الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسنات يواجهن الشيخوخة بالعمل والعطاء

مسنات يواجهن الشيخوخة بالعمل والعطاء
16 مايو 2010 22:28
في الأيام التراثية ومن خلال الأجنحة والأنشطة المختلفة لابد أن تجد مجموعة منهن يستترن ببراقع الحياء ويختمرن في خفر داخل الخيام مرتديات الشيل والعبايات السوداء، من خدور العز خرجن طاعة لولي الأمر بإحياء التراث، فهن أمهات من أجيال مختلفة جمعهن حب العطاء والعمل قدمن من مناطق مختلفة من الدولة. تقول مريم علي إنهن يأتين استجابة للدعوات التي توجه إليهن خلال المناسبات والعروض التي تحتاج لإبراز الجانب التراثي من الإمارات، حيث تعمل النسوة على إنتاج متطلبات الأسرة، وتكمل أن منهن من تعتذر بسبب المرض أو الشعور بآلام الشيخوخة، ولكن لا يستطعن تفويت الفرصة لملاقاة بعضهن، خاصة أن العمل جنبا إلى جنب يحفزهن، مشيرة إلى أن النسوة في الماضي كن يجتمعن لإنجاز الأعمال وليس للثرثرة. العمل اليدوي تقول مريم علي، وهي الأكبر سنا بين الجالسات، إنها لم تترك يوما العمل اليدوي، وهي محترفة في صنع المنتجات السعفية التي كانت تستخدم قديما خلال حياة الإنسان اليومية، ولا تزال معظم الأسر في الإمارات تستخدم تلك المنتجات السعفية في المنزل ليس لمجرد العرض، وإنما للاستخدام اليومي، ولذلك هناك إقبال مستمر على شراء منتجات السعف. وترى مريم أن ما زرعته بالأمس من عمل تجمع ثماره اليوم، وهي تقصد أنها منذ طفولتها وهي تعمل سواء في منزلها أو تتعاون مع جاراتها وقريباتها وكانت تحصل على ذات الخدمات في حال حدث أي أمر طارئ في منزلها دون مقابل، مشيرة إلى أن روح الجماعة تدفع الجميع للعطاء، ولذلك أصبح التعاون مع الآخرين جزء من حياتها. وتقول إنها لا تخرج للمشاركة في المعارض والمناسبات الوطنية طمعا في المال، ولكن استجابة للدعوة التي توجه إليها دائما كسيدة من الإمارات للحفاظ على التراث وعلى العادات القديمة، وتضيف أن التراث لن يندثر؛ لأن بناتهن ورثن عنهن الروح ذاتها، وهي تؤمن أن من أهم ما يميز لقاءاتهن هو المحبة وحب العمل. وتبين عائشة محمد، التي جاءت لتحل سيدة أخرى مريضة وكانت متخصصة في تفصيل وخياطة البراقع، ولم يكن أحد يعلم أن عائشة نفسها كانت تعاني من آلام المرض، وأنها بعد إجراء الحوار دخلت المستشفى لعدة أيام، ولكنها تقول إن الاستسلام للمرض يجعله يزداد. وتضيف أن كل سيدة ربما تصاب بالمرض فتوقفت عن العطاء والعمل، ورغم كل سبل الرفاهية وتوفر الفئات التي تساعد المرأة على الراحة في المنزل، إلا أن السيدات الساكنات في المناطق الجبلية وفي المناطق الصحراوية لا يقدرن على التوقف عن تقديم خدماتهن لأسرة في المنزل المجاور أو فيما بين الأسرة نفسها وأيضا للصديقات والجارات والأهل. سيدات الماضي فاطمة عبيد كانت تجلس وتمسك بيدها قطعة من القماش تخيطها بنفس الطريقة التقليدية للخياطة في الماضي، تقول «السيدات في الماضي لم يعرفن الخياط خارج المنزل، وكن يصنعن ملابس كل فرد في الأسرة بأنفسهن، ومن لم تكن تعرف كانت تستعين بجارتها كي تعلمها، ومن كانت لديها أسرة كبيرة وهي تدير شؤون تلك الأسرة بنفسها ولا تجد الوقت لخياطة الملابس كانت تستغل فرصة تجمع الصديقات والجارات في الضحى عند تناول القهوة مع بعضهن لإنهاء مجموعة من الملابس لكل أسرة في يومين أو ثلاثة، خاصة أن الأسرة قديما لم تكن تفصل أكثر من كسوتين في كل عام لكل فرد». وتكمل فاطمة أنهن جيل ورث ثقافة العطاء، وهي تأسف أن «الجيل الجديد أصبح يفضل الشراء على الإنتاج وقلة لجأت إلى التصنيع عبر مشاريع، ولذلك ربما يأتي وقت لن تجد فيه الدولة مواطنات يجلسن للعمل في المشغولات التراثية أو لعرض طرق الحياة القديمة أمام الحضارات الأخرى والجنسيات المختلفة التي توجد في الدولة فالكثيرات مهتمات بالمظهر أكثر من الجوهر». وتبين عبيد أنهن في المناطق الجبلية رغم وجود الخدم ورغم وجود القنوات الفضائية، ورغم توفر المركبات التي يمكن أن تنقلهم كل يوم لمراكز التسوق، إلا أنهم يفضلون التجمع في حلقات للتحدث ولا يمكن أن تمر مناسبة دون أن يقدموا يد العون لمن لديه تلك المناسبة، وتقضي الأمهات أوقاتهن مع الأبناء حتى وإن كن موظفات طوال الفترة من بعد العودة من العمل ويلتقين بأمهاتهن، وهكذا من خلال تلك الجلسات يتم نقل كل المعلومات التي تعلمتها الجدات، وفي كل الأحوال الغالبية من الفتيات اللاتي تزوجن لا يمكن أن يتزوجن قبل أن يكن قد تعلمن حب العمل والعطاء، وتعلمن المهارات اليدوية ومنها كل الأشغال اليدوية التي يمكن أن تنفعهن لمنازلهن ولحياتهن وربما تكون استثمار لهن في المستقبل. تجرية شابة فاطمة عبدالله من حتا لا تزال شابة ولكن نظرا لأن النسيج الاجتماعي في منطقتها يفرض روح الفريق، فإنها ورثت ذلك منذ طفولتها، ولذلك تشارك في التجمعات النسوية لحبها للأمهات اللاتي يضفين روحا من المرح خلال الجلسات، وأيضا لأن الكثير من التجارب والخبرات تقال خلال لقاءاتهن. واتخذت فاطمة لها أداة قديمة، وهي الرحى التي تطحن الحبوب وتحيلها لدقيق أو حبوب مجروشة حسب الحاجة، وقد اختفت تلك الأداة ولم يعد أحد يراها إلا في المتاحف، ولذلك تفضل فاطمة أن تقوم بعرض طريقة طحن الحبوب بالرحى بالمناسبات والفعاليات.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©