الدولة للابتعاث على الطلبة، فقد تم حصر الاختيارات في عدة جامعات، والتي تعد الأفضل على مستوى الولايات المتحدة الأميركية، وعن معايير اختيار الجامعة يقول المرزوقي: “قامت البعثة باختيار ست جامعات، وقمت بمراسلتهم، وتعتبر الجامعة التي أدرس فيها حاليا من أفضل الجامعات التي وافقت على طلب الالتحاق بها، وتختار البعثة عادة الجامعات من أفضل 20 جامعة في أميركا لكل تخصص”. مع أن الاعتياد على السفر المتكرر كانت سمة واضحة في حياة عمار، حيث كان أحد أعضاء فريق الإمارات لبرمجة الكمبيوتر والتابع لوزارة التربية والتعليم، كما رافق منتخب الإمارات للقوارب الشراعية الذي كان عضوا فيه، لذا فتجربة الغربة لم تكن جديدة كلياً، إلا أن السفر وحيدا ولفترة طويلة كان له عميق الأثر في نفس المرزوقي، فقد تضاربت لديه المشاعر بين الفرح والحماس لبدء حياة جديدة من الناحية العملية من جهة، وفراق الأهل والأصدقاء والابتعاد عن الوطن من جهة أخرى، وعن ذلك يقول: كان شعوري بالسفر مزيج من الفرحة بالحزن، فقد كنت متحمسا لأبدأ مرحلة جديدة من حياتي العلمية، ولكنني كنت حزينا لأنني سأكون بعيدا عن والدي ووالدتي وأهلي لمدة طويلة”. رحلة طويلة استقلها المرزوقي للوصول إلى ارض الدراسة والتحصيل، خفف من متاعبها من كان في استقباله، يقول: “كانت الرحلة منهكة تجاوزت الأربع وعشرين ساعة من الطيران والانتظار في صالات المطارات، ولكننا سعدت حقاً عند وصولي لأن البعثة كلفت شخصاً لاستقبالنا ومساعدتنا في جميع ما نحتاجه من أمور في مرحلة البدء مثل فتح الحساب البنكي والبحث عن سكن مناسب”، علماً أن المرزوقي لم يجد أية صعوبة في الدراسة باللغة الإنجليزية. مناخ قاس استطاع المرزوقي مع الوقت في التغلب على صعوبة المناخ في ولاية “ويسكونسن” التي كثيراً ما عاني منه حتى تأقلم على ذلك، وعن ذلك يقول: “المناخ في الولاية التي أدرس بها حكاية أخرى فدرجة الحرارة في الشتاء تصل إلى ثلاثين تحت الصفر وأكثر، لذا فالتأقلم مع الجو في درجات حرارة كهذه كان صعبا للغاية وخاصة في أول سنة دراسية، ولكني مع مرور الوقت تعلمت كيفية التأقلم معه”، ولا يجد المرزوقي صعوبة في التعامل مع الناس هناك، وهو الذي اعتياد على الاجتماع بالناس ومن بلدان مختلفة، “أما التعامل مع الناس فلا أجد فيه صعوبة فيه ولدي العديد من الأصدقاء الأميركان” يضيف قائلاً. ومع ذلك، يبدي المرزوقي أسفه على بعض المواقف التي تعرض لها، والتي نشأت على أساس عنصر بما أنه عربي ومسلم، ولكن هذا لا ينفي أن معظم الشعب الأميركي شعب متسامح ويقبل الشعوب الأخرى، ويقول : “لقد تعرضت في مرات قليلة للشتائم أو المضايقة من قبل أناس عنصريين، ولكن السواد الأعظم من الأميركان متسامحون ويتقبلون وجود الأجانب خاصة في البيئة الجامعية”. ولا يجد المرزوقي فروقات كثيرة بين المجتمعات من حيث التعايش، ويشير إلى أن معظم هذه الفروقات تكون ذات منشأ ثقافي من حيث العادات والتقاليد، إلا أن معظم المبادئ الإنسانية موجودة لدى الجميع وبالغريزة، التي قد توجهها