السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعليم ... المهنة الأكثر نبلاً في جنوب آسيا

25 مارس 2011 22:41
رغم كل الأخبار المحبطة التي تخرج من باكستان مؤخراً، هناك تطور رئيسي واحد يعطيني الأمل والتأثر. شهد الشهر الماضي إطلاق حركة "علِّم من أجل باكستان"، التي تهدف إلى توسيع رقعة وصول الفقراء إلى نوعية جيدة من التعليم من خلال تجنيد باكستانيين شباب ذوي مؤهلات عالمية للتدريس في مدارس لا تملك الموارد الكافية لمدة سنتين. وعلى المدى البعيد، سوف يذهب هؤلاء "الزملاء" ليصبحوا قادة ناجحين في مجالات متنوعة أخرى، ولكنهم سوف يستمرون في دعم مبادرات التعليم المحلية من مراكز التأثير التي يشغلونها. قمنا في الهند بإطلاق حركة مماثلة في صيف عام 2009. حيث أصبت قبل حوالي السنتين بإلهام كافٍ من القدرة التحويلية للعمل على مستوى الجذور في مجال التعليم، لأن آتي وأنضم إلى "علّم من أجل الهند" في بومباي. إلا أن الأمر لم يكن سهلاً، فقد عنى تركي ورائي وظيفة في بنك في نيويورك تعرضي لمخاطر انعدام الأمن المالي لأعيش حياة أستاذ المدرسة المتواضعة ومحاربة المشاكل الاجتماعية ومشاكل أهالي الطلبة. ولكنني لم أكن وحيداً، فقد ألهمني 87 مثالياً آخر انضموا إليّ، تركوا جميعهم مستقبلاً عملياً مربحاً وانتقلوا إلى مكان آخر. تغيّرت نظرتي للعالم بشكل درامي، وأنا أرى بشكل مباشر التحديات الصارخة للفقر والأمية وعمالة الأطفال والإساءة والحرمان المفروض من جانب نظام هرمي اجتماعي. ذهلت من تلك الأمة المتناقضة، المبتكرة وإنما الفقيرة، والمنفتحة على العالم ولكنها طائفية بشكل محدود التفكير. واقع الأمر هو أن أكثر شرائح المجتمع الهندي والباكستاني انخفاضاً في المستوى الاجتماعي توحّدها أحزانها المشتركة. ما زال تعليم الطفل تحكمه إلى حد بعيد مكان ولادته وخلفيته الاجتماعية الاقتصادية. لو تمكن رئيس وزراء الهند السابق جواهر لال نهرو ومؤسس باكستان محمد علي جناح من رؤيتنا اليوم، بعد مرور 63 سنة على الاستقلال، فلن يصدمهما شيء أكثر من معدل الأمية بين الجماهير. وسوف يروعهما أن نصف السكان البالغين (وأكثر من نصف السكان من الإناث) لا يستطيعون القراءة والكتابة، ولا يملكون القوة لكسر دائرة الفقر والقسوة الاجتماعية. وفي الهند، لن يذهب 15 من كل 100 طفل إلى المدرسة. ومن بين الأطفال الـ 85 الذين يذهبون إلى المدرسة، سوف يخرج نصفهم قبل وصول الصف الخامس. لاشك أن التحديات عديدة ومتعددة الطبقات، فأولاً هناك صعوبة في الوصول إلى المدارس، خاصة في المناطق الريفية. وفي حالة وجود هذه المدارس فإن نوعية التعليم ضعيفة والبنية الأساسية تدعو إلى اليأس. على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجريت مؤخراً أن 55 في المئة فقط من المدارس في الهند لها مراحيض منفصلة للطلاب والطالبات، وهو سبب رئيسي يجعل أولياء الأمور يمتنعون عن إرسال بناتهم للدراسة. أما غياب المعلمين، فهو منتشر وشائع، ولا تقدّم الكتب المنهجية، وهي أدوات دعائية في يد الحكومة، سوى القليل من العلاقة في المضمون مع حياة الطالب اليومية. يحتوي التعليم هنا إلى حد بعيد على قيام المعلم بدور القارئ. ويشكّل الطلبة متلقّين لما يقوله المعلم، ويُطلَب منهم حفظ المادة وإعادة سردها. وكلما فعلوا ذلك بصورة أدق كلما اعتبروا طلبة جيدين. ولكن بينما يتم إكراه الصغار على التعلّم عن طريق الصّم، فإنهم يفقدون الوعي الناقد الذي سيحتاجونه للنجاح المهني. ومع اعتناقهم للسلبية التعليمية، فهم يتقبلون كذلك وباستعداد أكبر عدم الكمال وانعدام العدالة اللذين تفرضهما عليهم مجتمعاتهم. من ناحية أخرى، يملك القادة الصغار لحركات التعليم التحويلية هذه فرصة لتزويد الأطفال الصغار بالأدوات الأساسية للدفاع عن النفس والتمكين في آسيا المستقبل. ولنا أن نتخيل الثورة الاجتماعية الاقتصادية المحتملة، لو كان شبابنا مؤهلين بصورة أفضل للنقاش على فرص العمل المؤمّنة وللدفاع عن أنفسهم في المحاكم وفرض حقوقهم والاستفادة من التكنولوجيا والمشاركة في النشاطات السياسية بشكل ذكي. حتى في غياب التعليم بدوام كامل، هناك أساليب متنوعة لأن يكون المرء جزءاً من الحل. يعتبر وقتك ووجودك أثمن ما يمكن أن تقدمه. يسمح تطوعك في الصفوف وحديثك عن حياتك وعملك للطلبة أن يشكّلوا عقلية أوسع إدراكاً وقادرة على العمل والإبداع وخدمة المجتمع. وهم كذلك يتعلمون التواصل بشكل أكثر فاعلية ويجدون أمثلة يحتذى بها. ويمكن حتى لشيء بسيط جداً مثل التبرع بكتب قصصية مصورة ملونة وقراءتها للأطفال، وهو أمر يسهل الوصول إليه من قبل الطلبة الأغنياء، أن يكون له أثر كبير في المستقبل. وبمرور سنتين فقط على عملي كمدرس، انتهى بي الأمر أن تعلمت أكثر بكثير مما كنت أستطيع تدريسه. وآمل أن نرى في السنوات القادمة أعداداً أكبر بكثير من شباب جنوب آسيا ينضمون إلى منظمات تعليمية ويدعمونها ويعيشون تجارب عميقة مماثلة من التواضع والصمود والقيادة. راكش ماني زميل في برنامج «علِّم من أجل الهند» لعام 2009 ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©