الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يطرح سبل سد الثغرات الموجودة بين الرؤية والواقع

يطرح سبل سد الثغرات الموجودة بين الرؤية والواقع
2 سبتمبر 2009 23:11
يعد تطوير التعليم من القضايا المحورية التي تشغل الكثيرين هذه الأيام، نظرا للأهمية التي يمثلها التعليم ليس فقط للفرد والأسرة، بل يمتد إلى الأمن القومي للبلدان، وتغيير مصائرها، ومن ثم كان الاهتمام المتناهي بقضايا التعليم وعلى رأسها التغييرات داخل المدارس من أولويات جميع فئات المجتمع من مسؤولين وأولياء أمور، وكافة القائمين على الشأن التعليمي، وهو ما حدا بالمترجم وليد عزت شحاته إلى نقل كتاب «التغيير داخل المدارس: خلق ثقافة التحسن المستمر» إلى العربية، والكتاب قام بوضعه ثلاثة من خبراء التعليم في الولايات المتحدة الأميركية وهم أليسون زمودا، روبرت كوكليس، ايفرت كلاين. البيئة المدرسية يشير الكتاب في بدايته إلى أهمية البيئة المدرسية باعتبارها الأرضية الأكثر أهمية في أي إصلاح تعليمي حقيقي ينبغي له الدوام والاستمرار، وهذا يعني أن أي بذور للإصلاح تبتعد عن البيئة نفسها وتُبذر من خارج المدرسة لن تستقر في الأرض وتضرب جذورها فيها. ويعمد المؤلفون إلى تسليط الضوء على مبادئ العمل من خلال إطار مدرسة خيالية وهمية تخضع لتأثيرات خبرات وتجارب عشرات المدارس التي عرفوا عنها بحكم خبراتهم الممتدة في الحقل التعليمي، وهذه المبادئ تشكل توجيها وإرشادا عمليا لقادة المدارس. أما قصة المدرسة التخيلية التي يتضمنها الكتاب تبعث الحياة في الأفكار، حيث نجد أن شخوص هذه المدرسة يمرون بتجربة التبدلات في التفكير اللازمة لتغيير المدرسة وتحويلها إلى نظام كفؤ، ومن خلال هذه القصة نجد إجابات لأسئلة جوهرية تشجع كل فرد على تطبيق هذه الأسئلة في بيئته الخاصة ويشكلها وفق هذه البيئة. ففي الفصل الأول من الكتاب ومن خلال محاورة بين بعض معلمي المدرسة نستخلص أن عملية تطوير التعليم تتم وفق الآلية الآتية: 1- تعريف المعلمين بالأفكار الجديدة. 2- تشجيعهم على تطبيق هذه الأفكار داخل غرفة الصف. 3- استدراج معلومات منهم حول «كيف سارت الأمور» لأغراض وضع التقارير. 4- التعرف على برنامج آخر للمضي قدما بالعمل إلى الأمام. التحسن المستمر ثم يتم الانتقال بعد ذلك إلى الحديث عن السبيل إلى التحسن المستمر في العملية التعليمية، حيث يلفت المؤلفون إلى أن الغرض هنا ليس تقديم حل جاهز، بل توصيف لنتيجة نهائية «متمثلة في نظام كفؤ» فالقادة كأفراد يجب أن يعملوا بأسلوب يتسم بالمرونة في كل خطوة يتبعونها، وكذلك فيما بين الخطوات، لأن ذلك يمثل أمرا جوهريا وهاما لجودة وفاعلية الجهود الهادفة لتحقيق التحسن المستمر وهذا يتم التوصل إليه من خلال ست خطوات وهي: - الخطوة الأولى: تحديد وتوضيح المعتقدات الأساسية التي تعرّف ثقافة المدرسة. - الخطوة الثانية: خلق رؤية مشتركة من خلال التعريف الواضح لما تبدو عليه المعتقدات الأساسية عمليا. - الخطوة الثالثة: جمع البيانات الدقيقة والمفصلة واستخدام تحليل هذه البيانات لمعرفة أين هذه المدرسة الآن ولتحديد الثغرات بين الواقع الراهن والرؤية المشتركة. - الخطوة الرابعة: تحديد المبادرات التي من شأنها على الأرجح أن تسد الثغرات بين الواقع الراهن والرؤية المشتركة. - الخطوة الخامسة: وضع وتنفيذ خطة عمل تدعم المعلمين طوال عملية التغيير وتتكامل مع البرامج داخل كل صف بمفرده وفي المدرسة بأسرها. تأملات جوان في موضع آخر من الكتاب، نجد تحليلا لتأملات جوان التي تمثل مديرة لتلك المدرسة الافتراضية، حيث تكتشف أنها تواجه تحديا يتمثل في ضرورة إيجاد نظام كفؤ يحركه تفكير من داخل النظام، ولهذا يتعين عليها أن تمهد الطريق للتفكير من داخل وفي إطار النظام، ليس من أجلها فقط، وإنما أيضا من أجل أعضاء الهيئة التعليمية الذين يحتمل أن يكونوا بعيدين عن التفكير بالمدرسة في تعقيداتها وكليتها. وهنا يشير المؤلفون إلى