الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جارثيا تكشف أسرار العلاقة بين «الفلامنكو» والمقامات العربية الأصيلة

جارثيا تكشف أسرار العلاقة بين «الفلامنكو» والمقامات العربية الأصيلة
16 مايو 2010 22:27
ضمن فعاليات مهرجان “أنغام من الشرق” الذي استضافته أبوظبي على مدى عشرة أيام، أقيمت أمس الأول في مسرح كاسر الأمواج محاضرة بعنوان “الفن الموسيقي في العهد الأموي في دولة الأندلس”. شهد المحاضرة عدد من ممثلي وسائل الإعلام والمهمتين بالتراث الموسيقي العربي، الذين استمتعوا بما جاء في المحاضرة من حقائق تبين فضل العرب في الماضي على مسيرة الموسيقى ليس في الشرق فقط، وإنما في في بلدان العالم الغربي أيضاً. موشحات وأدوار ألقت المحاضرة مانويلا كورتيس جارثيا أستاذة التاريخ الموسيقي الأندلسي في إسبانيا، حيث استعرضت تاريخياً الفن الأندلسي الأموي والغناء والموسيقى في أول 300 عام من عمر الدولة الأندلسية الأمـوية، وقامت بتحليل الموشحات والأدوار والقوالب الموسـيقية، والمقامات المستخدمة التي كانت تسمى في تلك الفترة بـ “الطابع”، وأشارت إلى أن هذا الاسم لا يزال مستخدماً حتى الآن في بلدان المغرب العربي. واستعرضت مصادر هذه الألوان والقوالب الموسيقية التي استوحاها الأندلسيون وبرعوا في استخدامها بشكل جعل موسيقاهم خالدة حتى أيامنا هذه، ومن تلك الحفلات التي شهدها مهرجان “أنغام من الشرق” واحتفت بالتراث الموسيقي الأندلسي، الأمسية التي أحياها الفنانتان السورية وعد بو حسون والمغربية عائشة رضوان. وفي معرض حديثها بينت جارثيا أن هناك ثلاثة مصادر نقلت منها الموسيقى العربية الأندلسية الأموية في تلك الفترة وهي منطقة الحجاز في الجزيرة العربية وتحديداً مكة والمدينة، وبغداد، وبلاد الشرق العربي “مصر وبلاد الشام”. كما تناولت أهم المؤلفين والموسيقيين العرب الذين دونوا الموسيقى وحافظوا على القوالب الموسيقية وطوروها في الحقبة الزمنية التالية للأمويين. وذكرت العديد من الموسيقيين والفنانين القدامى وعلى رأسهم زرياب وهو من الموصل في العراق، والذي قام بنقل الفن العراقي والموسيقى العراقية إلى الأندلس، وأكدت أن أفضل من غنى في تاريخ الأندلس هو زرياب وكان له أفضال كثيرة على آلة العود، ورسخ وجودها في الأندلس ووضع منهجا لدراستها وأضاف الوتر الخامس، وكان له السبق في هذه الإضافة في تاريخ آلة العود، وشددت على أن إضافته تلك زادت من المساحة الصوتية للآلة والغناء المصاحب لها، كونها زادت من نغمات خاصة في منطقة القرارات، وهذه النغمات لم تكن تغنى من قبل، لأن الوتر الخامس لم يكن قد ظهر إلى الوجود بعد. العود والجيتار وسردت جارسيا مراحل تطور آلة العود بوصفها إحدى الآلات الأساسية في الفن الأندلسي والموسيقى الأندلسية. موضحة أن آلة العود اختفت بخروج العرب من الأندلس ومحاولة الحكام الأوروبيين هناك طمس معالم الوجود العربي، غير أن العود استمر استخدامه في أوروبا بشكل مغاير، حيث ظهرت آلة اللوت الألمانية “وهي