الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الإندونيسيون والفلبينيون يستنجدون بحرارة البراكين بعد ارتفاع أسعار الوقود

3 يوليو 2008 23:35
فيما تشهد أسعار النفط ومعه كافة أنواع الوقود الأحفوري قفزات متتالية إلى مستويات غير مسبوقة بدأت دول العالم الثالث في البحث عن مصادر بدلية للطاقة، وكان الحل في الفلبين وإندونيسيا متمثلاً في ''طاقة البراكين''· وتتعقد مشكلة ارتفاع أسعار النفط أكثر في البلدان التي يجتمع الفقر مع قلّة الإمكانيات المادية والعوز الشديد للطاقة؛ وفي هذه الحالة تكون ''الحاجة أم الاختراع''· وهذا بالضبط ما يحدث في بلاد مثل إندونيسيا والفلبين وغيرهما من البلدان ذات الطبيعة البركانية، وبعد أن بخلت الطبيعة عليها بالرواسب النفطية، وعندما ارتفع سعر برميل النفط فوق 140 دولاراً، أصبحت فاتورة الطاقة ترهق ميزانياتها وتعيق العملية التنموية فيها مما دفعها إلى البحث عن حلّ عملي يكمن في الطاقة الباطنية للأرض· وتقع إندونيسيا والفلبين فوق ما يطلق عليه خبراء جيولوجيا البراكين مصطلح ''حلقة النار'' زىَه ُن ئىْم، وهي خط وهمي مقوّس يبدأ من ولاية واشنطن أقصى غربي الولايات المتحدة، وينتهي في إندونيسيا والفلبين واليابان ويميّز مناطق تنتشر عبر المحيط الهادي وتشتهر بنشاطاتها البركانية العنيفة، كما تكمن تحت أراضي هذه الحلقة أضخم مخازن الطاقة الحرارية للأرض· ويقول خبير البراكين ليستير براون: ''عندما أفكر في إندونيسيا، فإن أول ما يتناهى إلى ذهني، غناها بمكامن الطاقة الحرارية الأرضية، وتضم التركيبة الجيولوجية الباطنية فيها 500 بركان، أكثر من 130 منها في حالة نشاط، وأعتقد أن في وسع إندونيسيا أن تبني اقتصادها المستدام برمته على مبدأ استغلال الطاقة الحرارية الهائلة لبراكينها وبقعها الأرضية الحارة إلا أنها لم تستفق حتى الآن لهذه الثروة الضخمة من الطاقة المستدامة''· ويبدو الآن أن الإندونيسيين ومعهم الفلبينيون، بدأو يستشعرون القيمة الحقيقية لهذا المخزون الذي لا ينضب من الطاقة بعد أن تجاوز سعر النفط الحدود التي تسمح لمثل هذه البلدان باستيراده، خاصة بعد الزيادة الكبيرة في الطلب على الطاقة بسبب الحركة التنموية، وبدأت الدولتان بإجراء سلسلة من البحوث الجادة لاستغلال الطاقة الحرارية الأرضية بالرغم مما ينطوي عليه هذا المشروع من صعوبات ضخمة· وتشتمل عملية استغلال الطاقة الباطنية على حفر آبار عميقة في الأرض وضخ الماء فيها حتى يتحول إلى بخار يندفع تحت ضغط بالغ الارتفاع ويمكن استخدامه في تدوير توربينات توليد الطاقة الكهربائية، ويركز المشروع الإندونيسي الرئيسي على استغلال براكين جزيرة بالي النشطة ويرمي إلى إنتاج 175 ميجاواط من الطاقة الكهربائية أو ما يساوي تقريباً نصف الطاقة التي تستهلكها هذه الجزيرة السياحية· ويواجه المشروع معارضة شديدة من سكان الجزيرة الذين أبدوا مخاوف من أن يؤدي إلى إتلاف المظاهر الطبيعية الخلابة لمناطق سياحية شاسعة وإلى استنزاف مخزون البحيرات المجاورة من الماء العذب· وتأتي معظم الطاقة الكهربائية التي تستهلكها الجزيرة من جزيرة جافا المجاورة عبر كابلات مثبتة تحت مياه المحيط، ويقول المدافعون عن المشروع إنه يمثل الحل الوحيد لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة في جزيرة بالي التي تعد القلب النابض لصناعة السياحة في إندونيسيا· وتقول ني ميد ويدياساري الخبيرة في شركة ''بالي إنيرجي'' التي تتولى تنفيذ المشروع قولها: ''نأمل أن يستكمل المشروع في أقرب الآجال ليس لمصلحة المستثمرين وحدهم، بل من أجل مستقبل بالي وإندونيسيا كلها''· وفي الفلبين، التي تعد ثاني أكبر بلد في العالم في