العادات الثقافة ذات الخصوصية لكل بلد: “الفروقات التي نجدها في أكثر الأحيان هي الفروقات الثقافية أو العادات والتقاليد، وما عدا ذلك فهي فروقات بسيطة” يقول المبتعث عمار. دراسة بدون روتين لا يوجد روتين في حياة المرزوقي الدراسية، ويعتمد ذلك على المواد الدراسية المقررة له في كل فصل وسنة، مع العلم أنه قد يقضي يوماً كاملاُ في بعض الأحيان داخل مختبر الجامعة، عن ذلك يقول: “ليس لدي روتين معين فالجدول الدراسي غير ثابت ويبدأ الدوام في ساعات مختلفة بحسب اليوم، مثلاً في بعض الأحيان قد لا أكون مشغولا وفي أيام أخرى أقضي أكثر من ثماني ساعات متواصلة في المختبر، يعتمد ذلك على ما أعمل عليه”. وأكثر ما يفتقده المرزوقي في بلاد الغربة هو الطعام الإماراتي، وصحبة الأهل في الأعياد الدينية، ويمارس طقوسه الدينية بكل ارتياح من خلال أداء الصلوات في أحد المساجد الواقعة في البلدة، “أفتقد الطبخ الإماراتي، إن له طعما آخر، وأفتقد قضاء الأعياد في بلدي، هناك ثلاثة مساجد في مدينتنا، أحدهم محاذ للحرم الجامعي، وفي الأعياد فنقوم بأداء صلاة العيد مع المسلمين في الولاية في مصلى كبير يستأجرونه خصيصاً لليوم الأول في العيد، وأما بقية أيام العيد فهي كسائر الأيام، بل في بعض الأعياد أذهب إلى محاضراتي كأي يوم آخر”. تواصل يتواصل المبتعث المرزوقي مع بقية الطلبة الإماراتيين في المدينة التي يدرس بها ويحصرهم في ثمانية طلاب ذكور وأربع طالبات إناث، كما يتواصل مع الطلبة الإماراتيين والعرب في مدن وولايات أخرى، وذلك من خلال المواقع الاجتماعية مثل الفيس بوك وتويتر وغيرها. ويحاول قدر المستطاع الابتعاد عن أية منغصات أو مشاكل في بلد الابتعاث، وفي حال واجهته أي منها فإنه يتصل بالجهات المختصة “حالما أواجه مشكلة دراسية أقوم بالتواصل مع البعثة حتى أخبرهم بالمشكلة، وهم يقومون بإسداء النصائح لكيفية حل تلك المشكلة”. ويطمح المرزوقي ذو الاثنين وعشرين ربيعاً إلى العود للوطن سريعاً، وخاصة أنه في مرحلة التخرج للعمل، وينهي حديثه: “أطمح إلى العمل في وظيفة أقوم فيها بخدمة الإمارات وأسهم في تنميتها ورد الجميل للوطن، وقد قمت فعلاً بالتقديم على عدة وظائف، كما أنوي متابعة ذلك بعد التخرج”. صحفي وبحار يهوى المرزوقي الكتابة، والإبحار بالقوارب الشراعية، وكان له مشاركات منتظمة في صحيفة الجامعة ولمدة عامين، كما ونشر له عدة مواضيع في صحيفة “The Badger Herald “ وتعد أكبر صحيفة طلابية مستقلة في الولايات المتحدة منذ عام 1969، ولكنه لا يستطيع ممارسة هوايته في الإبحار”: لا أستطيع الإبحار إلا أثناء زيارتي الدورية للإمارات، والتي أقوم بها مرتين سنوياً، أو أثناء الصيف حينما تذوب البحيرات هنا”. كما يشارك المرزوقي في الأنشطة الطلابية بين الحين والآخر في مباريات كرة القدم، والتي ينظمها الطلبة العرب، كما يجتمع معهم لتناول وجبة جماعية يتم الاتفاق عليها، وذلك يساهم في دعم الطلبة معنوياً ويقربهم من بعضهم البعض.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©