الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإيطاليات ضد مساواتهن بالرجال!

الإيطاليات ضد مساواتهن بالرجال!
2 سبتمبر 2009 23:18
يُفترض بقوانين العمل ألا تفرق بين الرجل والمرأة، هذا على الأقل ما تعارف عليه الناس في أغلب المجتمعات الديمقراطية وما يبدو بديهياً في الكثير من البلدان، لكن عندما صادق البرلمان الإيطالي مؤخراً على قانون جديد ينهي التمييز في سن التقاعد بين الرجال والنساء، اندلع جدل واسع في أوساط الرأي العام الإيطالي حرّكته بشكل أساسي جماعات الدفاع عن حقوق المرأة واتحادات العمال التي رأت فيه، للمفارقة، إثقالا لكاهل النساء بأعباء إضافية، فاحتجوا على القانون حتى لو كان يساويهم بالرجال. فإلى حدود اللحظة كانت النساء في إيطاليا يتقاعدن في سن الستين قبل خمسة أعوام عن الرجال الذين يتقاعدون في سن الـ65... هذه الازدواجية في المعايير قامت على فرضية أن النساء يقمن بأعمال أخرى في البيت ويعتنين بالأطفال وأفراد العائلة من كبار السن، لكن المفوضية الأوروبية الموكل إليها مراجعة القوانين في البلدان الأوروبية المختلفة، وضمان مطابقتها لمعايير موحدة، اعتبرت قانون التقاعد الإيطالي مخالفاً للأعراف الأوروبية وبالتالي غير قانوني، وهو ما دفع الحكومة الإيطالية إلى تعديل قانونها لمطابقته مع ما هو معمول به في أوروبا. واللافت أن القانون الجديد الذي يفترض به المساواة بين الجنسين لم يرُق للكثير من النساء، مبرزاً الدور الكبير الذي مازالت تحتله الأفكار المرتبطة بالأدوار التقليدية للجنسين في المجتمع الإيطالي، سواء تعلق الأمر بتربية الأطفال، أو الاهتمام بكبار السن. وعن هذا الموضوع تقول «ستيفانيا زيفي»، مدرسة في أواسط الخمسينيات من عمرها بإحدى المدارس الثانوية، «لا أتصور العمل حتى سن الـ65، فهناك لحظة يستنزف فيها المرء كل طاقته ولا يستطيع الاستمرار»، مضيفة أن العمل مع اليافعين يتطلب الكثير من الجهد، لكن العبء يتضاعف أكثر بالنسبة للنساء في أواسط العمر اللواتي يتعين عليهن الاهتمام بأفراد العائلة في البيت وتلبية احتياجاتهم، قائلة: «إن أغلب زميلاتي لديهن على الأقل فرد واحد كبير في السن لا يستطيع الاعتماد على نفسه، فماذا يفترض بنا القيام به إذا مددت فترة العمل وتأخر التقاعد عن الخامسة والستين؟». وفي إيطاليا تقع أعباء البيت وتربية الأطفال على النساء. فحسب التقديرات، تعرف إيطاليا أكبر الفوارق بين الرجال والنساء في تحمل الأعباء المنزلية بين جميع الدول الصناعية، وهو ما يفسر لماذا لا تتجاوز نسبة النساء العاملات أكثر من 45 في المئة، حيث تظل هذه النسبة ضئيلة بالمقارنة مع باقي دول أوروبا الغربية التي اجتاحت فيها النساء سوق العمل واقتحمن العديد من الميادين. ومع أن القانون الجديد الذي صادق عليه البرلمان ينطبق فقط على 5.3 مليون امرأة يعملن في القطاع الحكومي، إلا أن الحكومة الإيطالية المحافظة تعهدت بتوسيع السياسة لتشمل القطاع الخاص أيضاً. وفي هذا السياق تقول «تونيا ماستروبوني»، الخبيرة الاقتصادية في صحيفة «إيل ريفورميستا» اليومية: «وأخيراً تم تغيير القانون السخيف الذي يميز بين الرجال والنساء بشأن سن التقاعد، لقد كان ضرباً من النفاق أن تمُنح النساء سناً مبكراً في التقاعد لتعويضها عن أعبائها البيتية، لذا ليس غريباً أن تدافع الجمعيات النسائية عن النظام القديم على أساس أن مهام المرأة الأولى هي الاهتمام بالبيت ورعاية الأطفال حتى لو كانت تعمل خارج المنزل». وتضيف الخبيرة أن إقرار سياسة اقتصادية جديدة من شأنها تغيير الثقافة المجتمعية قائلة: «في ألمانيا مثلا هناك قوانين تمنح الرجال إجازة الأبوة لتقاسم الأعباء مع زوجاتهم في البيت». وترى بعض المدافعات عن حقوق المرأة أنه قبل تغيير سن التقاعد يتعين أولا ضمان مساواة المرأة والرجل في الحقوق، وهو ما تعبر عنه «ريناتا بولفيريني»، رئيسة أحد الاتحادات العمالية في إيطاليا قائلة: «إني بالطبع لا أوافق على التمييز في القوانين بين الجنسين، لكن قبل تغيير نظام التقاعد كان على الحكومة أن تحسن من ظروف عمل المرأة مثل حضانة الأطفال ورعاية كبار السن، فأنا أعتقد بأن العديد من النساء مستعدات للعمل حتى سن الـ65 فقط لو تهيأت لهن الظروف المناسبة». غير أن تلك الرعاية تظل غائبة إلى حد كبير في إيطاليا، إذ من بين كل عشرة أطفال هناك طفل لا يجد مكاناً في مراكز رعاية الأطفال التابعة للحكومة، الشيء الذي يصعب من مهام النساء، وهو ما تؤكده الإحصاءات التي تقول إن خُمس النساء اللواتي يدخلن سوق العمل يضطررن إلى ترك وظائفهن بعد ولادة الطفل الأول، فيما يغادر نصف النساء العمل بعد الطفل الثاني. وسواء تعلق الأمر بعوامل ثقافية، أو بغياب الخدمات، يربط بعض الاقتصاديين عجز إيطاليا عن التأقلم مع عمل النساء بنسبة الخصوبة المنخفضة والتي لا تتجاوز 2.1 طفل للمرأة. أنا موميجليان-إيطاليا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©