استثمار الطاقة الباطنية للأرض بعد الولايات المتحدة، يواجه الخبراء المعنيون باستغلال هذه الطاقة مشكلة الحموضة العالية للمياه الجوفية التي تؤدي إلى تآكل الأنابيب الناقلة للبخار والمجاورة للبراكين النشطة· وتنفث البراكين أثناء نشاطها كميات كبيرة من غاز ثاني كبريت الهيدروجين ذي التأثير الحامضي القوي والذي يؤدي إلى أكسدة الحديد بسرعة كبيرة، ويقول بول أكوينو رئيس شركة ''بي إن أو سي'' التي تشغّل تسعة حقول لتوليد البخار: ''لا زالت هناك العديد من الآبار الحامضية التي تدلّ على أن البراكين الميتة التي تنتشر تحتها ليست ميّتة تماماً''· وتنتج هذه الحقول التي يتحدث عنها أكوينو 1199 ميجاوات من الطاقة الكهربائية أو ما يساوي 60% من مجمل الطاقة الحرارية الباطنية التي تنتجها الفلبين· وتعدّ حموضة الآبار المشكلة الكبرى التي تحول دون بلوغ الفلبينيين لهدفهم برفع مجمل الطاقة الكهربائية التي ينتجونها من الآبار الحارة من 1931 ميجاواط إلى 3131 ميجاواط بحلول عام ·2013 وإذا تمكنوا من تحقيق هذا الهدف، فسوف يتفوقون على الولايات المتحدة في هذا المجال وسيستأثرون بلقب الدولة الأولى في العالم في استغلال الطاقة الباطنية للأرض· وتولد الفلبين الآن 18% من مجمل استهلاكها من الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية، ويقول أكوينو في هذا الصدد: ''لقد سبق لنا أن نجحنا بالفعل في استغلال مناطق النشاطات البركانية والبقع الأرضية الحارة وتحويلها إلى منابع لا تنضب من الطاقة''· وأظهرت بيانات حكومية انه منذ شهر يناير من عام 2008 سجلت أسعار النفط في الفلبين زيادة كبيرة بلغت 12,5 بيزو للتر، مما دفع الكثيرين من أصحاب السيارات إلى استخدامها عند الضرورة فقط، وحذر خبراء في الاقتصاد من استمرار الزيادة الأسبوعية في أسعار النفط· وقال راؤول كونسيبشن رئيس مجموعة ''كونسيومر اند أويل برايس'' التي ترعى مصالح المستهلك في قطاع البترول إنه ليس ثمة من نهاية في المستقبل المنظور لارتفاع أسعار النفط وحذر من أن أسعار البنزين قد ترتفع إلى 65 بيزو للتر، وقال: ''هذا لا يحدث فقط في الولايات المتحدة أو في الفلبين بل في العالم أجمع''· وصرح المدير العام لهيئة التنمية الاقتصادية القومية الفلبينية أوجستو سانتوس بأنه في حالة ارتفاع سعر البترول إلى 200 دولار للبرميل فإن النمو الاقتصادي للبلاد سيتراجع بشدة، وقال سانتوس إنه بالنسبة للمواطنين العاديين فإن ارتفاع أسعار النفط يعني زيادة في أسعار الغذاء والكهرباء وأجور النقل· وناشد رئيس هيئة النقل البري ألبرتو سوانسنج ملاك السيارات التعاون معاً والمشاركة في ركوب السيارات بشكل جماعي لتوفير الوقود ولاسيما عند توصيل الأطفال للمدرسة أو الذهاب إلى المكاتب· وفيما بادرت العديد من المنظمات الفلبينة المطالبة باستغلال الطاقات المتجددة إلى تشجيع ودعم مشاريع إنتاج الطاقة الحرارية للأرض تؤيدها في ذلك الرئيسة جلوريا آرويو التي حثّت على التعجيل بالتخطيط للمزيد منها، إلا أن معارضيها السياسيين يعرقلون إمرارها في البرلمان· وتعاني إندونيسيا والفلبين اللتان يبلغ مجمل عدد سكانهما معاً 316 مليون نسمة من عدم كفاية شبكاتهما الكهربائية بعد أن زاد الطلب على الطاقة بمعدل يبلغ 4,8 بالمئة سنوياً· وتولّد إندونيسيا 850 ميجاواط فقط من أصل 27000 ميجاواط من الطاقة الكهربائية التي يمكن توليدها من مكامن الطاقة الحرارية الأرضية القريبة من البراكين شبه النشطة؛ وهي كمية لا تزيد عن 3% من مجمل استهلاكها الراهن من الطاقة الكهربائية· عن ''فاينانشيال تايمز''، ''إنترناشونال هيرالد تريبيون''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©