أنه في ظل النظام غير الكفؤ، يشعر المعلمون والإداريون بمحدودية النظام بمعنى «هكذا هي الأشياء» بصرف النظر عن الرضا الفردي لديهم بالأمر الواقع، ومع ذلك يلفت مؤلفو الكتاب إلى أن التغيير ليس مستحيلا في النظام غير الكفء وهناك من الطرائق ما يتناسب مع هذا التعليم من أجل إحداث التغيير. تطبيق عملي من خلال تحليل لحوار آخر بين مديرة المدرسة جوان وبين المعلمين، نجد أن ذلك الحوار وضع أسس لأرضية مشتركة لجوان والمعلمين في مدرستها لكي يفكروا بالتحسين المستمر من منظور النظام نفسه، والذي جعل تأسيس هذه الأرضية المشتركة ممكنا، أن جوان نفسها هي التي أوجدت الفرصة للحوار، أي «استجلاء حر يجلب إلى السطح العمق الكامل لخبرة وفكر الأفراد، وفي الوقت نفسه ليتحرك بهم إلى ما هو أبعد من آرائهم الفردية». وبعد ذلك، ينتقل الكتاب إلى الحديث عن كيفية إحداث ذلك التغيير نحو التحسين المستمر من خلال رصد آخر لتأملات مديرة المدرسة ومن أهمها هذا التساؤل الذي تأتي على إثر تلك التأملات وهو «إذا قررت أن الإنجاز العلمي يتصدر الأولويات، فكيف سيغير ذلك في تخصيصها الراهن في الوقت والطاقة والموارد؟»، وهو ما طرح تساؤلات فرعية وهي: هل ستتخذ الخطوات التالية: 1- تخصيص أموال لتطوير المناهج لتحقيق تواؤم أقوى بين العمليات المستهدفة و»الأفكار الكبرى» في المنهاج الذي يضعه المعلم. 2- البحث عن أفضل الممارسات للتقويم لدى كل من المعلمين وفي المؤلفات التربوية بغية تحديد كيف يمكن اكتساب المزيد من البيانات الموثوقة حول عمق فهم الطلبة. 3- تقويم كيف يمكن للمعلمين أن ينوعوا في التعليم لغرض مساعدة الطلبة جميعا على المشاركة في التعلم. 4- التعاون مع آباء الطلبة في كافة الأمور المتعلقة بالعملية التعليمية. ومن خلال إجابة جوان على تلك التساؤلات، سيتم بلورة طريقة عملية لجعل طرائق التحسن المستمر تطبق عمليا على أرض الواقع. تعريف الواقع من هذه النقطة ينتقل الكتاب إلى محاولة تعريف الواقع في ضوء البيانات، وذلك باعتبار أن البيانات في نظام كف تعد «نقطة علامة» على الطريق المؤدي إلى التحسن المستمر، ولكي تكون نقاط العلامة هذه موضع ثقة بأنها صحيحة وموثوقة. ينبغي أن توضع من خلال التعاون، وهنا يعني أن جمع البيانات وتحليلها يجب أن ينبع من حوارات غنية بخصوص المعلومات وبخصوص المعاني المختلفة التي يستنتجها مختلف الأفراد من تلك المعلومات. وبعد ذلك يتم جمع هذه البيانات وتحليلها واستخدامها، كما يتطرق مؤلفو الكتاب إلى التحديات التي يواجهها المعلمون والإداريون حين يجرون تقويما صادقا ومخلصا لممارسات التعليم والتعلم. وبعد تحليل هذه البيانات يتم استخدامها في وضع برامج تفيد في سد الثغرات الموجودة بين الرؤية والواقع وتحديدها، وفي النهاية يتم وضع أسس لازمة لتطبيق التحسين المستمر في المدرسة أو المنشأة التعليمية، ومن ثم يتم وضع خطة عمل تتناول هموم المعلمين ومخاوفهم وتنتج دمجا لهذه البرامج في المدرسة قاطبة وداخل غرف الصف كل على حدة، مما يؤدي في النهاية إلى تنظيم تطوير المعلمين بطريقة تمكن من وضع ثقافة الاستقلالية الجماعية. تيسير التغيير يستلزم من فريق تسهيل وتيسير التغيير أن يضع خطة عمل تتضمن الخصائص الثلاث الآتية: 1- المسائل العملية مثل الحدود الزمنية، المواد اللازمة لدعم المعلمين، التغيرات التنظيمية التي تسهل العمل. 2- وضع مؤشرات يمكن رصدها لقياس كيف سيبدو الحال عندما يتم تطبيق البرامج بنجاح وكذلك النقاط المهمة للنمو والتطور طوال مدة الخطة. 3- تخطيط الهموم والمخاوف المتوقعة التي قد تحدث أثناء عملية التغيير. ومن خلال القراءة المتأنية لصفحات الكتاب، نجد أن المؤلفين الثلاثة عمدوا إلى صياغة طرق جديدة ومبتكرة لإحداث تغييرات داخل المدارس، وهو كما أسلفنا يعد هدفا أساسيا لإحداث تطوير وتحسين التعليم في كافة المجتمعات، وخاصة النامية منها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©