الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

حارس المرمى لم يتحرك لأن قائده في الجيش تقدم لتسديد ضربة الجزاء!

حارس المرمى لم يتحرك لأن قائده في الجيش تقدم لتسديد ضربة الجزاء!
3 سبتمبر 2009 01:24
إنني حقاً مندهش، كيف تذكروني بعد كل هذه السنوات، وكيف جاءني التكريم أخيراً لأول مرة؟. كانت هذه كلمات عبدالله الساي أول حكم إماراتي لكرة القدم والذي طرق باب التحكيم في الستينات، أي قبل ما يقرب من نصف قرن، واعتزل عام 1979 ويعمل حالياً مستشاراً للدفاع المدني بمطار دبي الدولي برتبة عقيد. ولأنه الرائد الأول للتحكيم الإماراتي، فقد كان حديث الذكريات، هو الأكثر أهمية وإغراء لدى محاولة الاقتراب من عالمه الخاص، والتنقيب في دفتر السنوات، ولم يتسع الوقت لحديث مستفيض، لكننا التقطنا بعضاً من عبق الذكرى ورحيق الأيام الحلوة، أيام زمان. عاد عبدالله الساي إلى الوراء ما يقرب من نصف قرن وقال: لقد كانت أياماً بحق جميلة، على الرغم مما فيها من معاناة.. كان التحكيم هواية وحالة من حالات العشق الخاص، ولم يكن هناك غير القليل من الإمكانات، بل ربما لم تكن هناك إمكانات على الإطلاق، لكننا كنا نحب التحكيم، ونسعى له بكل اندفاع وحماس ونتحمل من أجله كل التبعات، وكان على الحكم أن ينفق على اللعبة دون أن يحصل منها على شيء، إلا الجانب المعنوي الذي يرضيه ويشبعه بغض النظر عن المادة.. وكنت على سبيل المثال أشتري ملابسي الرياضية، وأنفق على شراء كتب التحكيم، وكرة القدم، وأعلم نفسي بنفسي وأنفق على انتقالاتي، وكل شيء بجهود فردية شأني شأن جميع حكام هذه المرحلة. أما الآن فالفارق كبير جداً، ولم نكن نتصور وقتها أن الأيام سوف تدور، ويصبح التحكيم على هذا النحو من الرعاية والاهتمام الذي نراه الآن، حيث كل شيء قد توفر للتحكيم والحكام من حيث الأدوات والمعسكرات وتوفر وسائل التعليم والتطوير والتدريب وإتاحة الفرص للدورات الداخلية والخارجية، الأمر الذي يفتح المجال أمام الحكم للعطاء بصورة عميقة، حيث لا عقبات ولا موانع أمامه بل مناخات كلها مواتية تساعد على التقدم في خطوات سريعة للأمام. وعما كان يحصل عليه الحكم من بدلات في البدايات الأولى لمشوار التحكيم الإماراتي قال لم تكن هناك أي بدلات وكان التحكيم مجانياً وعلى الحكم أن يتولى مسؤولية نفسه وأن ينفق من جيبه على التحكيم ولم يبدأ البدل إلا عام 1973 بعد أن تم تأسيس اتحاد رسمي لكرة القدم في الدولة، وكان شيئاً بسيطاً في ذلك الوقت يتراوح بين 50 إلى 100 درهم حسب المباراة والمنطقة التي تقام فيها، من حيث بعد أو قرب المسافة. وعن الجهة التي كان يتبعها التحكيم قبل إشهار اتحاد الكرة على النحو الرسمي المعروف الآن، قال كنا تابعين لاتحاد كرة في دبي، وكان هناك اتحاد عام في أبوظبي، ولم تكن المسألة منظمة على النحو الذي نراه الآن، بل كانت اجتهادية بفضل جهود خاصة للرعيل الأول من مؤسسي اللعبة في البلاد سواء في التحكيم أو غيره وكان كل يجتهد في مجاله ويضع اللبنات الأولى بقدر ما يستطيع وبكثير من الحب والحماس والإخلاص. وعما إذا كان قد ابتعد عن التحكيم بعد الاعتزال أم استمر في اهتمامه بالمجال الذي أحبه وبذل من أجله العطاء، قال إنني لم اعتزل، ولكن حالت ظروف خاصة دون استمراري في الملاعب، وعملت بعد التوقف نائباً لرئيس لجنة الحكام في دبي، وكان رئيسها اللبناني عاطف سنان، ولما تشكل الاتحاد الإماراتي لكرة القدم تم تعييني رئيساً للجنة العامة للحكام. وعن أطرف المواقف التي يتذكرها في الزمن الجميل قال هناك الكثير جداً سأحكي منه بعض المواقف ومنها حارس المرمى الذي يعمل بالجيش ووقف انتباه أثناء ضربة جزاء دون أن يتحرك للكرة على الإطلاق لأن الذي يسدد الضربة هو قائده في العمل ولا يصح كما قالوا له، إلا أن يقف تحية لقائده عندما يراه كما علموه في القوات المسلحة! لقد كانت المباراة تجمع بين فريقين تابعين لسرايا الجيش وتوليت تحكيمها واستغربت من المشهد الذي وقع بعد أن احتسبت ضربة الجزاء وعرفت بعدها أن الحارس جندي حديث العهد بالعمل في الجيش، وأن الذي تقدم لتسديد الضربة هو النقيب الذي يعمل الجندي تحت قيادته، وانهم قالوا له إذا رأيت النقيب في كل الأحوال عليك بالوقوف انتباه لا تتحرك على الإطلاق مهما كانت الظروف، وطبق الجندي عشوائياً ما قالوه ولما توجه إليه زملاؤه يوجهون له اللوم على ما حدث ويسألون عن سبب وقوفه جامداً على هذا النحو، قال لهم هذه هي التعليمات، وبعد المباراة جاءني النقيب يضحك وقال لقد تعمدت أن أذهب لتسديد الضربة لكي أرى ما سيفعله الجندي الحارس وحدث ما توقعت. واستطرد أول حكم إمارتي في الحديث فقال هناك المزيد من الطرائف التي تصور طبيعة الفكر في ذلك الوقت منها مباراة بين فريقين قديمين في دبي أحدهما كان يسمى النجاح والآخر الوحدة، وهو بالطبع غير فريق الوحدة الحالي، وكان بين الفريقين صراع دائم وكان النجاح يتشاءم دائماً من وجودي وجاءني مسؤول بالفريق يطلب مني إدارة مباراة مع الوحدة، فاندهشت ووافقت وفاز النجاح فأخذ يحتفي بي، وجاءني لاعبو الفريق بالمطعم يهللون ويقولون وجهك بركة علينا وأنت كذا وكذا، وليس صحيحاً ما كان يعتقده البعض، وبعد نحو أسبوعين التقى الفريقان مرة أخرى، ورشحني النجاح لتحكيم المباراة، ووافقت لكن الفريق انهزم هذه المرة، ففوجئت بالكلام وقد تغير بالكامل وأخذ الفريق يسبني ويقول لقد قلنا منذ البداية أن وجهك نحس علينا! وقبل ان يودعنا منصرفاً وجه عبد الله الساي الشكر العميق إلى أصحاب هذه المبادرة واللفتة الكريمة مشيراً إلى أنها أسعدته كثيراً وأنها دافع للحكام الحاليين حيث تؤكد لهم أن أحداً لا ينسى المجتهدين وان الجهات الرسمية حريصة على تكريم كل من يبذل الجهد ويقدم العطاء
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©