الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتزان المراهق نفسياً يتوقف على علاقته بوالديه أولاً

اتزان المراهق نفسياً يتوقف على علاقته بوالديه أولاً
16 مايو 2010 22:36
تتشكل صورة علاقة الأبناء بالوالدين وفق الأطر التي تحدد معالم هذه العلاقة، فنجد ميل بعض الأطفال الذكور للتعلق بالأم دون الأب، أو ميل الأنثى ناحية الأب، وتبادله مشاعر الحب والود والتفاهم أكثر من الأهم. قد تبدو هذه الصور بسيطة للوهلة الأولى، ولكن مع تقدم الأبناء في العمر يكتشف أحد الوالدين أن علاقته بابنه أو ابنته، قد انهارت فيها معايير الود والثقة والتفاهم الإيجابي التي تنشأ في الأساس نتيجة الاحساس بالأمان مع الأب أو الأم. فالفتاة في جميع مراحلها العمرية تتأثر بوالدتها، وتحاكيها في كل شيء، وتعتبرها مرجعيتها الأولى في جميع شؤون حياتها، وخصوصياتها، وفي مرحلة المراهقة بوجه خاص نظراً لحساسيتها، وطبيعتها الخاصة والحرجة، وكثيراً ما تكون هذه العلاقة حذرة، ومتوازنة، وتدرك الأم خطورة هذه المرحلة التي تمر بها الفتاة دون أن تشعرها بذلك أو تسبب لها أي توتر، أو عناء، أو انحراف عن الطريق الصحيح. الأمر ذاته لا يقل أهمية بالنسبة للمراهق الفتى، وحاجته الشديدة إلى أب قدوة، يفهمه، ويتفهم دوافعه وحاجاته وانفعالاته، ونجاح المراهق في اجتياز هذه الفترة بسلام وتوافق يتوقف إلى حد كبير على علاقته بوالده في هذه الفترة. ولكن ماذا يكون عليه الحال في حالة تعلق الولد بأمه، والبنت بأبيها؟ ولماذا نرى كثيراً من حالات التمرد والعصيان بين الفتاة المراهقة وأمها؟ وهل مشاعر حب الأم لابنتها كافية وحدها لإقامة علاقة إيجابية بين الطرفين؟ إن التفاعلات بين الآباء والأمهات من جانب والأبناء من جانب آخر، لها أهميتها في جميع مراحل نمو الأبناء عبر سني تنشئتهم الاجتماعية، فالطفل في سنواته الأولى يكتسب الكثير من الخبرات الحياتية التي تساعده على النمو والنضج السليمين، فإن نشأ الطفل في جو عائلي خال من المشاكل، ويقوم على مشاعر الحب، والعطف، الحنان، والطمأنينة، وجو يسوده المودة والإخاء والصراحة بين أفراد الأسرة، استطاع أن ينمو نمواً صحيحاً وسليماً. فالأبناء في حاجة ماسة إلى المحبة باعتبارها من الاحتياجات الأساسية والمهمة، وغياب وفقدان المحبة، والحنان، من شأنه أن يسبب كثيراً من الاضطرابات السلوكية والنفسية. وإذا كانت مشاعر الحب هذه فائضة وزائدة لدى الطرفين “الأب أو الأم”، من الطبيعي أن يقابلها تعلق وارتباط زائد من الطرف الآخر “الأبناء، ولكن لا يعني ذلك أن هناك خللًا في نفس أحد الوالدين، ولكن في كيفية التعبير عن حبه، في الوقت الذي يكون من الضروري الاعتماد على أسلحة أو وسائل أخرى تتسم بالحزم والشدة إن لزم الأمر، وعند الحاجة. إن ميل الفتاة ناحية الأب لا يعني في حد ذاته أنه يمتلك مميزات إيجابية إلى الحد الذي يجعلها تترك أمها وتميل إلى أبيها، لكن هذا يعود في الحقيقة إلى عدم وجود الاطمئنان الدافئ مع الأم مقارنة بالأب، فبعض الأمهات يتصفن بشدة التعامل مع البنات، بينما يكن أكثر تساهلاً مع الذكور، وربما يعود ذلك لعدد من الأسباب أهمها الإعداد الاجتماعي للعائلة حيث إن العوائل والأسر المحافظة ترى أنه بقدر ما تحدد، وتهمش البنت، يجر الولد، إلى جانب التركيبة النفسية للأم، وهذه التركيبة تتحكم في رسم طريقة التعامل التي تعتمدها الأم مع ابنتها، الأمر الذي يجعل البنت تفكر في الأب الذي تجده حضناً دافئاً لما ترغب أو تفكر فيه، مع الموازنة بينه وبين الأم. أما ما يخص الولد فنجده لو كان وحيداً في العائلة فهذا يشكل أرضية سهلة للأم لممارسة دورها معه، وهذا بالتأكيد مبني على الوعي الشخصي لكل من الولد والأم، فالولد عندما يميل للأم بهذا الشكل ليس معناه أن الأب مقصر بل إنه يجد في الأم الملاذ الذي يحقق له ما يريد لذلك انصح الوالدين بضرورة خلق توازن معين يخلق بدوره شعوراً واضحاً لدى كل من الولد والبنت للاطمئنان لكل من الأب والأم، وبالطبع لا يتحقق هذا إلا بالتوازن الذي يتخذه الوالدان، وليحرص الوالدان على التعامل مع أبنائهما بقيم ومثل ومبادئ مثل الأمانة والصدق والوفاء بالوعد والمساواة والعدل والالتزام والإيثار فهي كفيلة بإشعار الأبناء بنوع من الازدواجية في المعايير التي تسقط بالتالي صدقيتها عندهم، ليشعروا بالأمان، فقليل من الجهد والصبر والدعاء يجعل الأبناء يشبون بسلام، وتتوحد العلاقة داخل الأسرة بشكل إيجابي، وخال من أية مشاكل. تقول فاطمة محمد:”إن علاقة الابن بالأم والبنت بالأب علاقة سامية جداً وتعلق كل منهما بالآخر دلالة على الحب الزائد الذي يحمله الطفل سواء كان ذكراً أو أنثى للوالدين ولا شك أن هذه الصلة بين الأم والابن والأب والبنت لا تعدو أن تكون في إطار الأسرة فقط ومتى كبر الأبناء نجدهم تلقائياً يميل كل جنس منهم لتقليد جنسه فتتجه البنت لتقليد أمها والابن لتقليد والده في سلوكياته كلها ليصبح صورة طبق الأصل من الأب في المنزل وخارجه كما نجده يمارس دور الأب في غيابه عن البيت والبنت أيضاً تتجه لتقليد أمها في كل صغيرة وكبيرة حتى في وضع الماكياج والذهاب للأعراس النسائية وما شابه هذه الأمور.. وأنا من خلال تجربتي أجد أن الابن شديد التعلق بأمه منذ نعومة أظفاره حتى يشب كرجل وتدريجياً يبدأ في البحث عن الاستقلالية خاصة مع دخوله مرحلة المراهقة، وهذه الأمور في حد ذاتها طبيعية جداً ولا داعي مطلقاً للقلق بشأنها باعتبارها مؤقتة وغير أزلية وهذا الميل لا يؤثر حتماً في شخصية الطفل عندما يكبر ويدخل في عالمه الخاص”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©