آلة شبيهة جداً بالعود”، ولكن طريقة العزف عليها تخالف العود وتشبه الجيتار. وفيما يتعلق بالأندلس تحديداً أوضحت أنه بعد اختفاء حكم العرب هناك، تواترت الجهود من أجل إزالة أي آثار لهم في حين كان لدى الإسبان رغبة في استخدام العود الذي هو في الأصل آلة عربية، ولكن بشكل غير الذي وضعه العرب، فابتكروا آلة جديدة وهي آلة الجيتار، بحيث كان يعزف عليها وتعطي الفن المطلوب، ولكن بهوية إسبانية وبشكل يختلف كلياً عن الألحان العربية، لتصبح آلة تحمل الهوية الإسبانية الأفرنجية وبعيدة كل البعد عن الهوية العربية الإسلامية. ولفتت ايضاً إلى أنه بعد خروج العرب صار محظور غناء ألوان الموسيقى العربية، وامتد هذا الحظر فترات زمنية طويلة إلى أن جاءت العصور الأخيرة. ومع بداية القرن العشرين بدأ الإسبان يشعرون مدى عراقة الفن الأندلسي وأصالته، وأخذ المفكرون والمعنيون بالتراث والتاريخ يبحثون عن هذا الفن ويعملون على إبرازه للعالم مرة أخرى. عقب المحاضرة دار نقاش مفتوح بين كورتيز جارسيا، والحضور تخللته بعض الأسئلة والمناقشات، حيث دخل معها عازف العود والمطرب مصطفى سعيد في محاورة تتعلق بالكتب التاريخية التي تتناول الموسيقى العربية في بلاد الأندلس ومدى تأثيرها وانتشارها خارج محيطها المذكور، والذي امتد إلى بلدان عربية عدة ولا يزال يمارس فيها ومنها المغرب وتونس. أصل الفلامنكو وفي مداخلة من جانب الإماراتي فيصل الساري، وهو طالب في بيت العود العربي في أبوظبي، وجه سؤالاً عن فن “الفلامنكو” وعن أصل الكلمة، فأجابت، أن هناك عدة نظريات تناولت هذا الأمر، ومنها ما يقول إنها نقلت عن فن الجيبس، وهم مهاجرون من شرق آسيا، ونقلوا فن الجيبس معهم إلى إسبانيا وتبلور مع الوقت إلى أن أصبح فلامنكو، غير أن فيصل الساري أوضح لمانويلا جارسيا أنه قرأ في كتاب وضعه جون شيرانو وهو من أهم عازفي الجيتار في العالم، ومصدر هذا الفن أو “الفلامنكو” يعود إلى جذور عربية، والكلمة مشتقة من جملة (farmer from you)، وقد كتبها باللغة العربية في كتابه، وقد برهن شيرانو على ذلك بالقول بإن كل المقامات المستخدمة في الفلامنكو مقامات عربية، وهي 4 مقامات غربية خالصة، وغير مدونة في كتب الموسيقى الغربية وهي. 1- مقام العجم الذي يعادل سلم البيجر “الكبير” في الموسيقى الغربية. 2- مقام النهاوند يعادل المانير “الصغير” في الغرب. 3- مقام الكرد، وهو مقام عربي لم يدون في الموسيقى الغربية. 4- مقام الحجاز بمشتقاته ومنها: الحجاز، والحجازكار، وأيضاً لم يدون في الموسيقى الغربية وقالت جارثيا إن تلك بالفعل إحدى النظريات المطروحة التي ذهب إليها النقاد، غير أن تلك النظرية أقواهم لأنها المقامات المستخدمة جميعاً عربية وكذا التكنيك المقامي المصاحب لها عربي خالص. ورداً على سؤال من الدكتورة رشا الخطيب المتخصصة في تاريخ الأدب الأموي، حول ما إذا كانت الموسيقى الأندلسية الموجودة في المغرب حالياً، هي ذاتها المتوارثة من الأندلس قديماً، أجابت ماركيز بأنه بعد انتصار الإسبان