الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقاهي الرباط تلتهم أرصفتها وتتمدد على حساب أرواح المشاة

مقاهي الرباط تلتهم أرصفتها وتتمدد على حساب أرواح المشاة
16 مايو 2010 22:29
احتلت المقاهي والمطاعم الأرصفة في أغلب شوارع الرباط بحيث لا تترك مجالا للمشاة كي يجدوا راحتهم في السير دون عرقلة، فيضطرهم الوضع إلى النزول إلى الشارع بين الفينة والأخرى محاولين سلك الطريق ومخاطرين بحياتهم بين الشاحنات والسيارات ومتسببين في مضايقة السائقين. يعاني المارة في المدن المغربية المزدحمة من احتلال المقاهي للأرصفة والسـاحــات العــامة في الشــوارع ما يسبب عرقلة في السير واكتظاظا في الطرقات وحوادث مميتة يذهب ضحيتها المشاة الأبرياء الذين يدفعهم استغلال المقاهي للرصيف إلى استعمال الشارع بدل الرصيف والمجازفة بحياتهم والمرور قرب السيارات والدراجات والحافلات المسرعة، ويتكرر هذا الوضع في الشوارع الرئيسية والمنعطفات والتقاطعات المهمة في المدن التي تعرف ازدحاما شديدا حيث تكلف نزهة بسيطة أو مشوار قصير المرء حياته حين يضطر إلى تجاوز المقاهي بالنزول إلى الشارع وهو ما يفسر ارتفاع ضحايا حوادث السير في طرقات المغرب حيث تؤكد إحصاءات رسمية أن عشرة أشخاص يلقون حتفهم يوميا بسبب حوادث المرور، ويأتي في مقدمة أسباب حوادث السير التي تصيب المشاة انعدام وجود أماكن مخصصة وأرصفة مرصوصة على جانب الطرقات. معاناة نسائية يواجه المشاة أثناء سيرهم على الرصيف أسيجة حديدية وكراس وطاولات يضعها أرباب المقاهي والمطاعم على الرصيف المحاذي والمقابل لمحالهم محتلين ذلك جزءا كبيرا من الشارع العام ما يضطر المشاة إلى السير على الطريق ومواجهة مخاطر السير قرب وسائل النقل. وتتضاعف معاناة النساء من هذه الوضعية حيث إنهن يتحملن نظرات وتعليقات الجالسين على طاولات المقاهي في الرصيف إلى جانب معاناتهن في المرور وسط زحمة السير برفقة أطفالهن، وتقول سمية العياشي (موظفة) إنها تسمع التعليقات الجارحة والخادشة للحياء التي يطلقها الجالسون على المقاهي حين تمر قرب الكراسي والطاولات التي احتلت مكان المارة في الرصيف. وتضيف «أتضايق كثيرا كلما مررت أمام المقهى وتزعجني نظرات الجالسين وملاحقتهم للنساء، وأفضل السير وسط الشارع والمغامرة وسط الزحمة على أن تتسلل بين كراسي الجالسين بالمقاهي». وترى أن للسيارات والمقاهي حقوقا أكثر من المشاة حيث تستعمل الأرصفة لركن السيارات أو تؤثث بكراسي وطاولات المطاعم والمقاهي لاستقطاب أكبر عدد من الزبائن، بينما يتنقل المارة بين السيارات ويتمنون لو أنهم «يملكون أجنحة يطيرون بها لتجاوز هذا الوضع». رواد المقاهي يفضل رواد المقاهي الجلوس على الأرصفة لمراقبة حركة الشارع والمارة ما ساهم في انتشار مقاهي الأرصفة، وأصبح ملاك المطاعم والمقاهي يبحثون عن الرصيف لتوسيع مشاريعهم التجارية واستثمار مساحة وموقع الرصيف قبل المحل نفسه، ويقول عمر بنحمو (نادل) إن الرصيف يشكل عنصرا جذبا في عملية بيع وشراء مقهى أو مطعم حيث يرتفع سعر المحل التجاري كلما كان الرصيف