الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل تتغير أميركا؟

2 سبتمبر 2009 23:24
لا شك أن انتخاب الرئيس أوباما كأول مواطن أميركي منحدر من أصول أفريقية يمثل علامة فارقة في تاريخ الولايات المتحدة، هذا البلد الكبير الذي شهد ظلماً واضطهاداً لملايين الأميركيين الأفارقة. والتغيير الذي دعا إليه أوباما والآمال التي بشر بها كانت الراية العالية التي جعلت أغلبية الأميركيين يندفعون إلى انتخابه في معركة لا يذكر التاريخ الأميركي المعاصر لها شبيهاً. صحيح أن أوباما تقدم بشجاعة وجرأة وذكاء لترشيح نفسه للرئاسة الأولى في الولايات المتحدة، في مرحلة تاريخية من أحرج المراحل في تاريخ بلده وأكثرها اضطراباً، تحيط بها الأزمات الداخلية والخارجية نتيجة للسياسات التي انتهجتها إدارة بوش، وأكسبت أميركا عداوة، ليس مع العالم الإسلامي فقط بل حتى مع بعض أقرب حلفائها التقليديين. والابتهاج بوصول أوباما إلى البيت الأبيض محمولا على رايات التغيير والأمل واستعادة روح الحلم الأميركي، لم يكن قاصراً على الشعب الأميركي، بل شمل ملايين الناس في كافة بقاع العالم، وبخاصة في المناطق والشعوب التي ذاقت الأمرّين من حكم «المحافظين الجدد». لكن أوباما ودعواته لعالم غير عالم بوش وعلاقات غير علاقاته مع بقية العالم، وفي مقدمته المسلمون... تبدو لكثير من المحللين والدارسين ضرباً من ضروب الخيال، رغم أنهم لا ينكرون على الرئيس إيمانه وقناعاته بما يدعو إليه، ولا ينكرون ذكاءه الوقاد وطموحه الخلاق ومبادراته الجادة.لكن السؤال الصعب والذي تبدو الإجابة عليه أكثر صعوبة: هل فعلا يمكن للنظام الأميركي الذي أنتج رئيساً مثل جورج دبليو بوش وأمثاله، أن يسمح لأوباما بتغيير الولايات المتحدة؟ بعبارة أخرى: هل أميركا قادرة الآن على التغيير الذي يدعو إليه أوباما وفريقه من المفكرين والنشطاء في الحزب الديمقراطي؟ لنأخذ مثلا يحتج به المتشائمون في دعواهم بأن تغيير الولايات المتحدة أصعب وأعقد من قدرة الإدارة الديمقراطية والأحلام المشروعة لأوباما من بعض خطواته السياسية في منطقتنا التي يسمونها الشرق الأوسط وقضيته التي هي قضية صراع العرب ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. فقبل أيام أصدر أوباما تصريحاً بنفسه دعا فيه إسرائيل للكف عن معاملاتها غير المقبولة للفلسطينيين-الأميركيين الذين يقومون بزيارة أهلهم في الضفة وغزة. ودعا أوباما، بعبارات واضحة، إسرائيلَ إلى الكف عن هذه السياسة غير المقبولة. وقد تابعت في الصحافة وأجهزة الإعلام الأميركية ردود الفعل على ذلك «التصريح -الإنذار» الذي وجهه أوباما للدولة العبرية، ولم تكن مفاجأة لي ولكل من يعلم مدى نفوذ اللوبي الإسرائيلي في أجهزة الإعلام، أن وجدته قد «ضاع» وسط ركام أخبار الفضائح والجرائم التي تزخر بها أجهزة الإعلام الأميركية هذه الأيام، إذ تجاهلته في أكثرها تجاهلا تاماً. من هنا وجدت العذر لبعض «المتشائمين» من استحالة التغيير، مهما كانت نوايا الرئيس وإدارته صادقة وجادة. وهناك مثال آخر؛ عندما طالب الرئيس أوباما ودعا فعلا إلى كشف ملف انتهاكات حقوق المساجين والمعتقلين على أيدي الاستخبارات الأميركية، وفتح الملف فعلا، لكن كل ما تمخض عنه هو التحقيق مع بعض صغار موظفي الاستخبارات الذين هم مجرد «مأمورين» من السلطة العليا، وقد قاموا بما قاموا به، ليس بعلمها فقط بل وبتحريض منها كذلك. إلا أني رغم كل ذلك، ما زلت مع بعض المتفائلين بأن الإدارة الديمقراطية الجديدة ستنجز «بعض» ما وعدت به الشعب الأميركي والعالم. وفي شهر سبتمبر الجاري سنرى إلى أي مدى ستصمد الإدارة وتدافع عن خطتها التي تعمل الآن لعرضها على الأمم المتحدة لدفع إسرائيل نحو التفاوض وتحقيق قيام الدولة الفلسطينية كما وعدت بها واشنطن منذ عام 2001... لكنه موضوع مقال آخر. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©