الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مجمعات سكنية في القاهرة تبرز اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء

3 يوليو 2008 23:36
تقف سيارات رباعية الدفع امام فيلات لونها بني ضارب الى الحمرة بينها سيارة ليكزس وأخرى بورش في مجمع بالم هيلز في ضواحي القاهرة، وتحت ظل النخيل وأشجار البونسيانة الحمراء البراقة أخذ رجال يرتدون زي العمال في تلميعها حتى تبرق· وعلى الجانب الآخر من الطريق المخبأ وراء جدار وفي نهاية ممر تتناثر فيه الأنقاض يعيش صبري علي وزملاؤه البستانيون كل خمسة في غرفة صغيرة ويجني الواحد منهم 18 جنيهاً مصرياً (3,35 دولار) يوميا مقابل العمل لسبع ساعات في العناية بالمروج وتشذيب الأشجار، وينام ثلاثة منهم على أسرة ويتشارك اثنان في حصيرة على الأرض· ومجتمع بالم هيلز الذي لا يتسنى دخوله الا من خلال بوابات على بعد 15 كيلومتراً الى الغرب من القاهرة هو واحد من عشرات ظهرت بسرعة في الصحراء المحيطة بالعاصمة المصرية ليسكنها مصريون ينتمون الى الطبقة المتوسطة العليا والذين ما عادوا يطيقون ضوضاء القاهرة وتلوثها· ويحمل الكثير من هذه المجمعات اسماء انجليزية جذابة مثل هايد بارك وبيفرلي هيلز ويوتوبيا وايفيرجرين ويعلن عنها القائمون على مشاريع التنمية العقارية بالانجليزية· ويحمل بعضها ملامح ترجع الى عهد الملكية مثل اسم ''الأبراج الملكية'' وأعمدة الإنارة التي تحمل العلامة المميزة للعائلة الملكية المصرية التي أطيح بها قبل أكثر من نصف قرن من الزمان، لكن حتى في هذه الأماكن التي بنيت لتكون ملاذات من فوضى المدن على أراض لم تكن مأهولة قبل 20 عاماً يصبح الفرار من واقع مصر القرن الحادي والعشرين وكل أشكال التفاوت الاجتماعي الموجودة بها مستحيلاً· وأدى تحرير الاقتصاد ومعدل النمو الاقتصادي الذي يحوم حول نسبة سبعة في المئة في العام على مدار العامين المنصرمين الى تضخم طبقة الأثرياء لكن منظمة الأمم المتحدة تقول إنه في الوقت نفسه فإن نسبة الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع ازدادت هي الأخرى· ومن الصعوبة بمكان الحصول على معلومات مؤكدة بشأن توزيع الدخل في مصر لكن زيادة حادة أخيرة في أسعار الغذاء أضرت بالفقراء لأن الغذاء يستهلك نسبة كبيرة من دخلهم· وضيق ذات اليد ليس قدر العمال اليدويين غير المهرة فحسب في البلاد التي تتسبب نسبة البطالة المرتفعة بها في انخفاض الرواتب بشكل مستديم، ويقول كبير الخبراء الاقتصاديين بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد النجار إن دراساته تظهر أن نحو 95% من موظفي القطاع العام يعيشون في فقر· وقال إن ''راتب المدير العام في عام 2008 أقل من راتبه الحقيقي عام 1978 ويرجع هذا الى أن نظام الرواتب في مصر يفيد صاحب العمل؛ الرواتب تزيد بمعدلات أبطأ كثيراً من زيادة الأسعار''· ويقول رمضان رجب الذي يحمل الخشب للعمال الذين يبنون مدينة الصفوة على مقربة وهو مجتمع آخر مغلق ببوابات ويخضع لحراسة إنه يجني 25 جنيهاً في اليوم وينفق عشرة جنيهات على الطعام يومياً· وستعوضه الزيادة التي طرأت مؤخرا على أجره والبالغة خمسة جنيهات في اليوم بالكاد عن زيادة الأسعار التي وقعت في العام المنصرم والذي شهد بلوغ معدل التضخم الإجمالي في المدن 19,7% كما ارتفعت أسعار السلع الغذائية الرئيسية بنسب تراوحت بين 25 و51%· ولم يحصل علي والبستانيون الا على زيادة قدرها ثلاثة جنيهات ليصل أجرهم اليومي الى 18 جنيهاً ومتجر البقالة الوحيد الذي يستطيعون الوصول اليه دون الحاجة الى استقلال المواصلات موجود في الموقع ويبيع السلع بأسعار باهظة· ويأتي معظم العمال من محافظات بعيدة خاصة من الجنوب الذي يعاني فقراً شديداً، وقالوا إنهم يرسلون معظم ما يكسبونه من أموال الى الأهل ويزورون أسرهم كل بضعة اشهر، لكنهم أشاروا ايضا الى أن الاتصال بنمط الحياة المرفه الذي يعيشه الأشخاص الذين يخدمونهم لم يثر حسدهم او امتعاضهم· وقال علي: ''هكذا قسم الله الأرزاق·· العدالة بيد الله''، ويقول اسامة عوض (26 عاماً) الذي يعمل مساعدا لمساح اراض في بالم هيلز إنه يفضل تجاهل الهوة بين الأغنياء والفقراء وأضاف قائلا لرويترز: ''اذا فكرت في هذا فسوف أرهق نفسي''، ويشير شريف الصياد الذي انتقلت عائلته الكبيرة قبل عامين الى فيلا كبيرة في مجمع القطامية هايتس في الجانب الشرقي من القاهرة الى أنه ليست لديه تحفظات على العيش في مجمع سكني يقف حراس على بوابته· وقال لرويترز: ''هذا هو أسلوب الحياة الطبيعي؛ لا يمكن أن نضع كل الناس معاً، اذا كنت تريد أن تدفع مزيداً من المال من أجل سلامة طفلك ومن أجل الاسترخاء فهذا حقك''، ومضى يقول: ''إن كنت تملك المال تستطيع شراء سيارة باهظة الثمن وتستطيع شراء الأمن لأسرتك''· وتباع الفيلات المماثلة لفيلا الصياد بنحو أربعة ملايين ونصف مليون جنيه مصري وهو المبلغ الذي يمكن أن يجنيه بستاني في بالم هيلز خلال ألف سنة·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©