المقابل له ممتدا وواسعا أو على واجهتين لأن الرصيف فعال في اجتذاب الزبائن. ويضيف «تحوّلت الأرصفة إلى ملاحق للمقاهي يتم تجهيزها وتبليط أرضيتها وإحاطتها بالسياج وتزيينها وتأثيثها بالكراسي والطاولات والتلفاز للتغلب على مشكلة ضيق المكان في الداخل وجذب المزيد من الزبائن الذين يفضلون الهواء الطلق والاستمتاع بمراقبة الشارع». ويشير بنحمو إلى أن بعض أرباب المقاهي يلجأون إلى توسيع أرصفتهم بكراء الأرصفة المجاورة لها وتوظيف غير المستغلة منها، من أجل إرضاء زبائنهم من هواة الرصيف الذين يقتنصون أوقات الراحة ويمتعون نظرهم بحركة الشارع وهم يرتشفون فنجان قهوة أو شاي بعيدا عن الجدران الأربعة وعن المدخنين الذين يقبعون في زوايا المقهى، مؤكدا أن المارة يبدون انزعاجهم من الكراسي والطاولات التي توضع أمامهم وتتسبب في تقييدهم خلال تنقلاتهم وتعيقهم عن مواصلة السير على الأرصفة. الباعة الجائلون تتضاعف معاناة المشاة في فصلي الربيع والصيف حيث يحلو لرواد المقاهي الجلوس في الهواء الطلق بينما يقلّ إقبالهم على رصيف المقهى في موسمي الشتاء والخريف بسبب البرد والأمطار. وتتفاقم المشاكل في موسم الصيف مع ازدهار تجارة البسطات والباعة الجائلين الذين يحتلون الأرصفة كما أن أصحاب المحال التجارية يقومون بعرض بضاعتهم على الرصيف أمام المحال التجارية، ويساهمون أيضا في عرقلة حركة السير، فضلا عن عربات المأكولات السريعة والمشروبات الصيفية والفواكه التي تحتل مكانها على الرصيف خلال هذا الفصل. وإضافة إلى المقاهي والمحال التجارية والباعة الجائلين تطول لائحة مستغلي الرصيف لتضم المحال المهنية كمحال إصلاح السيارات ودكاكين النجارة والحدادة إضافة إلى أشغال ورشات بناء المنازل، ويحتل أصحاب هذه المهن الرصيف الموجود أمام دكاكينهم عن آخره مما يجبر المارة للنزول الى الشارع، كما يتسببون في تشويه المنظر العمراني لأحياء المدينة. ملك جماعي ينتقد محمد العلمي، ناشط في جمعية بيئية، تقاعس البلديات والسماح للمقاهي باحتـلال الملك العام والتســبب بإزعاج المارة وتهديد سلامتــهم وتشويه منظر الشارع. وأكد أن جميع المقاهي تحتل الأرصفة بشكل غريب وكأنها ملك خاص وجزء تابع لها، مشيرا إلى أن معاناة المشاة تزداد خلال ساعات الذروة حيث تجتاح فوضى عارمة الشوارع ويسارع الناس للالتحاق بأماكن عملهم وسكنهم وحيث إن عرض الرصيف لا يتسع لوضع الكراسي والطاولات ومرور المشاة فإن الناس تفضل النزول إلى الشارع والمرور قرب السيارات والشاحنات والحافلات ما يسبب الاختناقات المرورية والتوتر النفسي في الشارع ويخلق صراعات بين السائقين والمارة. ويرى العلمي أن الحل يكمن في ضرورة احترام المشاة وتطبيق القانون وتغريم من لا يحترم الملك العمومي. ويقول إنه من واجب السلطات مواجهة المخالفين وتغريمهم ومنعهم من احتلال الممرات والأرصفة وإقامة أسيجة حديدية حول محيط محالهم لأنها ملك جماعي، داعيا إلى مد أرصفة نموذجية في معظم الشوارع وتخصيص أماكن عبور خاصة بالمشاة.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©