على العرب في غرناطة عام 1492 حاربوا كل الرموز العربية هناك، إلى ان جاء عام 1610 قاموا بطرد المسلمين كلياً من إسبانيا أو إرغامهم على التحول إلى المسيحية، وبعد قرن من ذلك ومع انتشار النفوذ الإسبانى في المغرب العربي أصدروا قرارات لمحاربة اللغة والتقاليد وكل ما يتعلق بالعرب ومنها آلة العود، ومع هذا التضييق الذي عاناه العرب، أخذوا في حفظ تراثهم ونقله من جيل إلى جيل شفهياً مثل ما يحدث مع جميع الأقليات عبر التاريخ وهو ما حافظ على التراث الأندلسي في بلاد المغرب باقياً حتى أيامنا هذه. زرياب.. مخترع الموشح في بلاد الأندلس أوردت المراجع التاريخية أن زرياب هو أبو الحسن علي بن نافع مولى المهدي الخليفة العباسي، قد نشأ في بغداد وكان تلميذاً لإسحاق الموصلي إلى أن أتقن فن الغناء، وتفوق على أستاذه. وفي ذات يوم طلب الخليفة هارون الرشيد من إسحاق الموصلي أن يأتي معه بمغن جديد يجيد الغناء، فأحضر إسحاق زرياب فاستأذن من الخليفة أن يغني فأذن له. وعجب الرشيد لغناء زرياب وطلب من أستاذه إسحاق أن يعتني به، إلا أن اسحاق داخله الحسد والحقد فهدد زرياب وخيره بين الخروج من بغداد أو أن يغني له، فرجح زرياب الخروج وتوجه إلى بلاد الأندلس، وكان الخليفة هناك آنذاك عبدالرحمن الثاني، وبعدما دخل بلاط الخليفة وصار من حاشيته غنى بحضرته، وأصبح نديمه وأقرب الناس إليه، عقب ذلك اشتهر زرياب وذاع صيته في الأندلس وتمركز بها وأسس مدرسة للغناء والموسيقى فكانت أول مؤسسة تعليمية تعنى بتعليم علم الموسيقى والغناء وأساليبها وقواعدها، كما أن زرياب هو السبب في اختراع الموشح لأنه عمم طريقة الغناء على أصول النَوّبة، وكانت هذه الطريقة هي المؤدية إلى الموشح، وبخلاف الموشح أدخل زرياب على فن الموسيقى والغناء في الأندلس تحسينات كثيرة وعديدة. الأندلس مهدت لأكبر نهضة موسيقية في الغرب من الفنون الموسيقية التي ابتكرتها الحضارة العربية في الأندلس، فن الموشح، وقد استحدث عندما شعر عرب الأندلس بحاجتهم في هذه البيئة الجديدة إلى التحرر من قيود أوزان الشعر التي التزموها طوال حياتهم في غنائهم، لذا نظمت الموشحات لتلائم الغناء والموسيقى دون أي التزام جامد بعلوم العروض والقافية التي خضع لها الشعر العربي عامة والغنائي خاصة منذ نشأته. وقد قامت في العصر الأندلسي حركة ترجمة واسعة النطاق، فقد نقل إلى العربية الكثير من الكتب اليونانية خصوصاً في النظريات وباقي العلوم الموسيقية. وبعد سقوط الأندلس انتقلت الآلات الموسيقية العربية كالعود والقيثارة والطنبور إلى أوروبا، كما انتقلت أيضاً ألحان هذه الآلات، وبعد ذلك بدأت أوروبا بفضل هذا التأثير الواضح أن تعد نفسها لتقيم أكبر نهضة موسيقية عرفها التاريخ. وعند سقوط حضارة العرب في الأندلس، انتقل عدد كبير من سكان هذه البلاد إلى شمال أفريقيا، لذا فإن الموسيقى الأندلسية تركت أثراً كبيراً في موسيقى هذه البلاد، يمكن أن نلحظه حتى وقتنا هذا.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©